لمن أخليتم الحديقة؟

ما سر هذا القدر الذي جعلنا نفقد أربعة من كبارنا في عالم الأدب والشعر والفكر النير والثقافة في غضون أشهر عدة: أنسي الحاج، منح الصلح، السيد هاني فحص، وأنت أيها العزيز جورج جرداق..كأني بكم تواطأتم مع الموت علينا حين لبّيتم نداء الثرى تترى، وقبّلتم تراب الأرض التي أطلعتكم درراً من بهاء.. أهو التعب أضناكم يا معشر الرقيّ والحضارة؟ هل أخرجتكم تفاهاتُ وصغائرُ أولي أمرنا من جلودكم، إذ ضقتم ذرعاً بزمن العقم والعقوق! أخليتم الحديقة لأقزام بها يعبثون، فعَرينا جميعاً ش…جراً بغير لِحاء.. دثِّرونا يا أبناء النور بجذوة احتراقكم، حصّنوا مناعتنا ضد وباء الغباء، ضد التيه، ضد التصحر، والتعصب، والعماء، فقحطهم أفاعي تنهشنا أحياء…
يبولون علينا مما يسيل من صدأ عقولهم في كل حين، أنبياءٌ كَذَبةٌ في زمن التهافت، تجار دينٍ ودنيا يبيعون بنا ويشرون، سوَقَةٌ وشُطّار، عبَدَةُ مال وسلطان.. نفرّ منهم إليكم أنتم أبناء الحياة الحق ووقود الشمس.. لا تحسبوا أنكم متّم يا تبر الأرض فمن جاهد في الحياة جهاد العقل والحب والشعر والضوء يحيا ويخلد في ذرات الضوء، في الكينونة الحلوة، في الرحابة التي لا تحدّ، في الذاكرة البعيدة الغور، في النفوس الجوعى إلى الحرية، في الأرواح المتمردة على جلاديها، في القيود المكسورة غصباً عن كل قيد، وفي كل حلم جميل بغد أفضل.
العفو منكم أيها الكبار، أنا لا أرثيكم قط.. فالمنائر وجدت لتظل شاهقةً تهدي البحارة.. صغار القوم فقط من يستحق الرثاء…

السابق
قيادة الجيش تنعى العميد المتقاعد ياسر الخطيب
التالي
مجلس الوزراء يقر سلفة للتعويض على اضرار الانفجارات والاشتباكات