«الصحة» تكشف مخالفات كسروان وبعبدا.. و«الداخلية» تتحرك اليوم

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لو دوّت فضيحة التلوّث الغذائي في أي دولة طبيعية، لكانت رؤوس قد سقطت، وملفات قد فتحت، ورأي عام قد تحرّك، أما في لبنان فإن ما كشفه وزير الصحة وائل ابو فاعور سلك طريقه سريعاً الى “مطحنة التجاذب”، حتى بات يصح القول إن الامر الوحيد الأكيد الذي تم التثبت منه مرة أخرى، هو أننا نعيش في دولة غير مطابقة للمواصفات الوطنية الصحية، وفي نظام منتهي الصلاحية.

وقد أمكن غداة الإعلان عن” الفضيحة الغذائية”، رصد الملاحظات الآتية:

ـ بدلاً من أن تتوحد الحكومة في مواجهة الفضيحة الغذائية، إذ بها تنقسم حولها بعدما انتقد عدد من الوزراء سلوك ابو فاعور، مع شكوى الوزير ميشال فرعون من أن المؤتمر الصحافي ضرب السياحة، ورفض وزير الاقتصاد آلان حكيم التشهير بالمؤسسات وتعميم حالة الهلع، وطلب الوزير أشرف ريفي التدقيق وأخذ أكثر من عينة، ما استدعى رداً من وزير الصحة الذي اعتبر أن “من ينحاز إلى أصحاب المصالح هذا شأنه، أما نحن فننحاز الى جانب صحة المواطن”، مشدداً على انه “إذا كانت السياحة لا تمر إلا على جثة المواطن فهذه ليست سياحة”.
وهكذا فإن الحكومة التي تجاوزت بسلام، حتى الآن، العديد من الاختبارات الصعبة، هزتها بكتيريا اللحوم والدجاج في الصميم، ومن المنتظر أن يأخذ الموضوع حيزاً من النقاش في جلسة مجلس الوزراء اليوم.

ـ بروز نوع من “التضامن المناطقي” مع مؤسسات متّهمة بمخالفة المواصفات الصحية، وبلغ الأمر حدّ لجوء الوزير السابق فيصل كرامي الى توزيع صورة له على “الفايسبوك” وهو يتناول حلويات بالقشطة المصنّعة في مؤسسة مدرجة ضمن “اللائحة الاتهامية” التي أعلنها وزير الصحة.

ـ تواضع ردّ الفعل لدى شريحة واسعة من المواطنين، ما يعكس “تطبيعاً” مع الامر الواقع بكل أشكاله، قاد الى التعامل بنوع من البرودة مع ملف التلوث الغذائي، برغم مخاطره الصحية، تماماً كما جرى التعاطي بكثير من اللامبالاة مع التمديد لمجلس النواب. والمفارقة في هذا المجال أن الإقبال على بعض المحال “المتهمة” استمر عادياً، ولم يتأثر بمعطيات ابو فاعور.

ـ تسرّب الحساسيات والحسابات السياسية الى ملف غذائي ـ صحي بامتياز، وهو الأمر الذي عبرت عنه السجالات بين بعض الوزراء، والهمسات “المسننة” في بعض الكواليس التي طالت النائب وليد جنبلاط وبالتالي الوزير ابو فاعور.

ـ انكشاف القصور القانوني في مواجهة الفساد الغذائي، الأمر الذي فتح الباب أمام اجتهادات واسعة في مقاربة الوقائع التي أضاء عليها ابو فاعور: مشروع قانون سلامة الغذاء موجود في اللجان النيابية المشتركة منذ سنوات، ولم يُقرّ حتى اليوم. قانون حماية مستهلك أقرّ منذ العام 2005 ولم تستكمل مراسيمه التطبيقية. محكمة حماية المستهلك التي نصّت على إنشائها المادة 97 في القانون ذاته معطلة، والمجلس الوطني لحماية المستهلك المنصوص عليه في القانون إياه معطل أيضاً.

يشار إلى أن النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بادرت إلى استئناف أحكام عدة في قضايا حماية المستهلك والغذاء الفاسد، وذلك بسبب إصدار أحكام تخفيفية بالنسبة الى الغرامات وعدم سجن المخالفين، وعدم نشر الأحكام وإلصاقها على أبواب المؤسسات المخالفة حرصاً على حق المواطن بالمعرفة، وهو ما يُجيزه القانون للقاضي.
وعلمت “السفير” أن جميع هذه الاستئنافات قد رُدّت، وأبقى القضاء على الأحكام التخفيفية بحق المخالفين.

أبو فاعور يواصل معركته

في هذه الأثناء، قال وزير الصحة وائل أبو فاعور لـ”السفير” إنه سيكشف اليوم عن مؤسسات جديدة تبيع منتجات غير مطابقة للمواصفات الصحية في كسروان وبعبدا، يتراوح عددها ما بين 10 و12 مؤسسة، إضافة الى الإعلان عن نتائج التحاليل في بيروت إذا أُنجزت اليوم.
وأوضح أن وزارة الداخلية متجاوبة معه، وهي كلفت الأجهزة المعنية بتنفيذ التدابير التي تسري على المؤسسات المخالفة.

ورداً على اتهامه باستهداف مؤسسات، يطغى عليها لون طائفي محدد، أجاب ابو فاعور: الرأي العام اللبناني كله يقف الى جانب وزارة الصحة في معركة الأمن الغذائي.
وجدّد القول إنه لن يتوقف مهما اشتدت الضغوط وعلت الأصوات المعترضة، ما دام يحظى بتغطية شعبية وتغطية سياسية من الرئيس تمام سلام والنائب وليد جنبلاط.

وعلمت “السفير” أن ابو فاعور تبلّغ أمس من وزير الداخلية والمدير العام لقوى الأمن الداخلي أن نشرة صدرت بأسماء المؤسسات المخالفة، على أن يُباشر في تنفيذها اليوم.

وأكد وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ”السفير” أن “جميع الوزارات تقوم بعملها، ونحن لدينا في وزارة الاقتصاد 155 ملفاً يتعلق بحماية المستهلك، ونعمل على التحقيق فيها وبتّها، ولكننا لم نخرج بها إلى الإعلام”.

وأبلغ رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني “السفير” أنه أعاد تقديم مشروع قانون سلامة الغذاء إلى مجلس النواب بعد سحبه قبل عامين، وبالتالي أصبح اليوم على جدول اللجان النيابية المشتركة “ولكن لم تتم مناقشته في أي من الجلسات لأنه كان في أسفل جدول الأعمال”.

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو لـ”السفير” إنه لم يجر سجن أي مخالف لمعايير السلامة العامة ولا مرة، إلا عندما اتخذت “جمعية حماية المستهلك صفة الادعاء الشخصي بحق صاحب أحد مستودعات اللحوم الفاسدة”. ومع ذلك، أطلق سراحه بكفالة بعد ثلاثة أشهر “ولم يصدر الحكم بحقه حتى الآن برغم مرور عامين على القضية”.

السابق
استهداف 7 من قادة النصرة في قصف القلمون اليوم
التالي
20 قتيلاً للنصرة في القلمون: الحوار الفارغ بين المستقبل وحزب الله