ظريف: لا تستعجلوا الحكم على مفاوضات مسقط

كتبت “البناء” تقول : تتبّع آثار مسقط والتقاط الإشارات المتصلة بما جرى هناك، والاتجاه الذي سيرسمه كلّ من الاحتمالات، بين خيارات الفشل والنجاح والتمديد، شغلت الأوساط الدولية والإقليمية والمحلية، حتى خرج وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن صمته، فكتب رداً على سائليه على حسابه على موقع “تويتر”، لا تستعجلوا الحكم على مفاوضات مسقط، أمهلونا أسبوعاً لتظهر النتائج، والمعلوم أنّ المقصود بالأسبوع موعد اجتماع فيينا الأخير قبل حلول الرابع والعشرين من الشهر، حيث تقاطع كلام ظريف المفتوح على التفاؤل بالإيحاء أنّ ثمة تفاهمات جرت ستظهر في اجتماع فيينا، ولا يريد أحد الحديث عنها قبل ذلك، خصوصاً أنها على شكل وعود تستدعي انتظار القدرة على ترجمتها.

تعزّز كلام ظريف وإيحاءاته بما قاله الناطق بلسان وزارة الخارجية الروسية، عن أهمية اجتماع فيينا المقبل، وما سيشهده من تداول في الحلول الوسط لما تبقّى من قضايا عالقة، والقضايا العالقة وفقاً للمطلعين على مسار التفاوض، تتصل بأمرين، الأول عدد مجموعات الطرد المركزي التي ستشغلها إيران، والثاني آلية تزامن التفاهم مع رفع العقوبات.

في قضية مجموعات الطرد المركزي، صار الحلّ الوسط واضحاً، وقاعدته بلوغ إيران رقم السبعة آلاف وخمسمئة مجموعة العام 2021 موعد نهاية اتفاق توريد الوقود النووي الروسي لإيران، والانطلاق من رقم وسط بين طلب إيران والعرض الأميركي يعتقد أنّ عرضاً روسياً سيحسمه باعتماد الخمسة آلاف كنقطة انطلاق.

أما في قضية العقوبات فتبدو القضية أعقد ويبدو أنّ هذا ما ينتظر الوزير ظريف للأسبوع المقبل لمعرفة الأجوبة الحقيقية عليه، حيث كان الطلب الإيراني أن ترفع العقوبات كلها فور التوقيع الرسمي على الاتفاق، بينما تبدو واشنطن عاجزة عن ذلك، خصوصاً في ما يخص تلك العقوبات التي فرضت بقوانين من الكونغرس، والتي يبدو أنّ الوقت الذي تمنحه إيران لأيّ حلّ وسط بصددها لا يتعدّى الشهور، على أن تعلق الإدارة تطبيقها فور الاتفاق، ومعها تلغى بقرار أممي تلك الصادرة عن مجلس الأمن، وتلك التي صدرت بقرارات أوروبية، ويجري الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمّدة فوراً.

كل الانتظارات لم تغيّر مناخ التفاؤل بسلوك طريق التفاهم بين واشنطن وطهران، على خلفية مستوى ومكان اللقاء ومدّته، والتعليقات الأميركية التي وصفت المفاوضات بالجدية والصريحة والصعبة.

التفاؤل تعزّز بمحاولة الربط بين ما جرى في مسقط، وبين موعد إطلاق كل من موسكو والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لمبادرات تجاه سورية ترتكز على فكرة تسريع الحلّ السياسي، وتغيير قواعده، ومفرداته، من جهة، ومن جهة مقابلة التعامل الإيجابي لسورية مع مشروع دي ميستورا، والاشتغال على تغييره من داخله وربطه بالقرارات الدولية المتعلقة بوقف تدفق المسلحين والسلاح عبر الحدود، بدلاً من رفضه، كما فعلت قوى المعارضة، سواء عبر مجلس اسطنبول أو الائتلاف، بينما جاء الكلام الأميركي المشكك بموقف سورية بمثابة إعلان دعم لمبادرة دي ميستورا، ولما سينجم عن حواره في دمشق، بطريقة إنْ ثبتت جدية الحكومة السورية في التعامل الإيجابي سننظر إلى ذلك بعين إيجابية.

لبنانياً، دائماً يبقى الضباب مخيّماً عندما يتصل الأمر بقراءة متغيّرات المنطقة والعالم، فالمنتظرون لكلمة السرّ الخارجية لا يريدون الاجتهاد بدلاً من الانتظار، وبسبب هؤلاء بقي الرئيس نبيه بري بتفاؤل حذر، بينما طرح تيار المستقبل مواصفات لرئيس الجمهورية، تتحدث عن مرشح توافقي بصفاته، يجمع عليه اللبنانيون، وتتجلى قوته بالصفات القيادية، بما بدا أنه نهاية لترشيح سمير جعجع وبداية الانعطاف لطرح اسم قائد الجيش جان قهوجي في التداول الرئاسي.

بقيت الساحة السياسية اللبنانية في دائرة الترقب والانتظار في غياب أي تطورات قد تحرك الملفات العالقة ولاسيما ملف رئاسة الجمهورية الذي ربطه رئيس المجلس النيابي بالتطورات الإقليمية.

فلليوم الثالث على التوالي نقل زوار عين التينة أجواء عن تفاؤل حذر لدى الرئيس بري وإن كان بحذر جرّاء التطورات الجارية في المنطقة على صعيد الملف النووي الإيراني والمفاوضات الجارية في شأنه في مسقط، وما جرى في موسكو أخيراً حول السعي إلى حل سياسي في سورية. ولفت بري إلى أن هناك إشارات إيجابية يمكن التعويل عليها في هذا الشأن، إن كان على صعيد الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في ما يتعلق بتجميد القتال في حلب وموقف القيادة السورية المبدئي الإيجابي حيال هذا الأمر. أو على صعيد مجريات المحادثات التي تجريها روسيا والتي لم تلق حتى الآن معارضة أميركية علنية وإن كان المطلوب، بحسب بري، أن تبدي واشنطن موقفاً صريحاً بدعم هذا المساعي.
وقال بري أمام زواره أنه إذا ما سلكت الأمور المنحى الإيجابي في هذا الموضوع فإن ذلك سينعكس حتماً على الوضع في لبنان وفي مقدمه أزمة رئاسة الجمهورية. لكنه استدرك قائلاً: علينا أن ننتظر إشارات واضحة. وصريحة من الإدارة الأميركية تصب في الإطار الإيجابي المطلوب.

وتحدث عائدون من عواصم غربية عن وجود توجه غربي لتحريك الملف الرئاسي في الفترة المقبلة. وأوضحوا أن الفاتيكان طلب من الأميركيين السعي لدى الجهات المؤثرة من أجل إتمام الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت. ولذلك رجح هؤلاء حصول تحرك أميركي في سبيل تسويق اسم من الصف الثاني، لكنهم استبعدوا الوصول إلى نتائج، خصوصاً أن المسعى الفرنسي لهذه الغاية وصل هو أيضاً إلى طريق مسدود.

مواصفات المستقبل للرئيس العتيد

إلى ذلك، حددت كتلة المستقبل مواصفاتها لرئيس الجمهورية العتيد، ودعت الجهات السياسية اللبنانية “إلى تحقيق تسوية وطنية في ما بينها في شأن الرئاسة الأولى والتي تفضي إلى انتخاب رئيس قوي وتوافقي، يحترم الدستور اللبناني وتتجلى قوته في الصفات القيادية التي يتمتع بها فضلاً عن حمله في الوقت عينه رؤية شاملة ومتطورة لدور لبنان في محيطه والعالم، ويتمتع بتأييد القسم الأكبر من اللبنانيين ويعمل على جمعهم وتعزيز تضامنهم في مساحات مشتركة وذلك من أجل إقدار لبنان واللبنانيين على التصدي للمشكلات المتراكمة والخطيرة التي تعاني منها البلاد”، مذكّرة بأن “لبنان غني برجالاته ممن يتمتعون بهذه المواصفات”.

“الوطني الحر” إلى الطعن

في الأثناء، وبعد ساعات من صدور قانون التمديد للمجلس النيابي حتى 20 حزيران 2017 حكماً في الجريدة الرسمية أمس بعد مرور خمسة أيام على إيداعه الحكومة من دون توقيعه من جميع الوزراء، أعلن تكتل التغيير والإصلاح الذهاب إلى الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري.

وقد وقّع مراجعة الطعن النواب ميشال عون، إبراهيم كنعان، نبيل نقولا، زياد أسود، حكمت ديب، وليد خوري، فادي الأعور، ناجي غاريوس وسيمون أبي رميا، أما التوقيع الأخير فترك للنائب آلان عون لحين عودته من عمان التي وصل إليها أمس، ذلك أن الطعن يحتاج إلى توقيع عشرة نواب، ولهذا السبب لن يتقدم حزب الكتائب بالطعن بدوره لأن كتلته تضم 4 نواب فقط.

وأشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر، إلى “أن مراجعة الطعن كانت ستقدم اليوم، إلا أنها أرجئت لرفض النائب آلان عون تقديمها في غيابه”، مرجحة تقديمها في الأيام المقبلة بعد عودته إلى بيروت علماً أن مهلة الطعن هي خمسة عشر يوماً.
وأكدت المصادر أن الطعن غير خاضع للمقايضة، لا سيما الانتخابات الفرعية في جزين.
وبعد أن أشارت المصادر إلى تذرع المتحمسين للتمديد بالأوضاع الأمنية التي تحول دون إجراء الانتخابات، سألت كيف، إذن، ستجرى الانتخابات الفرعية في ظل الخطر الأمني”؟ مشددة في الوقت نفسه على “أن هذا المقعد النيابي هو من حصة التيار الوطني الحر”.
من جهته قال الرئيس بري تعليقاً على تصعيد عون في شأن التمديد للمجلس النيابي: “هذا الأمر لا يتوقف علي وعلى العماد عون بل يعني الآخرين أيضاً”، معتبراً “أن الطاعنين بشرعية المجلس كالجالس على غصن شجرة ويقطعه بيده”. وأعلن أن المجلس سيعقد جلسات تشريعية للضرورة من أجل متابعة البحث في سلسلة الرتب والرواتب وقانون الإيجارات وبعض الاتفاقيات الملزمة.

انخفاض عدد النازحين

على صعيد آخر، تابعت لجنة النزوح السوري البحث في أوضاع النازحين خلال اجتماعها أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الكبيرة. وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ”البناء” أن الاجتماع تابع البحث في الملف السوري، إلا أنه أرجأ إلى الخميس في 20 الجاري البحث في المعايير الإنسانية، وتقديم الدعم للمجتمع المضيف في ضوء توصيات الأمم المتحدة، وإنشاء هيئة خاصة تعنى في الشؤون السورية تتولى ملف النزوح بالتعاون مع المنظمات الدولية وبإشراف الحكومة.

وأشار درباس إلى “أن عدد النازحين بدأ يتراجع في لبنان، لافتاً إلى أن “عدد النازحين في تشرين الأول الماضي انخفض نحو أربعة آلاف نازح”.
وأكد “أن الحكومة اللبنانية ستقدم كل التسهيلات اللازمة لعودة النازحين إلى ديارهم إذا كان لدى الدولة السورية برنامج لاستعادتهم”، مشيراً إلى “أننا لن ندخل في الصراع الدائر، وسر نجاحنا يكمن في سياسة النأي بالنفس التي نعتمدها”.
وأشار وزير العمل سجعان قزي لـ”البناء” إلى “أن الاجتماع كان مثمراً وتم التأكيد على ورقة العمل التي أعدتها اللجنة الوزارية “، معتبراً “أن الرقابة المشددة على الحدود أدت إلى حصر تدفق النازحين”.

المفاوضات مع الخاطفين مكانها والأهالي يهددون

في غضون ذلك، لا يزال ملف العسكريين المخطوفين يراوح مكانه، فيما هدد أهاليهم بالعودة إلى “التصعيد القوي” في حال لم تحصل ايجابيات خلال اليومين المقبلين. وأكدت مصادر متابعة لـ”البناء” أن قرار المسلحين الإرهابيين هو الاحتفاظ بالعسكريين كرهائن لحين تنتفي الحاجة إليهم”. ورأت في مطلب “جبهة النصرة” إشراك سورية في هذا الموضوع، نوعاً من المراوغة”.

وأشارت إلى “أن الموفد القطري ألغى زيارته إلى بيروت بعدما كان من المفترض أن يصلها عصر أول من أمس”، معتبرة “أنه يمثل الجهات الخاطفة التي لا تريد حلحلة الملف في الوقت الراهن”.

وفي المقابل، أوضحت أوساط الرئيس سلام أن الاتصالات لم تنقطع بخصوص العسكريين المخطوفين، مشيراً إلى الحرص على عدم كشف تفاصيل المفاوضات في وسائل الإعلام حتى لا ينعكس ذلك سلباً على العسكريين. وأكدت أن جهوداً تبذل على غير صعيد لتأمين نهاية سعيدة للعسكريين. وأشارت إلى ترجيح عقد اجتماع لخلية الأزمة اليوم.

إلى ذلك، أفيد أن أهالي العسكريين الرهائن تبلغوا خبراً يتعلق بإمكان إخلاء سبيل أحد الموقوفين البارزين، مشيرة إلى أنه “يجب انتظار الساعات المقبلة لمعرفة هوية هذا الموقوف”.

لكن وفداً من الأهالي أعلن بعد لقائه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير أن “خير لم يعطنا أي معلومة وقد نلجأ إلى تصعيد قوي نهار الجمعة إن لم نحصل على إيجابيات الخميس والجمعة”. ولفت الوفد إلى أن “الموفد القطري لم يلغ زياراته إلى بيروت وأن المفاوضات لم تتوقف وهي متواصلة حتى الآن عبر الهاتف”.

السابق
أوباما يُعلن «حرب السّنة» على «داعش»
التالي
 برّي: إشارات إيجابية لإنتخاب رئيس.. وحوار «المستقبل» و«الحزب» قريب