بوادر مصالحة مصرية ـ قطرية.. والملك السعودي متفائل

يبدو أن تداعيات ترتيب البيت الخليجي، غداة قمة الرياض يوم الاحد الماضي، قد حلّت على مصر، وهو ما تبدّى يوم امس في الدعوة غير المباشرة التي وجهها الملك السعودي عبد الله الى القيادة المصرية للمصالحة مع قطر، وهي دعوة سارعت الرئاسة المصرية الى الرد عليها إيجاباً.

ولعلّ الدعوة السعودية والرد المصري الإيجابي السريع يثيران تساؤلات بشأن الخيارات التي سينتهجها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، سواء في ما يتعلق بتطبيع العلاقات مع قطر، الإمارة النفطية التي استثمرت اموالها في مشروع «الاسلام السياسي»، بما يترتب على ذلك من آثار إيجابية قد تفضي إلى تسويات لبعض النزاعات الاقليمية، او في تحصين الجبهة الداخلية سواء من خلال إنهاء العداء القائم بين الحكومة المصرية و«الإخوان المسلمين» المدعومة قطرياً، أو من خلال تعميق عزلتهم، وكذلك في دعم الاقتصاد المصري الذي يواجه مصاعب كبيرة منذ «ثورة 25 يناير».
وقال الملك السعودي، في بيان صادر عن الديوان الملكي، «نحمد الله العلي القدير الذي منَّ علينا وعلى أشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر في الوصول إلى اتفاق الرياض التكميلي… والذي حرصنا فيه وإخواني أصحاب الجلالة والسمو على أن يكون مُنهياً لكل أسباب الخلافات الطارئة، وأن يكون إيذاناً لبدء صفحة جديدة لدفع مسيرة العمل المشترك، ليس لمصلحة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فحسب بل لمصلحة شعوب أمتنا العربية والإسلامية، والتي تقتضي مصالحها العليا أن تكون وسائل الإعلام معينة لها لتحقيق الخير ودافعة للشر».

وأضاف الملك «حرصنا في هذا الاتفاق على وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق ونبذ الخلاف في مواجهة التحديات التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية».
وتابع «ارتباطاً بالدور الكبير الذي تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فقد حرصنا في هذا الاتفاق، وأكدنا، على وقوفنا جميعاً إلى جانبها، وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء. ومن هذا المنطلق، فإنني أناشد مصر شعباً وقيادة السعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي، كما عهدناها دائماً عوناً وداعمةً لجهود العمل العربي المشترك».
الرد المصري على الدعوة السعودية لم يتأخر كثيراً، إذ أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً رحبت فيه بما جاء في بيان الملك عبدالله، معربة عن «ثقتها الكاملة في حكمة الرأي وصواب الرؤية لخادم الحرمين الشريفين»، ومؤكدة انها «تثمن غالياً جهوده الدؤوبة والمقدرة التي يبذلها لمصلحة الأمتين العربية والإسلامية، ومواقفه الداعمة والمشرفة إزاء مصر وشعبها».
البيان السعودي والرد المصري السريع قد يمثلان بداية مرحلة جديدة في العلاقات المصرية القطرية. وعلى أقل تقدير، قد يكون ذلك منطلقاً لإنهاء الأزمة في العلاقات المصرية ـ القطرية، والتي بدأت في الثلاثين من حزيران العام 2013، خصوصاً أن البيان الرئاسي تضمن توصية واضحة لقادة الرأي والفكر والإعلام العربي باتخاذ «منحى إيجابي جدي وبنَّاء لدعم وتعزيز وترسيخ هذا الاتفاق، وتوفير المناخ الملائم لرأب الصدع ونبذ الفرقة والانقسام»، في مؤشر الى هدنة إعلامية تسهم في تخفيف حدة التوتر.
على الجانب الرسمي، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي الإدلاء بأي تصريحات حول البيان قائلا لـ«السفير»: «لن نعلق على بيان رئاسة الجمهورية».
لكن سفير مصر الأسبق في لندن محمد شاكر رأى، في حديث إلى «السفير»، أن «التفاهم العربي ضروري جداً في هذه المرحلة، وما دامت الفرصة سانحة لتحسين الأجواء فيجب الاستفادة منها».
وأضاف شاكر «إذا كانت قطر مستعدة للتعايش مع المنطقة ومصر، فهذا أمر إيجابي ويمكن البناء عليه. والخطوة المقبلة أن تطرح قطر مبادرة لطي الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة».
وتابع «إذا مدت قطر يدها لمصر، فسيُرحب بها بالتأكيد، أما المسائل المتعلقة بالحملات الإعلامية ودعم الإرهاب فيمكن معالجتها إذا توافرت النيات الحسنة».
بدوره، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية ومندوب مصر الأسبق لدى جامعة الدول العربية هاني خلاف لـ«السفير» إنه «يمكن اعتبار ما حدث بداية لحلحلة المواقف، ويجب أن تلي ذلك خطوات أخرى».
وأشار الى أن «الاتفاق أصلاً كان متعلقاً بالعلاقات الخليجية القطرية، ولكن في الجزء المتعلق بالخطر الذي تواجهه المنطقة ككل، كان يجب أن تتم تسوية مع مصر، وكان يجب أن تصل رسالة إيجابية لمصر وترد عليها».
وأضاف أن «الخلافات تحتاج إلى حوار مباشر، وأعتقد أن الملك السعودي يمكن أن يستضيف الطرفين في المملكة لمناقشة تلك التفاصيل».
وشرح خلاف تلك التفاصيل قائلا «من جانب قطر، هناك استضافتها للقوى المناوئة للنظام على أراضيها ودعمها، وكذلك الحملات الإعلامية ضد مصر، وإقحام نفسها بالشأن الليبي بما يعقد الموقف هناك»، مشيراً إلى ان «هذه الملفات الثلاثة يتوجب على قطر حلها».
وتابع «على مصر كذلك القيام بلفتات إيجابية، من قبيل إعادة السفير المصري إلى الدوحة، وحل مشكلة من وجهت إليهم تهمة التخابر مع قطر، وكذلك وقف الحملات الإعلامية ضد قطر. وهذه النقطة الأخيرة كانت واضحة في بيان الرئاسة. كما أنه من الممكن منح قطر الفرصة في مؤتمر مصر الاقتصادي وإعادة الدفء للجان المشتركة، وإذا كانت هناك دلائل على تمويل قطري للإرهاب، فيجب طرحها بشكل مباشر».
ويرى خلاف أن هذه الخطوة ستزيد من عزلة الإخوان المسلمين، الذين سيفقدون مصادر وأدوات الدعم واحدة تلو الأخرى.

السابق
كرة القدم بين التطور والاتجاه لدخول الاحتراف
التالي
عملية كنيس القدس: نعم… فيها بذور ارهابية (3/3)