زيتون النبطية: موسم ضعيف وأسعار مرتفعة

بكّر مزارعو الزيتون في منطقة النبطية بقطاف إنتاجهم من الزيتون جرياً على عادتهم في كل عام، لا سيما بعد «الشتوة الأخيرة» التي غسلت الاشجار من الغبار والأوساخ. ونظراً للطابع «التمويني المحلي غير التجاري» الذي يميز موسم قطاف الزيتون في المنطقة، لا تتجاوز الكميات التجارية المتبقية منه أكثر من 10 في المئة، بينما 90 في المئة من الإنتاج يستخدم لمؤونة المزارعين من الزيت والحبوب، فضلاً عن محدودية زراعة الزيتون في المنطقة، مقارنة مع مثيلتها في المناطق الجبلية الشرقية والجنوبية من محافظة النبطية، كمنطقتي حاصبيا ومرجعيون المشهورتين بهذه الزراعة، ذات المردود التجاري المميز.

مردود موسم الزيتون في النبطية لهذا العام متفاوت بين منطقة وأخرى، فبينما يمكن القول إنه جيد في مناطق، فإنه لا يغطي بدل الأكلاف والجهد والتعب وأجرة العاملين في مناطق أخرى.
وإذ يشير المزارع خليل أبو زيد، إلى أن «هذا العام ليس موسم الإنتاج بالنسبة لشجرة الزيتون، المعروف عنها أنها تحمل بكثافة كل سنتين مرة»، ينفي مزارعون ومهندسون زراعيون هذا الأمر، مؤكدين أن «الوفرة في إنتاج شجرة الزيتون أو تراجعها يعود إلى نسبة الاهتمام والعناية بها وريها وتقليمها وحراثتها ورشها بالمبيدات والأسمدة ومكافحة الحشرات».
ويتوقّع أبو زيد «ارتفاع أسعار زيت الزيتون لهذا الموسم ليصل سعر الصفيحة وزن 16 كلغ إلى 150 دولارا، نظراً لندرة إنتاجه»، مرجّحاً أن «يتراوح سعر كلغ الحبوب من الزيتون الأخضر والأسود للمؤونة بين 2500 و3500 ليرة».

انحباس الأمطار

يوضح المزارع أحمد فقيه لـ«السفير» أن «انحباس الأمطار إبان موسم الشتاء الفائت وموجة الحر الشديد التي شهدها فصل الصيف المنصرم، انعكس سلباً على إنتاج الزيتون من الحبوب والزيت، لأن الأشجار لم تشرب الماء الكافي». ويلفت الانتباه إلى أن «شجر الزيتون كان يحتاج إلى الري إبان الصيف مرات عديدة، وهذا ما لم يستطع الكثير من المزارعين القيام به، نظراً لأكلافه المادية الباهضة، ما أدى إلى يباس حبوب الزيتون وسقوطها على الأرض قبل أوانها، وبالتالي شح كمية الزيت التي تحتويها، وتراجع الموسم».
لا يعوّل المزارع خليل كثيراً على زراعة الزيتون وإنتاجها، نظراً لأسعارها المتهاودة، مقارنة بالأسعار المرتفعة للمزروعات الأخرى من الخضار والفاكهة وغيرها، لأن ما يترتب على المزارعين تجاه هذه الزراعة من الأكلاف المادية الباهظة لا يوازي الجهد والتعب المبذول من أجلها، مما اضطره إلى الاعتماد على زراعة التبغ ذات المردود المادي المقبول، جراء الأسعار المدعومة من الدولة، فيما تفتقر زراعة الزيتون لأدنى مقومات الدعم الحكومي.
كما لا توازي أسعار الزيت والزيتون ما يتكلفه المزارعون من حراثة وتسميد ورش بالمبيدات الزراعية، وفق المزارع حسين تركية، الذي يطالب المعنيين «بضرورة دعم زراعة الزيتون من خلال شراء الكميات الفائضة من زيت الزيتون المنتجة سنوياً بالأسعار التشجيعية، كما هو حاصل بالنسبة لزراعة التبغ».

تصريف الإنتاج

من جهته، يدعو المزارع علي علوش للعمل على تصريف الإنتاج في أسواق الدول العربية، ومنع المنافسة الأجنبية، ومساعدة المزارعين بالأسمدة والمبيدات الزراعية وتنظيم محاضرات الإرشاد الزراعي لهم، لإطلاعهم على كيفية الاعتناء بشجرة الزيتون على أسس حديثة ومكافحتها من الأمراض وتسليفهم القروض الميسرة، للنهوض بزراعة الزيتون.
يضاف إلى معاناة مزارعي الزيتون آلاف القنابل العنقودية التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان تموز 2006 في بعض القرى والبلدات. ويقدّر مسؤول «التعاونية الزراعية في بلدة يحمر الشقيف» ناصر عليق، المساحة المزروعة بالزيتون والتي ما زالت متضررة بفعل القنابل العنقودية الإسرائيلية بحوالي 1000 دونم، أي أكثر من 20 في المئة من أصل المساحة الإجمالية لهذه الزراعة في البلدة. أما في بلدة زوطر الغربية فإن تقديرات البلدية تشير إلى أن 20 في المئة من أصل المساحة الإجمالية المزروعة، تعاني من هذه المشكلة.

السابق
أمل كلوني تطالب بإطلاق صحافي «الجزيرة» الموقوف في مصر
التالي
«داعش» بربريّ.. ونحن أيضاً؟