بالصور: هكذا يضربون حيدر في الضاحية

تطبير

الضاحية مقفلة، الجيش يطوّق مداخلها، لا للتضييق على أهلها وإنّما لحمايتهم من أي تسلل أمني خلال إحيائهم ذكرى عاشوراء والمشاركة في المسيرات التي جالت شوارعها، من الشياح والغبيري وصولًا إلى المشرفية وبئر العبد وحارة حريك وبرج البراجنة، وصولًا إلى حي السلم والليلكي والأوزاعي.

عند المداخل يقف الجيش اللبناني، أمّا في الداخل فيتولّى حزب الله وحركة أمل مسؤوليّة الأمن وتنظيم المسيرات، كلّ بحسب منطقة نفوذه، فيتنتشر شباب الانضباط أو الحركة، يفتشون الوافدين الذين انضموا إلى المسيرات، يقفون على أسطح الأبنية يراقبون الحركة في الداخل وعند المداخل.

تطبير

الأسود يخيّم على الضاحية
اتشحّ الرجال والنساء بالأسود، وضعوا الوشاحات الحمراء والخضراء على رؤوسهم، حملوا رايات الحزن وكفّ العباس، وأوشحة كتب عليها “لبيك يا حسين”، و”يا زهراء”، و”يا زينب”، و”الطفل الرضيع”، وغيرها من العبارات التي لها مدلولات تاريخيّة في السيرة الحسينيّة.

سار الأطفال، والكشّاف في طليعة المسيرة، لحقت بهن النساء اللواتي مثّلن عمليّة سبي النساء بعد استشهاد الحسين وفصل رأسه عن جسده، في السنة 61 هجرية، ليطلّ بعدهم الشيوخ والرجال الذين يلحقون المسيرة.

اللطم والتطبير
أمّا اللطم والتطبير، فكان له مكان مخصّص تحت جسر المشرفيّة، إذ حرصت حركة أمل، بحسب ما أكّد أحد المنّظمين لـ”النهار”، على منع المؤمنين من السير بين الناس، والدماء تغطّي وجوههم، تفاديًا لحالات الإغماء التي كانوا يشهدونها في السنين السابقة، مشيرًا إلى أن أعداد المطبّرين تزيد سنويًا.

وبالانتقال إلى ساحة اللطم والتطبير، كان الشباب والنساء يمارسون هذه العادة، يضربون رؤوسهم بالموسى أو السيف، محدثين فيها جرحًا طفيفًا، قبل أن “يضربوا حيدر” مردّدين عبارات “حيدر حيدر” و”لبيك يا حسين”، وأناشيد أخرى.

تطبير

دمنا فداءً للحسين
ويقول علي أحد المطبّرين لـ”النهار” : “إنها عادة لدينا، اسمها تطبير حيدر، نحن نضرب رؤوسنا فداءً لعبدالله الحسين الذي استشهد ولم يستطع محبّوه من مناصرته، وعندما أتوا إلى كربلاء ووجدوا جثته في أرض المعركة ورأسه مقطوعًا، ضربوا حيدر فداءً له، نحن موالون لأهل البيت ولعبدالله الحسين، دمنا وروحنا فداه، إذا خسرنا دمًا في اليوم العاشر من محرم، لن نتأثّر، فدمنا ليس أغلى من دم إمامنا الحسين”.

بدأ علي بضرب حيدر مذ كان عمره ثماني سنوات. الآن يبلغ من العمر 32 عامًا، وبات يطبّر الناس، فيقول: “أنا أتطوّع لتطبير الناس، كي لا يأتي من لا يفقه بالأمر ويؤذيهم، إضافة إلى فرق الإسعاف التي ترافقنا لتدارك أي حالة إغماء، وفي حال النزف فالأمر لا يتطلّب أكثر من قطبة واحدة”.

كيف تتمّ عمليّة الطبر؟
ألا يشكّل الضرب واللطم خطورة على حياتهم؟ يردّ علي: “نهائيًا، لا توجد أي خطورة. الطبر يتمّ عبر شفرة توضع في الموسى، تحدث شقًا طفيفًا في الرأس، أنا أطبّر أخي وأولاد عمومتي قبل أن أطبّر الآخرين، من المستحيل أن يتأذى أحدًا فسيّدتنا فاطمة الزهراء تحمينا”.

أليس من الأفضل التبرّع بالدم خصوصًا أن لا فائدة من هدر الدماء على الأرض؟ يقول علي: “يمكن لمن يحبّ أن يتبرّع بالدم، ولقد أوصانا بذلك سماحة السيّد محمد حسين فضل الله، ولكن بالنسبة لي أفضّل أن أضرب حيدر. مرّة امتنعت عن ضرب أخي عملًا بتوصيات سماحة السيّد، فوقع لوح زجاج على رأسه في مكان ضرب حيدر، ومنذ ذلك الحين صرت متاكّدًا أن ضرب حيدر ليس حرامًا. دمنا ليس أغلى من دم الحسين، لم يستطع محبّوه من مناصرته ومنع استشهاده، لذا ضرب حيدر هو أقل ما يمكننا القيام به من أجله”.

تطبير

 

احترمونا كما نحترمكم
ألا تخشون من نظرة الآخرين إليكم وأنتم تضربون رؤوسكم حتى تدمّى وجوهكم؟ يردّ علي: “ضرب حيدر عادة قديمة والكلّ يعرف بها، فالشيعة معروفون بولائهم لأهل البيت، لا يجب النظر إليها بطريقة خاطئة، وإنّما بنظرة طبيعيّة، فنحن لا نؤذي أحدًا، ولا نضرب أحدًا، ولا نشتم أحدًا، بل نردّد أسماء أهل البيت ونهتف باسم حيدر والزهراء والحسين وزينب، وإذا لم ينزل الدم من جسدنا، فما النفع من حياتنا؟ وما نفع كوننا شيعة؟ كلّ إنسان له دينه وكما يقال (كلّ مين عَ دينو الله يعينو)، هذه عاداتنا وكما نحن نحترم ونشارك الآخرين بعاداتهم، عليهم أن يحترموا عاداتنا، فنحن لا نسأل الآخرين لماذا يقومون بهذه العادة أو تلك، بل نحترمها”.

السابق
العلامة الحاج دعا المسؤولين للوئام والتعاون
التالي
سوق الخان في حاصبيا.. ترميم ينقله إلى الحضارة