الإسلاميون يبحثون التحول من «الإسلام هو الحل» إلى الديمقراطية

شهد المنتدى التأسيسي الأول للحركات الإسلامية، الذي انعقد في العاصمة الماليزية سجالات عميقا بين المشاركين، تركز اساسا حول عملية تطوير مفهوم اسلامي راجح للدولة، ونظام الحكم.. لم تذكر خلاله “الخلافة الإسلامية” بشكل جدي باعتبارها نظام حكم اسلامي.. بل إن رجلا بمثل مكانة علي عثمان طه، النائب السابق للرئيس السوداني القريق عمر حسن البشير، أشار صراحة إلى مثالب البرنامج الإسلامي السابق، وقال إنه أخفق في التعامل مع قضايا المجتمع، وطالب بإعادة النظر في شعار “الإسلام هو الحل”.

المنتدى عقد خلال أيام الثلاثاء، والإربعاء والخميس، برئاسة الدكتور محاضر محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق، وتصدره نقاش حول مفهوم الدولة المدنية في الإسلام. وطالب مشاركون بتحرير هذا المفهوم (الدولة المدنية) من منظور إسلامي والوصول إلى “عقد اجتماعي جديد”.

وقال طه صراحة إن شعار “الإسلام هو الحل” لم يحقق العدالة الإجتماعية ولم يخلق برنامجا للعدالة الإجتماعية لأنها تعاملت ببساطة مع قضايا المجتمع”.

وحسب تقدير رئيس الوزراء الماليزي الأسبق محاضر محمد فإن النقاش حول المفهوم يكتسب أهمية خاصة بعد ما أفرزته تجارب دول الربيع العربي. ويرى محاضر أن “بناء الدولة” القضية الأهم التي تواجه المسلمين حاليا، خاصة في تلك الدول التي أطاحت شعوبها بأنظمة شمولية دكتاتورية.

ودعا المسؤول الماليزي السابق إلى البحث في مفهوم الدولة المدنية قائلا “إنه يبدو متناقضا مع مفهوم الديمقراطية حيث الحكم فيها لجميع الشعب بما يبرر للأقلية الخروج للشوارع ومحاصرة مؤسسات الدولة”. ورفض محاضر “ردود الأفعال الفردية والعاطفية تجاه الأنظمة والسياسات الغربية”، ودعا إلى دراسة هذه الأنظمة و”معرفة كيفية التعامل معها بدلا من ذلك”.

زكي بني ارشيد، الذي انتخب أمينا عاما للمنتدى، وهو صاحب فكرة عقده، قال إن  فكرته “جاءت نتيجة شعور بضرورة وجود مؤسسة تقوم بإسناد فكري وسياسي للحركات الإسلامية”.. من مهامها “القيام بمراجعات عميقة وجذرية للموروث الفكري والفقهي في الإسلام، خاصة في ظل بروز أو نشوء حركات وأشكال ومؤسسات تقوم بممارسات تتناقض مع تعاليم الدين الإسلامي والمقاصد الكلية للشريعة”.

وقال بني ارشيد “إن الدولة المدنية العنوان الأبرز الذي سيطر على جدل عميق جدا على الساحات العربية والإسلامية”، مشيرا إلى الحاجة لتحرير هذا المصطلح وتحديد المواقف تجاه ما تسمى بالدولة المدنية، مع استخلاص العبر من التجارب التي مرت بها الحركة الإسلامية”.

أما محاضر محمد، فقد تحدث صراحة عن ضرورة الإلتزام بأسس النظام الديمقراطي والقبول بنتيجة الإنتخابات كي تنجح العملية الديمقراطية، مستشهدا بفوز الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن من خلال إعلان المحكمة، وأن الطرف الآخر رضي بقرار المحكمة التي أعلنته خاسرا.

البيان الختامي الذي صدر عن المنتدى، الذي شاركت فيه نخبة من قيادات الفكر والعمل الإسلامي من أكثر من أربعة عشر دولة، قال إن المشاركين، تداولوا في مسألة الدولة المدنية من منظور الرؤية الإسلامية لمبادئ الحرية والعدل والشورى والكرامة الإنسانية، والتي تعد القيم الكبرى المؤطرة لنظام الحكم في الإسلام.. وقد عكست الأوراق المقدمة والمداخلات “تنوعا كبيرا واختلافا حيويا وجدلا مبدعا، واستفزازا فكريا مشجعا على البحث عن أجوبة أصيلة لإشكالات وتحديات المرحلة”، كما ورد في البيان.

وتناولت جلسات المنتدى “تحديد المفاهيم الأساسية المرتبطة بالدولة ونظام الحكم، وتحديد نقاط الإتفاق والإختلاف مع مختلف التصورات الإنسانية في قضايا الحكم”. ولوحظ تحميل البيان لـ “الصلف الصهيوني والتواطئ الإسلامي والعالمي” مسؤولية ما يجري في القدس.

ولخص البيان النتائج التي خلص لها المنتدى في:

1 – التأكيد على سعة ومرونة وثراء الرؤية الإسلامية في مجال الحكم القائمة على إقامة القسط بين الناس، وبسط الشورى، وتحقيق الرفاه والرخاء للأمة، وإقامة علاقات إنسانية ودولية  عادلة.

2- الإعتراف بتنوع أنماط الحكم المؤسسة على الرؤية الإسلامية تبعا للسياقات الزمانية والمكانية والحضارية المنتجة لكل تجربة، وهي ميزة ايجابية تتيح تعددا في الخيارات وتضمن قدرة ذاتية على مواكبة الأزمنة والأمكنة المختلفة.

3- الحاجة إلى تحرير المصطلحات وضبطها والتعرف الدقيق على دلالاتها وعلاقاتها بالسياقات الحضارية والثقافية المحيطة بنشأتها وتطورها.

4 – التشديد على ضرورة إنخراط علماء ومفكري الأمة في جهد علمي وفكري جدي لتحرير الفقه السياسي من شوائب الإستبداد ومنطق تسويغ الظلم وبما يضمن تكريس الإسلام مصدرا للتشريع والأمة مصدرا للشرعية.

5 – مباركة وتشجيع حراك الأمة الساعي للتخلص من الإستبداد، ومن أنماط الحكم  المتخلفة، ولإقامة أنظمة حكم عادلة راشدة.

6- الوعي بوجود نقاط اختلاف جوهرية بين الرؤى والاجتهادات داخل المدرسة الإسلامية، مما يتطلب المزيد من البحث والدراسة لتحديد عناصر التلاقي والاختلاف رغبة في إدارة واعية للاختلاف والتنوع.

7- دراسة تجارب  الحكم في البلدان الإسلامية المختلفة بما يسمح بتحديد نقاط الإنجاز، ومكامن الإخفاق، أملا في إنارة طريق الأمة  للعودة إلى دينها والتمتع بحكم  راشد يضمن الرفاه في الدنيا، ويفتح طريق السعادة في الآخرة.

كما تضمن توصيات تتعلق بآليات العمل، منها:

1.         الحرص على الجمع في ندوات المنتدى بين أهل التخصص والفكر وأصحاب الممارسة السياسية.

2.         نشر أعمال المنتدى باللغات العالمية والإسلامية، وتعميم الجلسات المصورة تلفزيونيا عبر وسائط التواصل الاجتماعي.

3.         تشجيع الاعمال البحثية الرائدة في مجال الفكر السياسي الإسلامي، وفي النماذج الاقتصادية والاجتماعية.

4.         الحرص على  مشاركة المرأة بفعالية في هيئات وبرامج المنتدي.

5.         إشراك الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في أعمال وبرامج المنتدى.

6.         إنشاء موقع فكري تابع للمنتدى وإصدار دورية فكرية مختصة تكون منبرا لنشر البحوث الرصينة.

السابق
داعية لبناني افتتح دورة الكونغرس الاميركي بتلاوة القرآن
التالي
فتحعلي يزور الرئيس نبيه بري