«عاصفة الغذاء » تنتهي بسندويتشات.. و«القلوب» المليانة تنفجر بين حرب وباسيل

بطرس حرب

كتبت صحيفة “اللواء” تقول : لولا تحدي الوزراء بكتيريا التلوث الغذائي من السلامونيا الى غيرها، بتناول سندويتشات تضامنية، وربما تكون مجانية، غير تلك التي ختمها وزير الصحة وائل أبو فاعور بخاتم الوزارة على مسؤوليته، متعهداً بمعالجة الوزراء إذا أصيبوا على نفقة الوزارة، لولا كل تلك “البروفة” الوفاقية لاحتواء أزمة من نوع فضيحة الأطعمة والمطاعم والغذاء الممهورة بالفساد وبالجراثيم، لكانت جلسة مجلس الوزراء أقل من عادية، وربما “باهتة” و”مملة” على حد تعبير أحد الوزراء الذي جلس صامتاً من أول الجلسة الى آخرها، الأمر الذي حمل وزير العمل سجعان القزي للتساؤل: “كيف يمكن أن نكمل الطريق في هذه الحكومة عندما تصطدم كل المشاريع ذات الطابع المالي برفض هذا الفريق أو ذاك”؟

وأضاف قزي في تصريح لـ “اللواء” “أن هذا الأمر بات يشكل خطراً على عمل الحكومة، ولدينا شعور أننا بتنا شهود زور على بعض المناقشات، وحبذا لو كان النقاش هدفه الشفافية، لكن يتبيّن لنا أن هدفه المحاصصة بأبشع صورها”.
وتابع: “من هنا قد نحتاج الى إعادة نظر في منهجية عمل الحكومة، إذ لا يمكن أن تتعطل رغم كل الجهود التي يبذلها رئيسها تمام سلام، والحكمة التي يتحلى بها، لكن يبدو أن لا سلاح عندنا إلا سلاح الارجاء لكل الملفات الخاصة بالناس”.
وأسف كيف أن شؤون الناس تصطدم بلعبة المصالح داخل مجلس الوزراء.

مشادة فإرجاء
وعلى الطريقة اللبنانية التي تقضي بأن الحل يكون بالإرجاء أو التمديد، تأجلت مناقصة الخليوي في أعقاب مشادة وصفها أحد الوزراء الحاضرين بأنها كانت عالية النبرة بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير الاتصالات السابق والخارجية الحالي جبران باسيل.
وكشفت مصادر وزارية لـ “اللواء” أن النقاش السجالي حول الهاتف الخليوي استغرق نحواً من ساعتين ونصف، تركز على الملاحظات التقنية والإدارية حول الدراسة التي أعدها الوزير حرب، فاتهم باسيل وزير الاتصالات بأنه لم يرسل أجوبة متكاملة بشأن الملاحظات الخطية التي بعث بها سابقاً، في حين زوّد الكتائب بملاحظاته على ملاحظات وزرائها.
وخاطب باسيل مجلس الوزراء انه غير مقتنع بنقاط موجودة في ملف حرب، وهي تتعلق بطريقة وتقنية العرض ودفتر الشروط ومبلغ مليون ونصف مليون دولار موضوع بتصرف الوزارة أو ما يعرف OBE. عندها علا صوت حرب وحمل ملفاته وهمّ بمغادرة القاعة، الا أن بعض الوزراء تدخلوا لثنيه عن قراره.

وذكرت المعلومات الوزارية أن الرئيس سلام تدخل عندئذ واقترح تشكيل لجنة برئاسته تضم الوزيرين حرب وباسيل ووزير شؤون مجلس النواب محمّد فنيش الذي كانت له أيضاً مداخلات عدّة في سياق مناقشة الملف الخليوي، على أن تجتمع هذه اللجنة في 21 الشهر الحالي للتفاهم على سائر بنود هذا الملف.

وحول النفايات الصلبة، كشفت المصادر انها طرحت لكنها لم تبحث خلال وقت طويل، بعدما طلب وزير البيئة محمّد المشنوق تأجيل البحث، ولا سيما أن هناك 32 كتيباً حول دفتر الشروط تحتاج إلى وقت.

وأشارت إلى أن هناك توجهاً بصرف النظر عن إيجاد مطمر للنفايات في بلدة شكا، والذي اعترض عليه وزراء الكتائب، في حين أن وزير التربية الياس بو صعب قال انه لا يتعاطى “بالزبالة”، متهماً “سوكلين” بعرقلة ما يحاول القيام به، ونافياً في الوقت نفسه ان يكون لديه أي ارتباط بأي شركة جمع نفايات، ولا سيما مع شقيق وزير المال السابق جهاد أزعور.

“زعل” و”عتاب”
على أن الأبرز هو نجاح الاتصالات في احتواء ما كان يحوم في الأفق من توتر وزاري على خلفية الخلاف على إدارة ملف “فساد الاغذية”، فغاب الملف عن الجلسة، لكنه حضر في اجتماع وصف بأنه هامشي بين الوزراء الثلاثة: وائل ابو فاعور وميشال فرعون وآلان حكيم، اتفق خلاله بعقد اجتماع تنسيقي منتصف الأسبوع المقبل، بعد عودة وزير الاقتصاد حكيم من زيارة إلى موسكو، على ان ينضم إليه وزير الزراعة اكرم شهيب الذي غاب عن الجلسة أمس.

وبادر الوزير أبو فاعور زميليه المعترضين على طريقته بالقول: “أنا زعلان”، فرد حكيم بالقول: نحن لا نهاجمك، لكننا قلنا اننا لا نؤيد الطريقة التي تمّ فيها التعاطي مع ملف الأغذية.
ولم يخف أبو فاعور استياءه من الحديث عن أن لا الوزير ولا الوزارة يمتلكان ملفات ذات صفة توثيقية.

واعتبر حكيم خلال اللقاء أن من واجب وزير الصحة أن يقوم بما قام به ولكن بطريقة أخرى.

وأكّد أبو فاعور الذي غادر الجلسة قبل انتهائها لارتباطه بموعد أن ملف “الامن الغذائي” لم يناقش في مجلس الوزراء إلا من باب اطلاع زملائه الوزراء على الوثائق التي في حوزته، لافتاً إلى أن المداولات الوزارية بقيت تحت سقف الانضباط لا سيما من جانب الوزيرين المعترضين، حيث تمّ الاتفاق على أن يكون مجلس الوزراء جزءاً من الحملة في شأن سلامة الغذاء وأن لا لفلفة للقضية، مؤكداً انه سيتابع الملف حتى النهاية، مشيراً إلى أن جميع الوزراء كانوا داعمين لحملته.

ولكن لفت النظر إلى أن الوزراء: نهاد المشنوق وبو صعب وباسيل طلبوا سندويشات “ديلفري” من مطعم ورد اسمه ضمن لائحة المطاعم التي حوت على طعام فاسد، في حين رفض وزراء آخرون تناول طعامهم قبل أن يحصلوا على توقيع وزير الصحة على السندويشات كدلالة على جودتها، فما كان من أبو فاعور الا أن وقع على احداها قائلاً: “الجنازة على حساب وزارة الصحة”.

ملف الرئاسة
في غضون ذلك، عاد ملف انتخابات رئاسة الجمهورية إلى صدارة الاهتمامات السياسية المحلية والإقليمية والدولية، وهو برز كأحد الفقرات الأساسية في البيان الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من فرنسا الليلة الماضية، حيث دعا المجلس النواب اللبنانيين إلى العمل بشكل يتم معه تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، معرباً عن قلقه من “تمديد الفراغ الرئاسي”، مشدداً على ضرورة فتح الطريق امام انتخاب رئيس بدون تأخير إضافي.

وتزامن البيان مع موقف أميركي متقدّم عبر عنه السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، إذ دعا هيل البرلمان اللبناني الى انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن بموجب الدستور والميثاق الوطني، لافتاً النظر الى أن قرار انتخاب الرئيس يعود الى اللبنانيين أنفسهم الذين عليهم أن يأخذوا هذا القرار.

وأسف هيل لفشل المجلس في انتخاب رئيس للجمهورية في شهر أيار الماضي الأمر الذي أدى الى تأجيل الانتخابات النيابية، فضلاً عن تمديد ولاية البرلمان الحالي.

وفي تقدير مصادر سياسية، أن هذه المواقف جاءت مستفيدة من المناخات التفاؤلية التي دأب رئيس المجلس نبيه بري على ضخها انطلاقاً من الاجواء الاقليمية والمحلية السائدة حالياً، مشيرة الى أن تفاؤل بري لا يمكن إلا أن يكون في محله، وإلى أن التسوية السياسية التي أنتجت التمديد للمجلس قد تشكل طرف الخيط لنسج الاستحقاق الرئاسي حين تتوافر عوامل التقارب الخارجي وتنضج طبخة الملف النووي الأميركي – الإيراني.

يشار الى أن زيارة السفير هيل الى بكركي جاءت بعد زيارة قام بها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من دار الفتوى للبطريرك الماروني، مؤكداً على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً الى أنه من دون انتخاب سيبقى الوطن مشرّعاً على كل الاحتمالات.

حزب الله في الرابية
على أن اللافت وسط هذه الأجواء والمواقف، هي الزيارة التي خص بها “حزب الله” أمس رئيس تكتل “الاصلاح والتغيير” النائب ميشال عون في دارته في الرابية، ماحضاً إياه بمجموعة من الثناءات والإشادة والشكر على مواقفه التي وصف فيها علاقته بالحزب بأنها علاقة تكامل وجودي.

ولاحظت مصادر سياسية أن زيارة وفد حزب الله الذي ضم المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا، جاءت بعد جملة تطورات أهمها التمديد للمجلس، حيث قدم نواب عون طعناً به أمس لدى المجلس الدستوري، وبعد كلام عون الأخير عن علاقته بالحزب.

وشدد الخليل بعد اللقاء الذي حضره الوزير باسيل، أن التباينات مع “التيار الوطني الحر” لا تؤثر على العلاقة بين الطرفين، مشيراً الى أن التباين بيننا بشأن التمديد أو غيره هو من الصغائر العابرة.

لكن الموقف الأمضى الذي أطلقه الخليل من الرابية كان يتعلق بشخصية عون التي اعتبر أن “لها وزنها على مستوى الزعامة الوطنية والمسيحية وليس لديها أجندة خارجية”، مضيفاً أنه “من الطبيعي أن نرشح الى الرئاسة الرجل الأقوى مسيحياً والأوحد في لبنان والشرق الأوسط”.
وخلص الى القول بأن “من يريد أن يتبوأ الموقع الرئاسي يجب أن يكون مثل عون ونقطة على السطر”.

جعجع
أما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي كانت له مقابلة مساء أمس مع برنامج “كلام الناس” من المؤسسة اللبنانية للإرسال، فقد سارع من جهته، ورداً على “الغزل الصاخب” بين حزب الله وعون، الى التغزل برئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، وبعث إليه برسالة انفتاح، تزامنت مع معلومات مستمدة من فريق 8 آذار مفادها أنه ربما يكون الوقت قد اقترب للبحث في الخطة “ب” والقاضية بترشيح فرنجية بدلاً من عون الذي يبدو أنه فقد حظوظه بالوصول الى رئاسة الجمهورية.

وقال جعجع في هذه المقابلة أنه إذا أعلن حزب الله تخليه عن ترشيح عون، وأعلن تبنيه ترشيح فرنجية فللبحث صلة، وعندها ممكن أن ننزل الى المجلس وننتخب الرئيس الذي يحوز على الأصوات.

لكنه شدد على أنه يجب الضغط على عون للنزول للمجلس وثمة حل وهو أن نتفاهم على مرشح ثالث، واعتبر أنه لو كان السيّد حسن نصر الله جدّياً بما أعلنه بدعم عون فلننزل جميعاً لانتخاب رئيس في الجلسة المقررة في 19 الشهر الحالي، ونهنئ جميعنا الفائز، قائلاً: “إذا كان سحب ترشيحي يؤدي لحصول انتخابات رئاسية سأقوم بذلك الآن، لكن الواقع ليس كذلك”، واصفاً طعن “التيار الوطني الحر” بالتمديد أمام المجلس الدستوري بأنه “خطوة فولكلورية” وكان عليه القيام بخطوات في الحكومة، أو الاستقالة من المجلس.

وعلّق جعجع على وصف الخليل لعون بأنه الرجل الوفاقي قائلاً: “الله يبارك لحزب الله بعون ما دام يعتبره وفاقياً”.

السابق
الوكالة الوطنية: العثور على جسم غريب قرب نقطة للجيش في بلدة علما زغرتا
التالي
السيستاني.. مشروع المدنيّة وقيم المواطنة