اليوم العالمي للمرحاض

صادف يوم أمس، وللمرة الثانية بعد إحيائه العام الماضي في التاريخ ذاته، «اليوم العالمي للمرحاض»، وهو ليس يوماً معداً للتهكم أو للسخرية، أو للامبالاة، إذا ما سمحت الفرصة للكثيرين بالإطلاع على أرقام مخيفة، وعلى أوضاع إنسانية وصحية صعبة يعيشها سكان مناطق أو دول، بعضها يتباهى بالمنافسة الاقتصادية العالمية، وحتى بالسعي لغزو الفضاء.

واعترفت منظمة الأمم المتحدة بـ«اليوم العالمي للمرحاض» في 19 تشرين الثاني من كل عام، وهو اليوم الذي تأسست فيه أيضاً «المنظمة العالمية للمرحاض» في العام 2001. ولكن ماذا يعني هذا اليوم بالنسبة للصحة والنظافة العامة، والدعوة لزيادة نسبة الاهتمام بالسلامة والصحة الشخصية.
ووفقاً للتقرير السنوي الذي أصدرته «المنظمة العالمية للمرحاض» في العام الماضي، فإن «35 في المئة من سكان العالم، أو 2,5 مليار شخص، «لا يزالون غير قادرين على الوصول إلى مرحاض»، أما بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية، فإن «مليار شخص، أو 14 في المئة من سكان العالم، لا يزالون يقضون حاجتهم في الهواء الطلق»، وهو أمر من الممكن أن يتسبب في نقل 50 مرضاً، ومليون نوع من البكتيريا، وعشرة ملايين نوع من الفيروسات.
ومن الأضرار الناجمة عن هذا الواقع الذي يعد مأساوياً بالنسبة إلى الكثيرين، بالرغم من أن بعض المجتمعات تعتبره جزءاً من «العادات المتوارثة»، تبرز خطورة الإصابة بالإسهال، الذي من الممكن أن يحصل في ظل غياب المرحاض. ووفقاً لمركز «السيطرة على الأمراض» الأميركي، فإن «حوالي 2200 طفل يموتون كل يوم في العالم بسبب الإسهال»، أي أكثر من وفاتهم بسبب مرض الإيدز، أو الملاريا. وعلى موقع المنظمة أيضاً، من الممكن قراءة أن «دولاراً واحداً مستثمراً لمحاربة الإسهال قد يعود بالفائدة من خلال تعويض 25 دولارا»، و أن «88 في المئة من أسباب الوفيات بالإسهال تعود إلى المياه الملوثة، وغياب النظافة».
ولكن أين يعيش أولئك الذين لا يملكون مرحاضاً؟ النسبة الأكبر منهم تعيش في الهند، إذ إن 818 مليون شخص، أو 65 في المئة من السكان، لا يحصلون على خدمة لائقة في هذا الشأن، تليها الصين، ثم أندونيسيا، فنيجيريا وباكستان وبنغلادش، ثم إثيوبيا والكونغو والبرازيل، وتنزانيا وكينيا، وأخيراً السودان والفيليبين وفيتنام وغانا والنيبال.
وفي هذا الشأن، يقول بروس غوردون، المسؤول في منظمة الصحة العالمية، إنه «إذا لم يستثمر الناس في مجال الصرف الصحي، فالتكاليف ستكون مذهلة وستكون الصحة مشكلة أكبر»، مشيراً إلى أنه « يتعين بذل جهود استثنائية الآن مع تلك الجيوب المتبقية من الناس الذين لا يتاح لهم المياه والصرف الصحي».
من جهتها، تعتبر «منظمة الصحة العالمية» أن «عدم كفاية إمدادات المياه والصرف الصحي تؤدي إلى خسائر اقتصادية سنوية قدرها 260 مليار دولار».
وذكر تقرير نشرته المنظمة الأممية ووكالة الأمم المتحدة للمياه بمناسبة «اليوم العالمي للمرحاض» أنه «على الرغم من المساعدات المالية لهذا القطاع، هناك 1,8 مليار شخص يتعرضون لمياه ملوثة»، علماً أن «معظم هذه التمويلات تتجه نحو الاستثمار في المياه، فيما يذهب الربع فقط نحو الصرف الصحي، بينما تهمل في الغالب المناطق الريفية».
وتوفرت المياه النظيفة لأكثر من ملياري شخص خلال العقدين الماضيين، حيث تمكن مليارا شخص تقريبا من الحصول على خدمات الصرف الصحي المحسنة خلال الفترة ذاتها.
وقال التقرير إنه بفضل هذه المكاسب انخفض عدد الأطفال الذين يموتون بسبب أمراض الإسهال من 1,5 مليون في عام 1990 إلى ما يزيد قليلا على 600 ألف في العام 2012. لكن عدم كفاية التمويل والتخطيط يعني أن الهدف الإنمائي للألفية المتمثل في خفض نسبة السكان الذين لا تتاح لهم المراحيض بواقع النصف بحلول العام 2015 لن يتحقق.

السابق
اقتراح بري جدّي، فماذا يعني بالأرقام؟
التالي
المولوي يتوعّد «نعل ريفي» و«العملاء»