كيف ينظر السُنة الى ذكرى عاشوراء؟

مئات السنين لم تحُل دون تجسيد الشيعة حول العالم ذكرى مقتل حفيد الرسول وأهل بيته، مئات السنين وهم يتقبلون التعازي باستشهاده وقطع رأسه بعد محاصرته من جيش يزيد بن معاوية، مئات السنين لم تمنعهم من ارتداء الاسود والبكاء لعشرة أيام تبدأ في الأول من محرم من كل عام، لكن “الحسين ليس للشيعة فقط بل للسنة أيضاً”، بحسب ما يعلن علماء السُنة، فلماذا لا يحيّون ذكرى وفاته؟

ما حصل فاجعة
المدير العام للأوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة شرح لـ”النهار” أن”للمسلمين جميعاً نظرة واحدة إلى أصل حادثة كربلاء، وهي نظرتهم إلى صاحب الحادثة سيدنا الإمام الحسين، فهو مكان تقدير بل أقول تقديس من السنة كما الشيعة. ويعتبر المسلمون جميعاً بمن فيهم أهل السنة أن ما حدث في كربلاء فاجعة أصابت الامة الاسلامية في قلبها لمكانة الإمام الحسين من نبي هذه الأمة، فهو جده وليس فقط جده بالنسب بل هو حبيبه حيث كانت له مكانة خاصة في عاطفة النبي وقلبه ووجدانه، لذلك نحن كسنة نعتبر أن كل هذه المعاني السامية والراقية المرتبطة بالنبوة قد اصيبت في يوم عاشوراء وفي يوم كربلاء”.

فارق وحيد
وأضاف: “يبقى هناك فارق وحيد هو في كيفية احياء هذ المناسبة، نحن مجمعون على الألم، مجمعون على أنها حادثة مرفوضة، مجمعون على أن من قام بقتل الإمام الحسين هو انسان مجرم لا تبرير لفعله وهو ضال عن طريق الإيمان، فلو كان لديه ذرة إيمان لما مسّ ابن ابنة رسول الله” .

احياؤه بذِكر ما حصل
بالنسبة إلى خليفة “الشيعة يحيون الذكرى مجسدين الألم في كل مرة، ولهم تبريرهم في ذلك، نحن نحييها بذِكر ما وقع فيها لنستفيد من العِبر والدروس، لننتقل من الألم الذي حدث إلى عبر نستفيد منها كضرورة الوحدة بين المسلمين، كضرورة أن يكون الانسان مصلحاً وألا يكون متخاذلاً كما فُعل بالإمام الحسين، كي لا يكون الثمن غالياً ولكن بعقل وحكمة ووعي، من غير استثارة جروح الماضي، وإن كانوا هم يرون أن هذا الأمر يجدد حركة الإمام الحسين ويجدد التعلق به فهذه وجهة نظرهم”.

ممارسات مرفوضة
واستطرد “يجمع الشيعة على أن بعض الممارسات التي يقوم بها بعض العوام منهم في الذكرى مرفوضة، وأفتت مراجع كبيرة لديهم بحرمة هذه الأفعال كضرب السيوف وتعذيب النفس، فإذا انتهت هذه المظاهر يصبح الواقع واحداً في معاني ذكرى كربلاء لدى جميع المسلمين”.

خلاف على قسمين
وبحسب خليفة “الخلاف بين السنة والشيعة كان على قسمين، وليس يوم كربلاء هو السبب. قسم فقهي وهذا طبيعي، فحتى الخلاف الفقهي قائم بين المذاهب السنية في ما بينها، وهذا ناتج من اجتهاد وهو يغني الفقه الاسلامي، من دون أن يشكل ذلك مطلقاً أي اشكالية لا في القديم ولا اليوم ولا في الغد. أما الإشكال السياسي على أمر حدث وانتهى، أي على خلافة الإمام علي رضي الله عنه وأولويته بالخلافة عن الخليفة أبو بكر وعمر وغيرهم، فهذا الخلاف الذي كان موجوداً انتهى، ويبقى الخلاف الشكلي على بعض الممارسات، منها طريقة التعابير في المناسبات التي يمكن مع الوقت أن تعالج وأن يخفف من مجالات الإثارة فيها. فمجالات التلاقي هي اكبر بكثير من مجالات الخلاف، وأستطيع ان أجزم وأقول إن مجالات التلاقي بين الفكرين الشيعي والسني تصل إلى 90 في المئة ويبقى 10 في المئة، وهذا أمر طبيعي لاعتبارات تاريخية وقديمة موجودة”.

الرسول عانى أيضاً
من جانبه، اعتبر القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة أنه “لا شك في أن السنة ليس لديهم فرق في النظرة إلى استشهاد حفيد الرسول الحسين بن علي، وبأنه شهيد مسلم قتل ظلماً. لكن خلافاً للشيعة الذين جعلوا إحياء المناسبة يتخذ تقليداً معيناً لا مشكلة لدينا معه، فإننا نعتبر أن ما مرّ به أهل البيت محزن كذلك، والرسول مرّ بما هو أصعب بكثير من القتل، عذِّب من أهله وطرد من مدينته وهجر الى المدينة المنورة ثم عاد إلى مكة، وحين قيل له ماذا أنت فاعل بنا يا رسول الله، قال أخ كريم وابن أخ كريم، اذهبوا فأنتم طلقاء، أي عفا عنهم”.
وأضاف ان “السُنة ليس لديهم أعظم من محبة الرسول وأصحابه وأحفاده الذين استشهد عدد منهم وأصيب عددٌ آخر، وتوفي الباقون وهم يدافعون عن دينهم”، لكن وفق شحادة ” لا داعي بالنسبة إلينا أن تحصل مثل هذه المسيرات، وهذا لا يعني أننا لسنا محزونين. ولو أردنا الأخذ بهذا الموضوع، فإن علي بن ابي طالب استشهد، كذلك عثمان بن عفان وغيرهما الكثير…”.
ورأى الحاج شحادة أن “هناك مبالغة في إحياء الذكرى وذلك من أجل ارسال رسائل للمجموعات الاسلامية الأخرى والعالم كله “أننا لن ننسى مقتل الحسين”، أما الهدف الأكبر من إحيائهم هذه الذكرى، فهو أن تبقى في نفوس الأولاد والأطفال والشيوخ منذ الولادة حتى الممات”.

صوم السّنة
وفي رأيه ان “الشيعة في العالم يعلمون أن السُنة ليس لهم علاقة ولا يتحملون وزر أمر حصل قبل مئات السنين، والروايات تدل على ان أصحاب الحسين هم من خذلوه، وبالتحديد أهل مدينة الكوفة الذين وعدوه بمساندته إذا قدم لتحرير الخلافة من يد يزيد وعندما حضر لم يقف أحد معه”.
واعتبر الحاج شحادة أن “ايذاء النفس إلى حد هلاكها لا يجوز سواء في ذكرى عاشوراء أو غيرها، أما إذا كان لطماً على الصدر تعبيراً عن الندم كما يحصل في مسيرات عاشوراء من دون ايذاء النفس فلا يحرم”.
وعن صيام أهل السنّة التاسع والعاشر من شهر محرم، قال: “ليس لأجل عاشوراء بل اتباعاً لسنة موسى عليه السلام”.

السابق
كنعان : تكتل التغيير والاصلاح سيقاطع جلسة التمديد اليوم
التالي
أميركا باعتنا وباعت إسرائيل لتتفق مع إيران