الاسلاميون من بيروت الى لندن وواشنطن محور اهتمام دبلوماسي وامني واكاديمي

قاسم قصير

تشكل القوى والحركات الاسلامية على اختلاف توجهاتها وانتماءاتها الفكرية والسياسية والجهادية محور رصد واهتمام الجهات الدبلوماسية والامنية والاكاديمية ومراكز الدراسات في مختلف عواصم العالم من بيروت الى لندن وواشنطن وصولا الى مراكز القرار في المنطقة.

فالاحداث الامنية الاخيرة في لبنان والتي كان محورها المجموعات الاسلامية الجهادية دفعت معظم السفارات والمؤسسات ومراكز الدراسات العالمية لتسليط الضوء على هذه الاحداث وعلى دور التيارات السلفية والجهادية في لبنان والمنطقة.

كما ان العواصم الاوروبية وخصوصا العاصمة البريطانية لندن انشغلت منذ عدة اشهر باعداد دراسة شاملة حول دور الاخوان المسلمين في بريطانيا واوروبا والعالم العربي والاسلامي ، وتم اعداد دراسة موسعة في هذا الاطار وقامت بعض الصحف البريطانية والعربية بنشر بعضا مما تضمنته هذه الدراسة والتي تكشف عن امتدادات حركة الاخوان في العالم  والمؤسسات التي تشرف عليها ، لكن حتى الان لم يصدر اي قرار رسمي بريطاني بشأن هذه الدراسة وكيفية التعاطي مع الاخوان المسلمين وعلاقة ذلك بما يجري في الدول العربية.

واما على صعيد حزب الله والقوى الحليفة معه في المنطقة فهو الشغل الشاغل للعديد من مراكز القرار والمؤسسات الدولية والغربية والصهيونية لمعرفة اي دور مستقبلي للحزب بعد الانخراط في الصراع في سوريا ودول المنطقة وتأثير كل ذلك على دوره في مواجهة العدو الصهيوني.

فماهي اسباب ازدياد اهتمام مراكز القرار ومختلف الجهات السياسية والدبلوماسية والامنية بالقوى والحركات الاسلامية؟ وكيف يتجلى هذا الاهتمام؟ وما هي خيارات القوى والحركات الاسلامية تجاه هذا الاهتمام المتزايد بدورهم ونشاطاتهم؟

اسباب الاهتمام بالاسلاميين وتجلياته

بداية ماهي اسباب ازدياد اهتمام الجهات السياسية والدبلوماسية والامنية ومراكز الدراسات بالقوى والحركات الاسلامية في هذه المرحلة؟ وكيف يتجلى هذا الاهتمام بشكل مباشر؟

لم يعد خافيا ان القوى والحركات الاسلامية في المنطقة وعلى مختلف اتجاهاتها وانتماءاتها هي اليوم محور اهتمام كل الجهات نظرا لتزايد دور هذه التنظيمات والحركات على الساحة السياسية والشعبية والعسكرية والامنية بغض النظر اذا كان ما تقوم بهذه الحركات صحيحا او خاطئا وما هي نتائج اعمالها وتحركاتها.

لكن المتطلع الى التطورات في العالم العربي والاسلامي وصولا الى بعض العواصم والمناطق الغربية والشرقية يجد ان الاسلاميين هم محور الاهتمام، وقد تزايد دور الاسلاميين خلال السنوات الاربع الاخيرة ولا سيما بعد الثورات الشعبية العربية ونشوء تنظيمات متشددة كبوكو حرام او داعش او النصرة ، اضافة لوصول الاسلاميين الى السلطة في عدد من  الدول العربية والاسلامية، ودور القوى الاسلامية الجهادية في مواجهة العدو الصهيوني وانخراط عدد من هذه الحركات في مختلف صراعات المنطقة، فالاسلاميون اصبحوا جزءا من الصراع الاقليمي والدولي وتحولوا الى قوى فاعلة ومحركة على الصعيد الميداني.

ولذلك تنشط كل مراكز الدراسات ومؤسسات القرار في العديد من الدول على اعداد الدراسات والابحاث العلنية والسرية عن القوى والحركات الاسلامية ، كما نشأت مراكز متخصصة فقط بدراسة الحركات الاسلامية كمركز المسبار في دبي، اضافة لما تقوم به مؤسسة راند الاميركية ومؤسسة كارنيغي ومجموعة الازمات الدولية من دراسات وابحاث ميدانية، كما ان السفارات والاجهزة الامنية العربية والاجنبية تتابع باهتمام كل انشطة الحركات والقوى الاسلامية، ويضاف الى ذلك اصدار مئات الابحاث والكتب والاف المقالات عن كل ما يتعلق بالاسلاميين في لبنان ودول المنطقة.

خيارات الاسلاميين

فكيف يمكن ان تتعاطى الحركات والقوى الاسلامية مع هذا الاهتمام المتزايد؟وهل يكفي التعاطي السلبي او عدم الاهتمام بمايجري؟ ام يحتاج الاسلاميون لاستراتيجيات جديدة في مواكبة هذا الاهتمام؟

في عقود سابقة كان الاسلاميون حذرين وخائفين وقلقين من اي اهتمام غربي او اجنبي باوضاعهم ونشاطاتهم ومواقفهم وافكارهم، وكانت معظم الحركات الاسلامية تفضل العمل السري او الابتعاد عن الاعلام او عدم التجاوب مع الباحثين والدارسين بسبب الخوف من الجانب الامني والمخابراتي واستغلال بعض المواقف والانشطة لمحاربة الاسلاميين.

لكن لاحقا ابتعد الاسلاميون عن الجانب السري وبدأوا ينشطون في شرح افكارهم واهدافهم ومواقفهم واصبح الاعلام احد اهم الوسائل التي يعتمدها الاسلاميون في التواصل مع الاخرين ولم يعد هناك حذرا كبيرا في التواصل مع الجهات الدبلوماسية او مراكز الدراسات والابحاث، وحتى التنظيمات الجهادية والسلفية والمتشددة ،ومنها تنظيم داعش، اصبحت تستخدم وسائل الاعلام بشكل كبير وصولا الى نشر عمليات الذبح والقتل وكان لذلك اثارا وانعكاسات سلبية.

وفي مقابل ذلك نجد انه لا يزال هناك بعض الحذر لدى بعض التنظيمات والقوى الاسلامية، واحيانا اخرى نجد ان هناك سوء استخدام لوسائل الاعلام مما يؤدي لنشر مواقف ومعطيات تسيء للقوى والحركات الاسلامية.

كما ان بعض القوى والحركات الاسلامية عمدت في فترات معينة لعقد مؤتمرات فكرية وبحثية واطلاق مواثيق ومواقف مهمة ساهمت في شرح مواقفها والرد على بعض التهم التي تطلق عليها، وكان لهذه الانشطة دورا مهما في توضيح مواقف القوى والحركات الاسلامية.

ويبدو اليوم ان القوى والحركات الاسلامية ،وخصوصا القوى الفاعلة والتي لديها رؤية مختلفة عما تقوم به بعض التنظيمات العنفية والمتشددة ، مطالبة بتكثيف دورها الاعلامي والبحثي والفكري وتعزيز العلاقات مع مختلف الجهات  من اجل قطع الطريق على الأطراف  التي تريد الاساءة للاسلاميين لان ترك الساحة للاجهزة الامنية او لمراكز الدراسات الغربية للحديث عن الاسلاميين سيكون له انعكاسات سلبية مستقبلية على الساحة الاسلامية، وكل ذلك يفرض على القوى والحركات الاسلامية الفاعلة ان تعلن حالة طواريء بحثية واعلامية وفكرية من اجل اعادة الامساك بزمام الامور والا فاننا سنكون امام تطورات خطيرة في المرحلة المقبلة على صعيد الواقع الاسلامي، والمسؤولية تقع على الجميع بدون استثناء.

 

السابق
 أحمد ميقاتي للمحققين: لا تضربوني.. سأقول كل شيء
التالي
إليكم قاتل بن لادن!