العبادي يعيد هيكلة قيادة الجيش العراقي

عكست زيارة رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم للسعودية، بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، خصوصاً على الصعيدين الأمني والديبلوماسي، وهو ما أظهرته طبيعة اللقاءات التي أجراها معصوم مع المسؤولين السعوديين، وكان أبرزها لقاء جمعه بمدير جهاز الاستخبارات السعودية خالد بن بندر، وآخر بوزير الخارجية سعود الفيصل الذي أكد على ضرورة عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، بعد انقطاع استمر منذ العام 1990.

واعتبر معصوم، أمس، أن العراق والسعودية «يواجهان عدواً مشتركاً» هو «الإرهاب»، ولفت إلى أن المراجع الدينية العراقية تؤكد على أهمية «تطوير العلاقات» بين البلدين، واصفا التشكيلة الحكومية العراقية بـ«المنسجمة»، بينما أثنى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على المواقف «الرشيدة» للمرجع الديني العراقي السيد علي السيستاني.
وقد يكون اجتماع عدد من العوامل المؤثرة على الساحة العراقية والإقليمية، خصوصاً نشوء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة من أجل «مواجهة تنظيم داعش»، أدى إلى خلق مدخل جديد لإعادة رسم العلاقات بين البلدين، حيث تعول الولايات المتحدة على النفوذ السعودي ضمن العشائر العراقية كعامل أساسي في قتال التنظيم، في ظل بدء القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار بتدريب أول دفعة من مقاتلي العشائر من أجل الانطلاق في عملية عسكرية كبيرة في المحافظة.
وكان معصوم قد افتتح سلسلة لقاءاته في الرياض، أمس الأول، بلقاء جمعه بالملك عبد الله، وصفه بـ«الودي والايجابي»، حيث جرى البحث بحسب بيان صدر عن مكتب معصوم في «السبل الممكنة للتقدم بالعلاقات إلى الأمام» بين البلدين، ناقلا عن عبد الله رغبته في نسج «علاقات جيدة مع العراق»، وشارك في اللقاء من الجانب السعودي كل من وزير الخارجية سعود الفيصل، ومدير الأمن الوطني بندر بن سلطان، ورئيس جهاز الاستخبارت خالد بن بندر، ووزير الحرس الوطني متعب بن عبدالله بن عبد العزيز، كما حضر من الجانب العراقي وزراء الخارجية إبراهيم الجعفري والمالية هوشيار زيباري والداخلية محمد سالم الغبان ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض.
وأوضح معصوم، أمس، أن «البلدين وسائر دول المنطقة تواجه عدوا مشتركا هو الإرهاب»، ولفت إلى أن العراقيين «موحدون الآن أكثر من أي ظرف سابق وهم يواجهون التحدي الإرهابي»، مبيناً أن الوفد العراقي الذي رافقه إلى السعودية «هو وفد يمثل أطيافا أساسية من المكونات العراقية».
وشهدت العلاقات بين العراق والسعودية فترة طويلة من الجفاء، بدأت منذ اجتياح الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين للكويت في العام 1991، وتعقدت في ظل اتخاذ السعودية موقفاً حاداً من رئيس الحكومة العراقي الأسبق نوري المالكي، بينما شدد معصوم على أن الحكومة العراقية الحالية «منسجمة وتعمل من أجل علاقات طيبة مع جميع دول الجوار والمنطقة».
وفي وقت أشارت وكالة الأنباء السعودية، إلى أن الملك السعودي أجرى مباحثات «مهمة» مع معصوم، واعتبرت أن ذلك يأتي «بعد سنوات من العلاقات المتوترة بين البلدين»، أكد وزير المالية العراقي هوشيار زيباري الذي حضر اللقاء، أن «المحور الاساسي هو بحث ملف تطبيع العلاقات السياسية والديبلوماسية بين البلدين»، وأشار إلى أن البحث تطرق كذلك إلى «التعاون في مكافحة الإرهاب والعلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية في مجال تبادل المعلومات حول الشبكات الإرهابية والجريمة المنظمة». وبعدما عبر المرجع الديني العراقي السيد علي السيستاني عن أمله ببناء علاقات «جيدة» مع السعودية خلال لقائه معصوم قبيل توجهه إلى السعودية، أمس الأول، أظهر معصوم مدى «ترحيب ومباركة» السيستاني لزيارته السعودية خلال لقائه عبد الله الذي أثنى بدوره على ما أسماها «المواقف الرشيدة» للسيستاني.
والتقى معصوم وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، الذي أشار إلى «حرص السعودية على وحدة العراق وسلامة شعبه»، وأكد على «العمل على سرعة انجاز مستلزمات فتح السفارة السعودية في بغداد».
إلى ذلك بحث معصوم، مع رئيس جهاز الاستخبارات السعودي خالد بن بندر «تبادل المعلومات الأمنية التي تخص الحرب على الإرهاب»، وأكد في بيان صدر عن مكتبه أن «الجهات المعنية من كلا البلدين ستعمل على التنسيق والتفاهم»، في ضوء «التوجيهات الصادرة من الاجتماع المشترك بين رئيس الجمهورية العراقي والملك السعودي».
داخلياً، أعفى رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، 26 ضابطاً عراقيا من مناصبهم، كما قام بإحالة 10 آخرين إلى التقاعد، وتعيين 18 ضابطاً آخرين في مناصب جديدة في وزارة الدفاع.
وكشف مصدر عراقي أنه بموجب هذه القرارات، أقال العبادي رئيس أركان الجيش العراقي الفريق با بكر زيباري وعين مكانه الفريق الركن خورشيد رشيد.
وشملت قرارات العبادي أيضا قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري وقائد عمليات الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي، وأمين سر وزارة الدفاع الفريق الركن إبراهيم اللامي، كما تم تعيين الفريق الركن رياض القصيري قائداً للقوات البرية خلفاً للفريق أول ركن علي غيدان، واستبدل قائد عمليات الأنبار الفريق الركن رشيد فليح بقائد الفرقة السابعة التابعة لعمليات الجزيرة والبادية اللواء الركن قاسم المحمدي.
وأعلن رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت عن وصول 18 مروحية أميركية من طراز «أباتشي» إلى قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار، وأشار إلى أن الجيش الأميركي المتواجد في القاعدة بدأ بتدريب 400 مقاتل من أبناء العشائر فيها لقتال تنظيم «داعش»، مؤكداً أن الأيام القادمة ستشهد «تغيرات إيجابية في ملف تطهير مدن المحافظة».
وذكر بيان صادر عن مكتب العبادي أن «ما تعرّض له الجيش كان نتيجة تعقيدات كثيرة داخلية وخارجية وسياسية ويجب إعادة الثقة بالقوات المسلحة عبر اتخاذ إجراءات حقيقية ومحاربة الفساد على صعيد الفرد والمؤسسة»، وأكد على أن عمل الجيش سينحصر في «مهمة الدفاع عن الحدود، وترك المهمة الأمنية لوزارة الداخلية وبقية الأجهزة الأمنية».
وكانت اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في مجزرة «الصقلاوية والسجر» في محافظة الأنبار، قد أوصت بإحالة ضباط كبار في الجيش إلى المحاكم العسكرية بسبب «تقصيرهم الذي تسبب في إهدار دماء العراقيين».
في غضون ذلك، أعلن وزير الكهرباء العراقي قاسم الفهداوي، أن إيران ستزيد من صادراتها من الغاز المستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق من 25 مليون متر مكعب إلى 100 مليون متر مكعب يومياً، موضحاً أن عملية تزويد العراق بالغاز ستتم عبر خط ديالى وعبر خط البصرة الجديد.

السابق
اسمٌ جدير بالمراقبة وربما المراهنة
التالي
أحلام تشتم شذى حسون والأخيرة تردّ!