ديـر الاحمـر تغلي على وقع جريمة «بتدعي»

دير الاحمر

يبدو ان الارهاب الذي يضرب المنطقة ويُخلّف وراءه ضحايا ابرياء ويُهجّر الالاف من منازلهم موجود في لبنان منذ عقود، وتحديداً في منطقة البقاع الشمالي بسبب غياب الدولة. فكما تدخل “داعش” المناطق للسيطرة عليها بقوة السلاح هكذا دخل مسلّحون فارّون من وجه العدالة حرمة منزل آل فخري في بتدعي-دير الاحمر فقتلوا ربّة المنزل نديمة فخري وزوجها صبحي (الذي توفي فجر اليوم متأثراً بجروحه) وابنهما روميو الذي لا يزال يُعالج في مستشفى دار الامل الجامعي.

اجواء من الغضب والحزن الشديدين سيطرا على بتدعي ودير الاحمر بسبب الفاجعة وتحاول فاعليات المنطقة احتواءه بدعوة الدولة لالقاء القبض على الفاعلين.

بيان آل جعفر: وبعد الاعتصام الذي نفّذه اهالي منطقة دير الاحمر على طريق دير الاحمر-ايعات امس استنكاراً للجريمة ولمطالبة الدولة بالتحرّك لالقاء القبض على المجرمين وانزال اشد العقوبات بهم، عقدت عشيرة آل جعفر في دار الواسعة والشراونة اجتماعا في الشراونة في منزل ابو حاتم جعفر اسفت في بيان اصدرته لاستشهاد السيدة نديمة فخري وزوجها صبحي فخري، متمنين “الشفاء العاجل لروميو”.

ومما جاء في البيان “كنا قد آلينا على انفسنا عدم الردّ احتراما لمشاعر اهلنا آل فخري لكن حتى لا تستغل الحادثة سياسيا، كما جرت العادة، نورد بعض الملاحظات. لقد دأبت بعض المنابر الإعلامية المعروفة بشق صفوف اللبنانيين على إذكاء نار الفتنة الطائفية التي لطالما حرص آل جعفر خلال الحرب الأهلية على نبذها من خلال الوقوف الى جانب جيرانهم وإخوانهم التي يعرفونها حق المعرفة، كما اوصى الإمام السيد موسى الصدر عندما قال “من يطلق رصاصة على دير الأحمر والجوار كأنه يطلقها على عباءتي”، وسنتابع المسيرة بهذه الوصية إن شاء الله، وكنا خط الدفاع الأول في وجه المخاطر التي يتعرّضون لها”.

اضاف المجتمعون “كما ان اهلنا آل فخري يعرفون ان دخول آل جعفر احد المنازل، كان بغرض طلب الحماية والمساعدة كونهم على معرفة من عشرات السنين من ابنائها فحصل تدافع داخل البيت وبدأ إطلاق النار من اكثر من جهة ما ادى الى استشهاد اخوة اعزاء، وهذه الخسارة هي خسارة لنا جميعا، كما نعزي اهلنا الكرام في بتدعي نعزي انفسنا ونطلب من القضاء العسكري متابعة مجريات ما حدث”.

“ازدواجية”: وفي ما يُشبه الازدواجية في المواقف، اوضح زعيم عشيرة آل جعفر ياسين علي جعفر نجل النائب الرحل علي حمد جعفر في حديث صحافي ان “ما حصل في البقاع يُشكّل كارثة على جميع ابناء المنطقة”، وعزا نشاط هذه العصابة المطلوبة للقضاء والعدالة في حي الشراونة ودار الواسعة واماكن اخرى الى “اعمال الفوضى وعدم التفات الدولة والحكومات المتعاقبة الى هذه المنطقة والاهتمام بأهلها”، متّهماً تكتل نواب بعلبك.- الهرمل بـ “التقصير وعدم السهر على مصلحة اهلنا”.

وقال “نحن في العشيرة نقول للرأي العام وكل من يعنيه الامر اننا نرفع الغطاء عن المطلوبين من آل جعفر وسواهم من العائلات الاخرى. ونحن نعيش مع اهلنا في بلدات دير الاحمر وكل البقاع بوئام ومحبة وجرحهم جرحنا، لاننا نعيش المعاناة عينها”.

اجتماع نوّاب البقاع: وعلى خط معالجة ذيول وتداعيات هذه الكارثة، عقدت كتلة نواب بعلبك الهرمل اجتماعاً استثنائياً لمتابعة مجريات جريمة بتدعي. وعلمت “المركزية” ان “الكتلة ستصدر بياناً تدعو فيه آل جعفر الى تسليم المسلّحين درءاً للفتنة في منطقة البقاع الشمالي.

المونسنيور رحمه: وفي هذا السياق، رفض النائب الاسقفي العام المونسنيور حنا رحمه في اتصال مع “المركزية” بيان عشيرة آل جعفر، واصفاً اياه ببيان “التعمية وكأنهم يقتلون القتيل مرتين”، وقال “هذا البيان لا يصبّ في خانة “السلام”، ومطالباً آل جعفر “بتسليم المجرمين الى العدالة والا فنحن ذاهبون الى الاسوأ”.

وقال “الكل يعلم تفاصيل الجريمة، المسلّحون كانوا يحاولون سرقة سيارة مختار بلدة بتدعي لكنهم عدلوا عن ذلك بالقول “هيدي ما بتوصّلنا” فلجأوا الى منزل آل فخري فأطلقوا النار اولاً في اتجاه السيدة نديمة فخري قبل ان يصل اولادها فوجدوها مُضرّجة بالدماء فسألوا المسلّحين لماذا فعلتم ذلك، فاطلقوا النار مجدداً في اتجاههم فسقط والدهم صبحي ارضاً محاولاً حماية اولاده”.

اضاف “ليتواضع آل جعفر ويكفيهم تعاليا. الاخلاق الحميدة والمزايا الطيّبة التي يتمتّع بها اهل البقاع مفقودة عند بعضهم. نتمنى عليهم الا يغطّوا المجرمين والا يبرروا جريمتهم بل ان يسلّموهم الى العدالة.

واكد رداً على سؤال اننا “لا نستطيع ضمان شبابنا”، لكنه تمنى عليهم في المقابل ان “يتحلّوا بالحكمة والتروي والا يتعرّضوا لاي انسان بريء من هذه الجريمة”، ولفت الى اننا “في نهاية المطاف نحن مسيحيون نتحلّى بالايمان، لذلك علينا ان نُعلّم الناس العدالة والعقلانية”.

واذ دعا اهالي دير الاحمر وبتدعي الى “ضبط اعصابهم”، اوضح ان “ما يهمّنا ان يُسلّم المجرمون الى العدالة والا فنحن لا نستطيع ضبط شبابنا، وعشائر المنطقة تعلم ماذا يعني هذا”، وشدد على اننا “في امسّ الحاجة للنظر بعيداً”.

واعلن المونسنيور رحمه اننا “نعوّل على اخوتنا الشيعة في منطقة البقاع الشمالي اضافة الى الاحزاب والفاعليات والنواب”، واكد ان “اخواننا الشيعة يعلمون اننا اخوة في في البقاع الشمالي وعلينا ان نعيش سوية”، مجدداً رفضه ان “تشوّه اقلية من المجرمين هوية البقاع الشمالي”، وداعياً “ابناء البقاع الشمالي من شيعة وسنّة ومسيحيين ان يقفوا موقفاً تاريخياً برفع الغطاء عن هؤلاء المجرمين”.

وختم “البقاع الشمالي مثال التعايش والوحدة والامن والسلام، لذلك نتمنى على اخواننا المسلمين الا يغطّوا المجرمين”.

رئيس البلدية: وفي هذا الاطار ايضاً، اكد رئيس اتحاد بلديات دير الاحمر ميلاد العاقوري في تصريح اننا “نحاول السيطرة على الاحتقان باللجوء الى الحكمة والتريّث”، مؤكداً ان “القبض على الفاعلين يُريح الجميع”.

واستغرب بيان عشيرة آل جعفر الذي تضمّن كثيراً من المغالطات”.

جعجع: رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قال في تصريح تعليقاً على جريمة بتدعي “ليست المرّة الاولى التي نواجه فيها صعوبات ومآسي وكوارث كبيرة. اليوم وقعت كارثة كبيرة في بتدعي استشهد على اثرها صبحي فخري وزوجته نديمة وجرح ابنهما الذي لا يزال يتلقى العلاج في المستشفى. لقد تمّت مهاجمة هذه العائلة على ايدي مجرمين هاربين من وجه العدالة ارادوا اضافة جريمة اخرى على سجّلهم الحافل بالجرائم”.

ووجّه كلمة الى ابناء دير الاحمر وبتدعي جاء فيها “مهما طال الزمن المجرمون سيُساقون الى العدالة”، وكشف عن اتصالات اجراها مع كبار المسؤولين في الدولة على رأسهم قائد الجيش العماد جان قهوجي اكدوا فيها انهم مصممون على ملاحقة المجرمين حتى النهاية”.

اضاف “هؤلاء المجرمون ذكّروني بـ “داعش”.

ودعا جعجع اهالي دير الاحمر وبتدعي للمحافظة على هدوئهم وعلى السلم الاهلي والا يقوموا باي عمل يُخلّ بالامن. فاذا كان للشرّ جولة فاللخير والقانون والعدالة والحق الف جولة”.

واذ اسف لبيان آل جعفر لانه “يُجافي الحقيقة والطريقة التي يتصرّف بها عشائر البقاع”، تمنّى “لو انه كان هناك حدّ ادنى من الوقوف على خاطر اهل الضحايا وابناء المنطقة”، ومطالباً المدّعي العام في البقاع اعتبار بيان آل جعفر بمثابة إخبار، لان بعض الناس قرروا الوقوف الى جانب المجرمين وقطاع الطرق”.

وختم جعجع “ادعو اهالي منطقة دير الاحمر الى الهدوء، وأعدهم من خلال اتصالاتنا مع المسؤولين في الدولة بملاحقة المجرمين وسوقهم امام العدالة”.

السابق
درباس: مؤتمـر جنيف خاص باعـادة التوطين
التالي
واشنطن بوست: احتمال تمديد مفاوضات «النووي»