في عاشوراء نتذكر الحسين.. وننسى الاهم: الاصلاح

عاشوراء
التحول الجوهري الذي أصاب واقعة عاشوراء بمقتل عظيم، واذاها جذريا، يوازي مصيبة قتل الامام الحسين في ذلك اليوم، ان لم اقل انه اعظم منه، هو عندما حوّلنا هذا اليوم الى يوم للحسين عليه السلام ونسينا من هو اعظم منه أي "الإصلاح".

يحكى ان صحافيا بريطانيا حضر الى العراق وشاهد المسيرات الحسينية الضخمة، التفت الى رفيقه العراقي وقال له: حتما سوف تسقط الحكومة ولن تصمد امام كل هذه الجموع المحتجّة، فقال له باستهجان ان هذه الجموع تطالب باسقاط حكومة مضى عليها اكثر من الف عام، ولا علاقة لها بالحكومة الحالية.

بغض النظر عن صحة الحادثة او عدمها، الا انها تعكس واقع الحال، بحيث اننا نكاد لا نتلمّس أي اثر يذكر لكل هذه الشعائر الحسينية التي تعم شوارعنا وتدخل الى بيوتنا على تحسين حياتنا اليومية. حتى انني استطيع الزعم ان ما بعد الانتهاء من احياء مراسم عاشوراء هو تماما كما قبله، ما يدلل على ما أصاب هذه الذكرى من عملية افراغ للجوهر وللاهداف فتحولت الى ما يشبه الفولوكلور ليس اكثر، ينتهي مع انتهاء ممارسته.

اعتقد ان التشوه الأكبر الذي طرأ على الذكرى واحداثها وتسبب بتحريفها، وتحويلها الى مجرد محطة نسترجع فيها التاريخ ولا تشكل انطلاقة نحو الحاضر والمستقبل، هو عندما شخصنا الواقعة واعتبرنا احداثها مرتبطة بشخص الامام الحسين (ع)، فصارت الذكرى هي ذكرى الامام الحسين بينما حقيقة الأمور انما هي ذكرى للإصلاح الذي هو اهم حتى من الامام نفسه، بدليل انه عليه السلام قد قام وضحى بنفسه وبعياله واصحابه من اجله.

فالبطل الحقيقي (اذا صح التعبير) للاحداث التي حصلت يوم العاشر من المحرم سنة61 للهجرة انما هو “الإصلاح” وليس الامام الحسين (ع). وعلى هذا “الإصلاح” ومن اجل “الإصلاح” وفي سبيل “الإصلاح ” تتمحور كل الرواية وكل التفاصيل وكل الحكاية.

اولم يعلن الامام الحسين هذا بكل وضوح في قوله: “اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وانما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي”.

وعليه فان التحول الجوهري الذي أصاب واقعة عاشوراء بمقتل عظيم، واذاها جذريا، يوازي مصيبة قتل الامام الحسين في ذلك اليوم، ان لم اقل انه اعظم منه، هو عندما حوّلنا هذا اليوم الى يوم للحسين عليه السلام ونسينا من هو اعظم منه أي “الإصلاح”.

فبتنا نخرج ونندب ونبكي ونطبّر ونعمل المسيرات تحت شعار الحسين (ع)، في حين ان المطلوب ان نخرج ونندب ونبكي ونطبر ونعمل المسيرات من اجل الإصلاح في مجتمعنا، والا فما معنا اننا نعيش في مجتمع وفي وطن نعاني فيه ما نعاني من فساد وهدر للمال العام وتعطيل للحد الأدنى من معايير العدالة وفقدان للامن والاستقرار والعيش الكريم وفي ظل سلطة سياسية تفعل كل الموبقات والفظائع؟ وبعد ذلك نترك كل تلك المصائب جانبا وندعي اننا نحيي مراسم عاشوراء؟

المشاركة في مسيرة إصلاحية واحدة تطالب بقانون انتخابي عادل مثلا، هي مسيرة حسينية حقيقية، يحضر فيها الحسين بكل تجلياته ومعانيه،وان كانت خالية من كل الضوضاء العاشورائية، لأننا حينئذ نكون نجسد الأهداف التي من اجلها استشهد هذا الامام العظيم .

السابق
وزارة الخارجية: قمنا بكل الاجراءات لإجراء الانتخابات بموعدها في الكويت وسيدني
التالي
حرب التقى رئيس الوزراء المصري في القاهرة