تصريحات رفسنجاني ومواقف نصر الله تنتظر المبادرات والردود

توقفت العديد من الاوساط الاسلامية امام المواقف الجريئة التي اطلقها الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني والتي اعتبر فيها ان شتم الصحابة والاحتفال بمقتل الخليفة عمر بن الخطاب، و أن ذلك قاد إلى نشوء تنظيم القاعدة وداعش وطالبان.

وصرح رفسنجاني حسبما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية خلال لقائه مع عدد من مسؤولي وزارة الرياضة الايرانية: لقد حذّرنا القران الكريم من الفرقة وقال لنا، “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”ولكننا لم نعر ذلك اي اهتمام وتمسكنا بالخلافات السنية-الشيعية وبشتم الصحابة والاحتفال بيوم مقتل عمر، حتى باتت هذه الاعمال عادية للكثيرين واعتبر البعض اداءها جزءا من العبادة.

واضاف :ان الاعمال المثيرة للفرقةبين المسلمين نتيجتها الوصول الى القاعدة وداعش والتي تقوم اليوم باعمال تثير الخلافات بين الامة الاسلامية وتضعفها امام الدول الكبرى وان مسؤوليتنا اليوم العمل لمنع الفرقة ونبذ الخلافات ودعا رفسنجاني ايضا خلال لقائه مع وفد عراقي العمل لمنع الفتنة لان الجماعات السياسية والمذهبية في العراق تشعل الفتن والخلافات بعد سقوط النظام السابق مما ادى الى انتشار الكراهية.

هذه التصريحات الجريئة والواضحة التي اطلقها الشيخ رفسنجاني احدثت هزة كبيرة في الواقع الاسلامي العام والواقع الشيعي خاصة لانه للمرة الاولى تربط شخصية ايرانية وشيعية كبرى ولها دور كبير في الواقع السياسي بين التطرف والمغالاة في البيئة الشيعية وبين التطرف والمغالاة في الواقع السني وبروز داعش والقاعدة.

واهمية هذه التصريحات اليوم انها تأتي في ظل ما تواجهه الدول العربية والاسلامية من ازمات خطيرة قد تدفع المنطقة نحو حرب مذهبية كبرى وهي تشكل ما يمكن تسميته: نقد ذاتي ايراني وشيعي، ومع ان الشيخ رفسنجاني ليس الشخصية الشيعية الاولى التي انتقدت الممارسات الشيعية التي تتصف بالمغالاة والتعصب، لانه صدرت سابقا فتاوى ومواقف صريحة من العديد من العلماء والتي تصب في الاتجاه نفسه ومنها مواقف المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والزعيم الايراني السيد علي خامنيء والمرجع السيد علي السيستاني والتي حرّمت سب الصحابة والاساءة لزوجات النبي.

لكن اللافت في مواقف الشيخ رفسنجاني اليوم انها تربط بين الجانب الديني والمذهبي وبين الجانب السياسي مباشرة وبعكس كل المواقف والتصريحات والتحليلات التي كانت تربط بين تنظيمي القاعدة وداعش والجهات الخارجية فان رفسنجاني يعيد المشكلة الى الداخل الاسلامي ويدعو لمعالجة المشكلة من الداخل.

هذه المواقف الجريئة للشيخ رفسنجاني تتطلب اولا من القيادة الايرانية العمل بشكل جدي لوقف كل الممارسات التي تثير الفتنة واطلاق مبادرات سياسية جريئة للتصالح مع الدول العربية والاسلامية في المنطقة، وفي الوقت نفسه فان المطلوب من بقية القيادات والاتحادات والحركات الاسلامية ان تلاقي الشيخ رفسنجاني في منتصف الطريق عبر ادانة كل الاعمال التي تثير الفتنة والقتل ورفض كل اشكال التطرف والعنف والتي تنفذها تنظيمات اسلامية متطرفة.

والملفت ان تصريحات الشيخ رفسنجاني قد تزامت ايضا مع الحملة التي شنها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال احياء ذكرى عاشوراء ضد كل الذين يحاولون تصوير الصراع في المنطقة بانه صراع مذهبي، كما عمد نصر الله للرد على الذين يربطون بين قضية ظهور الامام المهدي والتطورات السياسية الجارية اليوم، وهذا الاتجاه انتشر كثيرا في بعض الاوساط الشيعية منذ بدء الازمة السورية ومشاركة حزب الله في هذا الصراع. كما دعا نصر الله للحوار في لبنان بعد ان اشاد بمواقف اهل شمال لبنان وتيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري تجاه التطورات الداخلية.

اذن يمكن القول اننا اليوم امام صحوة شيعية وايرانية ولدى حزب الله وان ماقاله الشيخ رفسنجاني والسيد حسن نصر الله يمكن ان يفتح الباب امام مبادرات فكرية وفقهية ودينية وسياسية وعملية لمواجهة الفتنة القائمة ومن اجل وقف التدهور الحاصل في الواقع العربي والاسلامي. فهل من مجيب؟

 

السابق
النواب الفرنسيون سيصوتون على الاعتراف بدولة فلسطين في 28 من الشهر الحالي
التالي
كم بلغ عدد «البيعات» لـ«داعش»؟