حمادة من لاهاي: السوريون لم يحترموا ايا من بنود الطائف

مروان حمادة

استنأفت غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الدولية، عند الثانية من بعد الظهر، الاستماع الى الشاهد مروان حمادة.

وقال حمادة ردا على سؤال عن قوله بان الغاية الاساسية للطائف هي وقف للحرب وهل كانت الرغبة اكيدة في ما يتعلق بالوجود السوري، وهل كان يشكل تهديدا جديا على الوجود السوري: “الاتفاق كان خطوة اولى باتجاه تخفيف الوطأة السورية على لبنان، تزامنا مع وقف الحرب الاهلية التي كان يستفيد منها كل الاطراف على الصعيد لقد عشنا جزءا من حرب باردة على الارض اللبنانية، وكان خطوة لانسحاب كل القوى الاجنبية طالما ان الاحتلال السوري ما زال قائما. لم نكن نضع في المساواة الاحتلال الاسرائيلي مع الوجود السوري. كنا نعتبر ان الاسرائيلي هو عدو محتل والسوري مساعدا على استعادة لبنان سيادته. واخذ البحث حول الشق العسكري وقتا طويلا بين الرئيس الراحل حافظ الاسد وبين وزير خارجية المملكة السعودية الامير سعود الفيصل وبين السيد الاخضر لابراهيمي الذي كان منوطا بالموضوع اللبناني. ان اصرار الاسد على عدم حسم الانسحاب الفوري بحجة الاحتلال الاسرائيلي كان سببا وجيها اتخذناه لتقسيم تنفيذ الطائف الى مرحلتين، المرحلة الاولى اعادة انتشار الجيش السوري مع الابقاء على مثلث حمانا المديرج عين دارة. كان الاسد يريد ان يبقي عينا على الجبل الماروني وعينا على الدرزي متحججا بمنع التقسيم. كان هذا المثلث سيبقيه حاكما وحكما بين الاطراف اللبنانية وكانت تلال جبل لبنان استراتيجيية للرادارات.

واضاف: “كان هناك جو معاد لهذا الوجود خصوصا في جبل لبنان. ومن الطرف الآخر كان الاشراف على العاصمة وما يستتبع ذلك من وجود للمخابرات في غير مكان بلا مبالاة بهذه الترتيبات.

وشرح حمادة مهام رئيس الجمهورية وكذلك رئيس مجلس الوزراء حسب وثيقة الوفاق الوطني واعتماد المناصفة في مجلس الوزراء وعدم الحق في تصويت الرئيس منعا لضرب المناصفة، لافتا الى ان تشكيل الحكومة يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية.
كاميرون: هل يتعين على الوزير ان يكون عضوا في مجلس النواب كي يعين الحكومة؟
حمادة: لا الامر مختلف عن بريطانيا، اما ان يكون الوزير عضوا في البرلمان او يتم تعيينه من خارج البرلمان.

وردا على سؤال عن فقرة بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية والهدف منها: قال حمادة: “كان لبنان قبل الطائف مقسما الى مناطق نفوذ سياسية وعسكرية وحتى اقتصادية بين ميليشيات وكانت الحكومة او شبه الحكومة تعارض اتفاق الطائف وتحاول ان تمنعه..”.

اضاف: “بند السيادة استطيع ان اتحدث عنه لاني كنت عضوا في حكومة الوفاق الوطني وعضوا في الفريق الوزاري المثلث المكلف حل الميلشيات وجمع سلاحها. ان حكومة الوفاق الوطني كان مناطا بها وضع خطة مدتها سنة لحل الميليشيات. نحن اليوم بعد عقود من الطائف، تتحدث حكوماتنا عن خطط امنية لم تطبق خلال سنة ولا خلال عشرين سنة تؤمن حل الميلشيات”.

وتابع: وضعت محاضر عن الخطة الامنية وكذلك طاولات الحوار اتخذت قرارات مع اطراف محددة من كل الطوائف تقول ببسط سيادة الدولة وبحل الميليشيات غير اللبنانية وكان هناك اتفاق بحل الميليشيات الفلسطينية خارج المخيمات باعتبار داخلها قوة محافظة على الامن بين الفلسطينيين بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

في موضوع الميليشيات بدأ حل ميليشيات التقدمي الاشتراكي والجيش الشعبي والقوات اللبنانية وهي القوى المسيحية الاساسية وميليشيا حركة امل التي كان يتراسها الرئيس نبيه بري وجمعنا اسلحتهم واعيدت الى الجيش او الى مصادرها ان الى سوريا وحتى الى روسيا وبقيت ميلشيا “حزب الله” ويومها كان الاتفاق على انه طالما هناك احتلال في الجنوب كان لا بد ان يعترف باستمرار المقاومة اللبنانية الى جانب الجيش اللبناني حتى تطبيق القرار 425 وبالتالي غضضنا النظر بكل طيبة عن المقاومة التي كانت تقوم بعمل مقاوم مشكور في جنوب لبنان وهذا البند في الطائف لا يزال موضع نقاش وربما تفجير وربما يكون سببا وانتم ستبرهنون انه على ارتباط بجرائم طالت بعض المسؤولين”.

وتابع: “في العام 2000 انسحبت القوات الاسرائيلية، وتم مع الامم المتحدة رسم خط ازرق، وعدنا الى الحدود التي كانت تقريبا حدود اتفاقية هدنة 49. عند هذا الفاصل بدأت في لبنان تظهر مطالبة تدريجية بانه طالما انسحبت قوات العدو لا بد من انتظام الاطراف كلها لبنود اتفاق الطائف في ان تقوم سوريا مشكورة بالانسحاب الى حدودها التي كانت خلال سنتين، فيما كنا بلغنا 10 سنوات وان يندمج حزب الله في الجيش كما فعلت بقية التنظيمات وأعيد السلاح الى الجيش، وان نخطو خطوة اضافية نحو الاستقلال الناجز خارجيا من العدو الاسرائيلي وبتنظيم العلاقة الاخوية مع سوريا وببسط سلطة الدولة على الارض اللبنانية وكان من المفترض ان ينتشر الجيش اللبناني نحو الجنوب ولم يسمح له رغم الانسحاب باعتبار ان الانسحاب غير كامل بسبب معضلة مزارع شبعا التي ان كانت لبنانية علينا استعادتها وان كانت سورية تعاد الى سوريا. هنا بدأ الاحتدام”.
راي: هذه لمحة تاريخية مثيرة للاهتمام. ما مساحة مزارع شبعا؟

حمادة: بعض المئات المربعة وهي في منطقة جبل الشيخ احتلتها اسرائيل عام 67 بعد ان انتزعتها من القوات السورية.

وسأل كاميرون عن بسط السيادة اللبنانية، فقال حمادة: “كان الهدف ترجمة اتفاق الطائف بشكل فعلي، تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية، فانتخب رئيسان، بعد اغتيال احدهم وكان من المفترض وضع خطة امنية لبسط سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية، وصدقنا كل هذه الشروط عن الجانب اللبناني ولم يحترم الجانب السوري اي بند وفقا لذرائع مختلفة. كنت عضوا في الحكومة وكان نقاش دائم حول حدود تدخل سوريا بنطاق واسع او محدد لتحقيق الوفاق الوطني بين اللبنانيين، ومن ثم يغادرون لبنان. لماذا اتحدث عن هذه الفترة، لان هذه هي قواعد النزاع وبرأيي أدت الى اغتيال الرئيس الحريري واعتقد ان هذا الموضوع له صلة بالاغتيال”.
كاميرون: فقرة العلاقات اللبنانية السورية فقرة تحدد العلاقة بين البلدين والتعاون بما يحقق مصلحة البلدين في اطار استقلال كل منهما هل كانت الامور تسير على هذا المنحى؟

حمادة: كنت آنذاك وزيرا للاقتصاد ثم وزيرا للصحة في الحكومات المتتالية وعقدت مع الوزارء السوريين اتفاقات صحية واقتصادية لتخفيف الاعباء الجمركية عن البلدين.
كنا نتحدث عن العلاقات عن بلدين شقيقين، لكن الهوة كانت، انا كنت في دمشق في ايار 1991 في حكومة عمر كرامي وكنت موجودا كوزير للاقتصاد عند توقيع اتفاق التعاون وكان بالنسبة لنا ليس الاندماج في النظام السوري بل اعطاء سوريا شيئا من الاوكسجين اللبناني تحت سيادة البلدين.

واشار كاميرون الى وثيقة البينة 306 والتوقيع على معاهدة الاخوة في دمشق في 22 ايار 90، بعد الطائف، وكان الموقعان الاساسيان الياس الهرواي عن الجمهورية اللبنانية وحافظ الاسد عن الجمهورية السورية. وسأل: هل انت بصفتك وزيرا في تلك الحقبة كان لك دور في تلك المناقشات التي ادت الر المعاهدة؟

اجاب حمادة: رئيس الوزراء آنذاك لم يكن رفيق الحريري بل عمر كرامي. الحريري ورث هذه المعاهدة، وكنا جزءا من حكومة الوحدة الوطنية التي نص عليها الطائف. شاركنا في صياغة هذه الوثيقة وكوني وزير اقتصاد انذاك كنت اعتقد ولا ازال اعتقد انه ما ان تعود سوريا الى الحياة الطبيعية يجب ان تكون العلاقات السورية اللبنانية ممتازة. كنا نناقش مع نظرائنا السوريين وتحديدا الوزير العمري في تطوير الآليات لتطبيق هذه المعاهدة. نحن لم نعلق على صياغة هذا النص بل على تطبيق النواحي الايجابية. وكان من الفترض ذلك لو تعامل الطرفان بالتساوي. لقد تعامل احد الطرفين كقوة فائقة في الامور العسكرية والامنية، كان طرف واحد بيد السوريين وعملائهم ووكلائهم وحلفائهم في لبنان”.

اضاف: “كنت وزيرا للاقتصاد والتجارة ولكن لم اكن موجودا في صياغة المعاهدة، وافقت على مناقشة الامر الاقتصادي وتطوير العلاقات وكان امر طبيعيا وهذا من اهم الامور التي يجب ان يسعى اليها كل من البلدين. انا ناقشت الفقرات المتعلقة بالجانب الاقتصادي ولاحقا تطبيقا كاملا. كنت موجودا عند التوقيع على المعاهدة مع الرئيس الياس الهراوي والرئيس عمر كرامي من جهة ومع الرئيس حافظ الاسد من اسد.

وأشار حمادة الى ان التوقيع كان في دمشق، وان حافظ الاسد لم يأت قط الى بيروت.

راي: هل هناك اهمية لعقد حفل التوقيع في دمشق وليس في بيروت او دولة ثالثة.

حمادة: انه دليل على ميزان القوى الذي كان سائدا آنذاك وعلى ما اذكر كان توقيع بين جمال عبد الناصر واللواء فؤاد شهاب في خيمة وسط الحدود بين لبنان وسوريا. وحينذاك كانت سيادة لبنان موضع احترام.

وسألته القاضية بريدي عن اي صفة تعطيها لهذه العلاقة السورية اللبنانية في ذلك الوقت.

حمادة: الصفة كانت عنوانا لاتفاقية التعاون والتنسيق بين جمهوريتين، الاولى قوية ومرجع في الشرق الاوسط خصوصا بعد ان شاركت سوريا في حرب الكويت وبين جمهورية تحاول ان تخرج من حرب اهلية وبمساعدة عربية وتعاون سوري، لكن السنوات الاولى كانت سنوات أمل واللاحقة سنوات خيبة والاخيرة انهيار ويأس.

بعد ذلك، رفعت الجلسة لاستراحة الغداء.

السابق
جنبلاط: سلامة الغذاء معركة مفتوحة ومسؤولية الحكومة تبنيها
التالي
سلام: الحكومة تعمل بنصف طاقتها