الهُوّة لا تعني الهاوية

على الرغم من الأجواء غير المشجعة التي عكستها المواقف بعد يومين من الإجتماعات في عُمان بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف إضافة الى مبعوثة الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ولا سيما كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يقوم بجولة آسيوية ، عبر قوله”  إن الهوة لا تزال كبيرة بين إيران والقوى الغربية”  ، إلا أن الرغبة بعدم العودة الى الوراء أو الى ما قبل جنيف في العام الماضي ، وحدها كافية للقول بأن الطرفين الأميركي والإيراني يريدان ، ومن موقع حاجة كل منهم ، تحقيق إنجاز ولو جزئي في الملف النووي الإيراني.
فالرئيس الأميركي الذي خسر الكونغرس بشكل كامل بمجلسيه النواب والشيوخ ، لن يكون سهلا عليه تمرير أي إقتراح أو مشروع لأنه ستتم عرقلته في الكونغرس وهو سيحتاج الى إتخاذ قرارات منفردة ، ومن دون مساعدة الكونغرس. ومن هنا تبرز أهمية أن يحصل على تنازل إيراني في موضوع التخصيب أو ضمانات معينة تضبط عملية التخصيب لأهداف سلمية وتستبعد إنتاج سلاح نووي ، من أجل التوصل الى إتفاق بشكله النهائي ، ولو جزئيا في المرحلة الأولى ، وهو يفتح الباب أيضا أمام ملفات أخرى في المنطقة تبدأ بداعش ولا تنتهي  في اليمن ، ليسجل أوباما أول إنجاز في السياسة الخارجية خلال السنتين المقبلتين .
في المقابل يحرص الإيرانيون على الإستمرار في المفاوضات خوفا من العودة الى ما قبل بداية تخفيف العقوبات الإقتصادية ، والتي إنعكست بشكل مباشر على الإيرانيين ، الذين يطالبون بإنهاء هذه العقوبات ، وهو ما عبر عنه بشكل واضح نائب وزير الخارجية الإيراني عباس أراغاشي حين قال ” لا أحد يريد أن يعود الى ما كانت عليه الأمور قبل إتفاق جنيف ، وهذا السيناريو خطر ” مضيفا ” لا وجود للحلول الوسط وكل أفكارنا مركزة على كيفية التوصل الى إتفاق ” . هذا الكلام خلال المحادثات في عُمان يلتقي مع التحذير الذي كان أطلقه كيري قبيل وصوله الى مسقط. عندما قال ” إذا وصلنا الى موعد 24 تشرين الثاني من دون إتفاق فإن المفاوضات ستكون أكثر صعوبة ” .
مما لا شك فيه أن الطرفين أبديا حرصا شديدا على عدم نعي المفاوضات أو الحديث عن فشل المساعي ، لا بل أشارت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية الى أن  المفاوضات ” صعبة ومباشرة  وجدية ” فيما إكتفى كيري لدى مغادرته الفندق في مسقط بالقول ” نعمل بجهد. نعمل بجهد ” أما نظيره الإيراني ظريف فحرص على إشاعة جو أكثر إيجابية حين قال ” سنتوصل ” وربما التعبير الأصدق كان لمسؤول إيراني نقلت عنه وكالة رويترز من دون تسميته وهو قال ” قليل من التقدم ” .
مرحلة شد الحبال قبيل الموعد المحدد في 24 تشرين الثاني بدأت ، وربما سنشهد خلال الأسبوعين المقبلين رسائل وإتصالات الربع الساعة الأخير من أجل معالجة دقيقة  لردم الفجوات الموجودة ، ومهما كانت لغة التصاريح المتبادلة علنيا ، إلا أن سقفها لن يتجاوز الإطار العام الذي وُضعت فيه المفاوضات لأن البديل غير متوافر حاليا ، ولا أحد يريد أن يفقد هذه اللحظة التاريخية ، ومهما كانت الهُوّة الموجودة بين الطرفين إلا أنها لن تصل الى مرحلة الهاوية ..

http://www.akhbarboom.com/archives/82934

السابق
أسرار علاقة حزب الله بالمافيات البرازيلية تخرج الى العلن
التالي
أميركا تعتبر أن المحادثات صعبة وجادة وايران: لا تقدم