المحافظ يزيل بسطات الفقراء من الميناء .. الأمن ممسوك؟

كان ينقص المواطنون في الفيحاء طرابلس، إزالة مصدر عيشهم الأوحد "البسطات" عن البحر، فرغم ما عانوه من مآسي حرب أهلية وتفجيرات، صمدوا وأرادوا الحياة بعزّ وكرامة، ولكن هناك أحد لا يريد لهم العيش بسلام، فقرّر محاربتهم بلقمة عيشهم... كأنّ الأمن في المدينة الشمالية ممسوك بأكمله ولا عيب يشوبه سوى بسطات الفقراء.

بعد قرار المحافظ القاضي رمزي نهرا بإزالة البسطة في بلدة الميناء – طرابلس، واستهجان القصة وتفاعلها على صفحات التواصل الاجتماعي، كان يجب علينا تسليط الضوء على هذا المواطن الفقير، والذي لا يملك مصدر عيش سوى هذه البسطة، الذي يقف أمامها  في عز البرد القارس ليجني 2000 أو 3000 ليرة. ونسأل ماذا سيفعل هذا المواطن؟ بعدما سلبوا منه عيشه الكريم…

عن هذا الموضوع اتصلنا بإسراء مريم، وهي صاحبة “بسطة” هناك، فقالت: اليوم كان فيه اعتصام للمتضررين. هم أتوا كخفافيش الليل، في ليلة ظلماء، لم نعلم أنهم أخذوا القرار بإزالة البسطات، أخبروا بلدية الميناء خفية، ولكننا أتينا منذ السادسة صباحاً، فوجئنا بالبسطات المزالة منها، والمكسّرة، ومنها ما زالوا يزيلونها”.

صمتت مريم قليلاً، ثم قالت: “هناك مناوشات قديمة، بيننا وبين القوى الأمنية بشأن هذا الموضوع، ومرّة أتى النائب محمد كبارة (أبو عبد) منذ سنتين إلى البحر مع  لجنة معنية، فاتفقوا على أن النائب كبارة يتولى الموضوع، ووعدنا كبارة أنه سوف يحلّ الموضوع. وكان هناك حلول نحن قدمناها، كرخص قانونية وبعض التفاصيل. واقترحنا أن نشكل لجنة من أصحاب المقاهي”.

أضافت مريم: “اليوم أزالوا كل البسطات دون أي حلّ بديل، كالكشوكة على سبيل المقايضة مثلاً. الآن البحر خال تماماً… هل من أحد يجيب؟ طبعاً لا أحد يسمع ولا أحد يستجيب. علماً أن بلدية الميناء تتصرّف وكأن الأمر لا يعنيها رئيساً وأعضاء، باختصار “الدنيا سايبة” ولا أحد يكترث لأمرنا. اليوم قطعنا الطريق وأشعلنا الإطارات، ووضعت يافطات على الطرقات، ونزل المتضررون إلى الشارع، ليتكلموا ويشكوا أمرهم.. هذا الشعب ليس لديه مورد آخر غير البسطات”.

وسألت مريم نفسها قائلة: “ماذا سنفعل، لا أعلم؟”. وأضافت مريم: “عندما يأتي إلينا العميد ويقول هذا غير قانوني وغير مرخّص، نسأل هنا: أين البديل. نحن عرضنا عليهم، يا جماعة الخير، “رخّصو”، نحن مستعدين أن نرخّص، ونسعى لامتلاك الأوراق القانونية، ولكن إذا أزيلت هذه البسطات أين نذهب، ونحن هنا منذ 25 سنة”. قالت مريم وصوتها يرتجف: “أين نذهب؟ هذا مصدر رزقنا الوحيد، ماذا نفعل؟”.

وأكملت مريم: “نحن سمعنا أنهم سوف يعوّضون علينا بوضع الكشكوكة بدلاً عن البسطات جيّد، ولكن إذا أخلوا بالوعد من يتحمّل المسؤولية؟  لديهم من الآن إلى نهار الاثنين ليحلّوا الموضوع، وإلاّ سنعود ونضع البسطات، طلما أنه ليس هناك بديلاً، طالما نحن وبسطاتنا موجودين. والقصة سوف تكبر أكثر فأكثر”.

وقالت مريم: “أنا سوف أنتظر قليلاً، ثم أذهب إلى مخفر الميناء وأشرح الموضوع مجدداً، وإذا لم يستجب أحد لأمرنا سوف نشعل الأمور أكثر، لأننا هنا ندافع عن قوت يومنا وبقاءنا على قيد الحياة. وليس من هناك حلّ يلوح في الأفق، إذ أنهم ما زالوا يزيلون “الشماسي” والبسطات الباقية. الحلّ عند الدولة، ونحن بدورنا نسعى لمساعدتها لإيجاده. نحن قلنا للدولة الكريمة: نحن سنتساعد معكم، وندفع كل المتوجبات علينا، ولكن أمّنوا لنا رخصة، أعطونا بديلاً نعمل به، ناهيك كالعادة في لبنان، أن هناك أناس مدعومين ولهم وضع آخر. وقالت مريم: أعتقد أن السياسة بدأت تتدخل في هذا الموضوع. وقمنا بتعليق يافطة في منتصف ساحة الكورنيش كُتب عليها: “هل تعلمون أيها السياسيون أنكم أسوأ من داعش؟”. ونحن إذا لم تنفّذ حقوقنا سنصعّد الأمور، والحلّ عند الدولة فقط لا غير”.

وأضافت: “إذا كان هناك مشكلة كما يدّعون عن متاجرة بالمخدّرات أو ما شابه، هذه بدعة. إن السبب الفعلي هنا، أنه لا يوجد تنظيم للعمل، ولا يوجد فعلياً بلدية للمنية”. وختمت مريم بصوت محروق: “إن لم ينتجوا لنا حلاًّ خلال يومين، سوف تتصعّد الأمور، ونرجع لنضع البسطات كما هي”.

السابق
تسع اجابات على أسئلة إلى خامنئي حول ’إزالة إسرائيل’
التالي
من هو أحمد حويلي ولماذا انتقل من قراءة العزاء إلى الاغاني؟