حسن فضل الله: لا نحتاج إلى دعم دولي لمواجهة الارهاب

أكد النائب حسن فضل الله في لقاء حواري في منتدى الأربعاء في مؤسسة الإمام الحكيم عن “آفاق الصراع في المنطقة على ضوء التطورات الراهنة”، أن “العنوان الأساسي والطاغي على المنطقة والصراع المستجد والذي فرض نفسه شئنا أم أبينا على أغلب العالم العربي الإسلامي، هو الصراع الذي له عناوين كثيرة تتدخل فيها الصراعات الدولية والإقليمية والمحلية، لكن المعروض إعلاميا وسياسيا هو فورة الجماعات التكفيرية وإدخالها هذه المنطقة في آتون الصراعات ومحاولات التفتيت”.

وأضاف: “بعيدا عن نظرية المؤامرة يوجد وضع قائم يجب أن نعترف به، أن أمتنا نشأت فيها هذه الأفكار منذ سنوات طويلة وتحولت في العقد الأخير إلى حال عنفية في أغلب مجتمعاتنا. وهي وليدة بيئاتنا من خلال ما بثته المدارس الدينية. الأدوار الدولية والإقليمية لا يمكن أن تكون مؤثرة وفاعلة إذا لم تجد بيئات تتقبل مثل هذه النزاعات. نحن نتعرض لهجمة دولية ولكن لا يمكن ألا ننفي المسؤوليات عن مجتماعتنا، وهنا لا أتحدث عن البعد المذهبي والطائفي، أتحدث عن مناهج محددة، عند المسلمين بالدرجة الأولى، استطاعت تنمية هذه الظواهر. لكن طبيعة الصراع ليست طبيعة مذهبية وإن لبست اللبوس المذهبي فأصحاب هذا المنهج يتسترون بالمذاهب والدين لتبرير أفعالهم. علما أن هؤلاء قتلوا من أهل السنة أكثر بكثير من ما قتلوا من المذاهب الأخرى، وهذا لا يحتاج إلى استقصاء وبحث منطقي وعقلي. هناك منهج إلغائي وإقصائي مبني على أفكار تحاول أن تسند نفسها إلى المذاهب، هذا بالمفهوم العام”.

وتابع :”في الواقع المباشر يوجد تحولات في منطقتنا، ولكن هل تلغي كيانات؟ هل تلغي حدود؟ هل تلغي دول؟ هذا يحتاج إلى وقت. بالعودة إلى التاريخ من زمن المماليك والعثمانيين والحرب العالمية الأولى، أخذت مدى زمنيا طويلا حتى أحدثت تغييرات في بنية المنظومة القائمة في عالمنا العربي والإسلامي. هذا صراع طويل لا ينتهي بالأشهر أو بسنوات قليلة وإنما يحتاج إلى وقت طويل لترتسم معالم صورة المنطقة. ولكن كيف ترتسم لا أحد يستطيع أن يقرأ المستقبل بتفاصيله، لا يمكن تنبؤ المستقبل. هذه الظاهرة، الجماعات التكفيرية، لديها أجندتها التي تلتقي وتتقاطع مع مصالح دول إقليمية ودولية، لكنه عندما تتمكن تحاول تحقيق مصالحها. والنقطة التحول الأساسية والمفصلية كانت بعد معركة الموصل، فبعد أن وصلت هذه الجماعات التكفريرية إلى مكان مريح انطلقت بسرعة ووسعت الهامش، ولكن بعد ذلك بدأت المحاولة لإعادتهم إلى سكتهم وطريقهم”.

أضاف :”تحول الموصل هو الذي أقضى مضاجع الدول، واستنفر هذا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لإعادة الجماعات إلى الأجندة المرسومة، ولكن هل بالإمكان إعادتهم إلى ما كانوا عليه؟ الآن يوجد افتراق في مصالح بعض الدول وبخاصة في العراق. في قراءة معمقة ودقيقة حول “ماذا تريد أميركا من هذا التحالف؟ هل تريد القضاء على هذه الجماعات؟ أم تريد ترويض الجماعات؟ أم تريد إعادتها إلى الأجندة أو برنامج الاهداف الأميركية في المنطقة؟ وهل خرجت كليا عن الإرادة الدولية؟ ماذا عن مواقف الدول الأخرى الحليفة للولايات المتحدة والتي في الوقت نفسه تدعم هذه الجماعات؟ هل لهذه الدول هوامش تستطيع من خلالها أن تتمرد على الولايات المتحدة الأميركية؟”.

وتابع :”حتى الآن توصلنا إلى أننا لا نرى في هذا التحالف تحالفا جادا في القضاء على هؤلاء الجماعات، ولكنه نشأ بسبب تعرض مصالحه للخطر، وتعرض مصالح حلفاء أساسيين في داخل أنظمتهم وبيئاتهم، فقط تحركوا لأجل ضبط إيقاع هذه الجماعات وإلا لماذا لم يتحرك أي ضمير إنساني في ما حصل من مجازر سوريا لكنهم تحركوا عندما وصل الخطر إلى أبواب أربيل، وبعض دول الخليج. هذا ليس إنسانيا ولا أخلاقيا وليس دفاعا عن الشعوب وضربا للارهاب والتكفير وإنما لديه بعض مصالح كادت تتعرض لمخاطر جدية جرى الاستنجاد من قبل حلفاء الولايات المتحدة الأميركية لو لم يحدث ما حصل في الموصل ومن ثم إعلان ما يسمى بالخلافة لما رأينا هذا الموقف”.

وقال :”الأفق إلى أين؟ هل يرتبط ما يجري بإمكانية التغيير بعد اتفاق إيران والدول الغربية على ملف النووي، هل بعد إجراء حوار إيراني – سعودي تتغير المجريات؟ في الواقع ، هذه المجموعات لديها أجندتها وأهدافها قد تحصن من قبل المتغيرات وتضغط على وضعها الاقتصادي والمالي والتسليحي ولكنها تملك مشروعا تدميريا تريد تحقيقه. الأمر يحتاج إلى سنوات طويلة، ولكن هذا لا يعني أن الأفق مقفل ومسدود، هنا تكمن إرادة الشعوب وإرادة الممانعة والمقاومة، عندما توجد هذه الإرادة يحدث التغيير. المشهد يتكرر في العراق وسوريا وحيث توجد إرادة نجد أن الجماعات التكفيرية تتراجع ولن يعودوا قادرين على تحقيق تقدمهم. السياسة الإعلامية والحرب النفسية التي اعتمدتها هذه الجماعات هي ترهيب الآخر وإرعابه وأن هذه الجماعات لا تهزم ولا تفر من المعركة، ولكن هذا جزء من الدعاية الإعلامية. من هنا بدأ التغيير على الأرض مع وجود الإرادة”.

واوضح “وصولا إلى لبنان، عندما وصل الخطر إلينا قمنا بالدفاع عن أنفسنا. هذا المشروع وصل ذروته في الموصل وبدأ ينحسر ولكن ليس لسبب تحالف دولي، ولكن بسبب إرادات محلية حيث يوجد خطر هذه الإرادات هي التي تستطيع مواجهة هذا الخطر، ونحن ممن يعتقدون أننا في لبنان وسوريا والعراق لا نحتاج إلى دعم دولي لمواجهة هذا الخطر وإنما نحتاج إلى كف هذه الدول عن وقف دعم الجماعات التكفيرية”.

واشار الى انه “في لبنان، هناك بعد متأثر بما يحصل في المحيط الإقليمي وخاصة في سوريا وهذا البعد أمني وسياسي ظهر من خلال الجماعات التكفيرية التي انقضت على بلدنا. وتدخل حزب الله كان لاعتبارات وطنية لبنانية بالدرجة الأولى، وأستطيع القول إنه على مدى أكثر من سنة وبضعة أشهر قلب حزب الله كل الخيارات لإيجاد حل لما يمكن أن نفعله على مستوى الأزمة في سوريا من خلال ما هو موقعنا وما هو موقفنا وكيف نتصرف على أي أساس وهل يمكن أن نؤدي دورا للمعالجة، وحاولنا إيقاف النزف السوري ولكن دفق هذا النزف أكبر من طاقاتنا بسبب التدخل الدولي والإقليمي الذي كان كبيرا إلى حد لم تفلح كل المحاولات للحد منه. وعندما وصل الخطر إلى البيت، لبنان، لم يكن أمام المقاومة خيار سوى الدفاع وهذا كان خيارا ضروريا لمصلحة وطنية لبنانية ودليله ما نشهده اليوم. فلنتصور ماذا لو كانت هذه الجماعات تتمركز في المحافظات الحدودية؟ فبعد أن كان هؤلاء المسلحين الذين أطلقوا النار على الجيش اللبناني يمكن لهم الدخول بسهولة إلى الأراضي اللبنانية، ويتجولون في الأراضي اللبنانية. فإن كانوا اليوم محاصرين في جرود القلمون وسدت في وجههم الكثير من المنافذ للدخول ولا زالوا يدخلون ويتجولون في لبنان، ماذا لو كانوا يسيطرون على المحافظات الحدودية؟ أو على سوريا؟ فأي لبنان كان يمكن أن يبقى لو سيطرت الجماعات على سوريا؟”.

وتابع :”تضحيات المقاومة في منطقة الحدود وحيث دافعت، هي التي حمت لبنان على مستوى جبه هذا الخطر من الحدود السورية وتضحيات الجيش اللبناني في الشمال ومناطق أخرى هي التي منعت تهديد السلم والاستقرار.البعد السوري، نحن معنيون لإكماله مهما بلغ الكلام، ولا خيار لدينا لان نترك سوريا تسقط في هذه الجبهة، مهما بلغت التضحيات والانتقاد والسجال السياسي، هذا خيار وطني لبناني ضروري، فنحن مسؤولون عنه ولن نتخلى عنه وحيث يتخلى الآخرون عن مسؤولياتهم نحن لا نتخلى عن مسؤولياتنا نحن كمقاومة في حزب الله. نحن ندافع حتى عمن يخاصموننا في هذا الموضوع في منع سوريا من السقوط بيد هذه الجماعات”.

وأكد أن “بقاء سوريا متماسكة على الأقل بالعنوان العام خارج إطار سيطرة التكفيريين هو مصلحة لبنانية بالدرجة الأولى ولا بد من جلوس الأطراف التي يمكن لها أن تجلس مع بعضها البعض لإيجاد تسوية سياسية. النظام الموجود هو ركيزة أساسية في هذه التسوية ولا يمكن القيام بتسوية بمعزل عن دولة والنظام الموجود لا يزال ومتماسك بمؤسساته وجيشه وبنيته، وأصبح الآن حاجة دولية وحاجة سورية بعد أن رأينا البديل”.

واعتبر أنه “في الشق اللبناني، يوجد انعدام الثقة بين الأفرقاء بخاصة بعد تجارب مريرة، وفي كل محطة تكون هناك محاولات لإعادة جمع الأفرقاء اللبنانيين. عامل الثقة حتى الآن غير قوي، لا أقول مفقود، الأفرقاء اللبنانيين بحاجة لتعزيز الثقة، والحوار بين المختلفين هو ما يقرب المسافات واليوم يوجد مناخ للحوار، فحل المشاكل الداخلية يكمن بالحوار والتلاقي والتفاهم والشراكة. لذلك نحن دائما ندعو إلى شراكة وطنية داخلية، نضع الخلاف جانبا ونطبق ما نتفق عليه ونتحاور في ما نختلف هذا هو منهجنا”.

أضاف:”في ما يخص مؤسسات الدولة، الموضوع الحيوي الآن هو الشغور في رئاسة الجمهورية. نحن جميعا معنيون بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وليكف الجميع عن الاتهامات للفريق الآخر، الجميع يدعو إلى انتخابات رئاسية ولكن ذلك يحتاج إلى بحث جدي عن الأسباب المؤخرة وإلى سلوك طريق واضح لأن سلوك الطرق المتعرجة لا يؤدي إلى مكان. وفي هذا السياق العماد ميشال عون مرشح طبيعي، لما يمثله من حيثية شعبية وسياسية ووطنية، وهو يمتلك مؤهلات المرشح التوافقي”.

وختم فضل الله :”لا بد من الإشارة إلى الموضوع المبدئي بالنسبة لنا وهو الصراع مع العدو الإسرائيلي فبعد الانشغال بالمناخ السائد في المنطقة وهو الخطر المباشر اليومي الذي تمثل بالجماعات التكفريرية، أود أن أعبر باعتزاز وافتخار عن الشعب الفلسطيني المضحي والمقاوم الذي يقوم أعماله بالسكين وهذا دليل على أن المقاومة متأصلة في الشعب الفلسطيني ولا يمكن لأحد إلغاء هذه الأصالة فهو سيدافع عن نفسه بكل وسيلة ممكنة مهما كانت بسيطة. فهم يريدون الدفاع عن وطنهم ومنع تدنيس المقدسات بعد هبة الأقصى الأخيرة التي أعادت الحياة للقضية الفلسطينية. نحن متفائلون بالمستقبل. ونقول بكل اعتزاز من لديه في بلد مثل لبنان جيش مثل الجيش الوطني بتركيبته وطبيعته، ولدينا مقاومة مثل المقاومة التي ننتمي إليها أقول لكم أنه لا خوف على لبنان. ولكن عندما نتخلى عن مسؤولياتنا ونضعف ونخضع للترهيب النفسي والمعنوي والسياسي والإعلامي حينها نخاف على البلد ولكن قيد الله لهذا الزمن مقاومة لا تخضع لمثل هذه الضغوط والحروب النفسية. وبوجود المعادلة الذهبية، المقاومة والجيش والشعب نستطيع أن نحمي بلدنا في وجه العدو الإسرائيلي ونستطيع أن نحمي بلدنا في وجه العدو التكفيري”.

السابق
أوباما: هزيمة داعش مستحيلة إلا برحيل الأسد
التالي
تنظيم 32 محضرا من أصل 39 لمؤسسة مخالفة