«الجماعة» تنتقد المشنوق: تبادل الخبرات مع مصر «لا يشرّفك»

في أواخر شهر أيلول الماضي، «ثارت ثائرة» العديد من الأحزاب والشخصيّات والهيئات الإسلامية على كلام وزير الداخليّة نهاد المشنوق خلال حفل لجمعيّة «متخرجي المقاصد الإسلامية». لم يستوعب هؤلاء كيف يقوم «معاليه» في مناسبة كهذه، بـ«إعلان الحرب» على «العلم الأسود» الذي كتب عليه «لا إله إلا الله محمّد رسول الله»، بقوله «إن الكلام المكتوب عليه لا قيمة له عندما يُستعمل لذبح عسكري لبناني تحت رايته».

هؤلاء الإسلاميون، ولا سيّما السلفيين منهم، ذهبوا إلى أبعد من النقد، ووصل بعضهم إلى حدّ «تكفير المشنوق» واعتبار ما قاله من «الكبائر»، على حدّ وصف «حزب التحرير». فيما كاد البعض منهم أن يعلنوه «مرتداً» عليه، بالرغم من الصداقات المتعدّدة التي بناها المشنوق مع الكثير منهم خلال السنوات الماضية.
اليوم، وبعدما «رمت» معظم هذه القوى السلفيّة والمتشددة «يمين الطلاق» على وزير الداخليّة، أتى دور «الجماعة الإسلاميّة» حتى «اكتمل النقل بالزعرور».
وإذ كان البعض بدأ يروّج أن «معاليه» صار خصماً لـ«الساحة الإسلاميّة» بعد العديد من تصريحاته ومواقفه، فإن آخرين يرون أن المشنوق يحاول أن يلعب دوراً في إبراز «الإسلام المعتدل»، والقيام بخطوات متقدّمة في هذا الشأن، «ربّما لن يفهمها المغالون».
قيادات «الجماعة» قد تكون «بلعت الموسى» عندما سمعت بزيارة المشنوق إلى مصر لشراء الأسلحة لقوى الأمن الداخلي وتبادل الخبرات مع نظام لا تعترف بشرعيّته أصلاً، ولكنّها تعتبر أن «الأمر يتعلّق بالدولة اللبنانيّة».
في حين أن ما استفزّهم هو إشارة «معاليه» من القاهرة: «هناك هدف مشترك وهو محاربة الإرهاب ومنع التطرف، ونحن هنا لنحاول الاستفادة من الخبرة المصرية في هذا الموضوع».
وبعد هذا الكلام، غضبت «الجماعة»، وتناقلت قاعدتها الشعبيّة رسائل هجوم على المشنوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر العديد من الأسئلة: «هل يقصد الرئيس المنتخب محمد مرسي أم البرلمان المنتخب الذي كان الاخوان يشكلون فيه أغلبية فتم حله؟ أم يقصد جماعة الإخوان التي تعد بالملايين والتي صنفها (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي كجماعة إرهابية؟ هل يقصد بالخبرة الأعمال الدموية في قتل آلاف الأبرياء؟ أم في اعتقال الآلاف من النساء والرجال والأطفال؟ أم الخبرة في التعذيب في السجون؟ أم الخبرة في العمالة لإسرائيل والتي لم تكن بعيدة عنه في يوم من الأيام؟ أم الخبرة في إغلاق المؤسسات والهيئات الخيرية؟ هل هذه الخبرة التي ستستفيد منها ستشمل وقف إرهاب حزب الله العابر للحدود تحت أعينك وأعين وزارتك وأجهزتك الأمنية وإقرار من تيارك؟ وهل تجرؤ يا مشنوق أن تضع حزب الله على قائمة الإرهاب الذي تبشرنا بمحاربته؟».
رسمياً، يعبّر مسؤولو «إخوان لبنان» عن استغرابهم لكلام وزير الداخليّة، إذ يقول المسؤول السياسي لـ«الجماعة» في بيروت عمر المصري لـ«السفير»: «كلامه أثار استغرابنا، لأن الخبرة المصريّة التي يحاول المشنوق التمثّل بها لا تشرفّ لبنان، بلد الحريّات، ولا تشرّف حتى وزير الداخلية المعروف بشفافيّته وعدله».
ويعيد المصري الأسئلة التي تناقلتها القاعدة الشعبية: «هل يقصد الخبرة المصريّة بالانقلابات الدمويّة، والقتل والتدمير والعمالة لإسرائيل، وإقامة منطقة عازلة تحت عنوان مكافحة الإرهاب، والتعذيب والقتل داخل السجون؟»، مشيراً إلى أنّه «لو التقى العالم أجمع مع النظام المصري الحالي، فإن الحق سيبقى حقاً والباطل سيبقى باطلاً، لأن مجيئه كان بانقلاب دموي بدعم أميركي ـ إسرائيلي وتمويل خليجي».
في المقابل، يصف المشنوق هذا الكلام بأنّه «مخاوف مبالغ فيها وينمّ عن حساسية غير مبرّرة»، مذكراً بأنّ «النظام اللبناني هو نظام ديموقراطي لا يحاسب الناس على آرائهم وأفكارهم».
ومن الذي قصده بقوله محاربة الإرهاب، يقول المشنوق لـ«السفير»: «كلّ من يخالف القانون أمنياً هو ما أقصده بهذا الكلام، إن كان «إخوان» أو ينتمي إلى أي جهة كانت. والدولة اللبنانية تحاسب أي شخص على أفعاله ومخالفته للقانون وقيامه بأعمال أمنية».
يضع «معاليه» نصب عينه أنه وزير للداخلية وبالتالي المسؤول الأوّل عن أمن اللبنانيين، إذ يؤكّد أن «البحث (في مصر) تناول الإرهاب الأمني وهذه مسألة وطنيّة بامتياز. وبالإضافة إلى تبادل الخبرات بالمعنى الأمني، فإن هناك أيضاً تبادلاً للخبرات بالمعنى الأخلاقي والديني كما حصل خلال اللقاء مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب».
في المحصلة، «إخوان لبنان» عاتبون على وزير الداخلية والبلديات، إلا أنّهم يحاولون إنهاء المسألة «بأرضها» من دون تكبير حجر «الزعل». فهم لن يطرحوا الموضوع مع «معاليه» عندما يحطّ على الأراضي اللبنانية. بل يقول المصري: «لن نأخذ موعداً من الوزارة للحديث بهذا الشأن، ولكن إذا كان هناك لقاء قريب فقد نأتي على مناقشة هذا الموضوع معه».
كذلك تبحث «الجماعة» عن «مبررات تخفيفية» لـ«معاليه»، على اعتبار أنّ «العلاقة مع المشنوق جيدّة جداً والتواصل معه دوري، وحتى عندما تحدّث عن العلم الأسود تفهّمنا قصده ونحن معه وخلفه في موضوع محاربة الإرهاب بشفافيّة»، وفق المصري. ويشدّد «إخوان لبنان»، على لسان المصري، على أنّ «قصد وزير الداخلية قد يكون أنه يريد الاستفادة من الخبرة بشأن الإرهاب، ولم يكن يقصد أمر الإخوان وفترة حكم الرئيس محمّد مرسي».

السابق
جمعية المستهلك نوهت بدور ابو فاعور
التالي
اغتيال أحد قادة «الجهاد العالمي» في درعا