امين قمورية يرد على نصر الله: الملحدون قاوموا الاحتلال قبلك

السيد الامين العام لـ”حزب الله”، فجأة ومن دون مقدمات، أطلق سهامه على الملحدين، واعتبر ما يرتكبه البعض باسم الدين والاسلام لا يبرر النزعة الى الإلحاد التي لاحظ انها بدأت تظهر في المجتمعات العربية، ولمّح الى ان خطر الالحاد لا يقل عن خطر التكفير.

لا أرى ان السجال مفيد الآن بين مؤمن وملحد، وقد يبدو عقيماً في هذه الظروف والمناخات التي تمر بها المنطقة والتي تتطلب نقاشاً من نوع آخر يطاول الاولويات والهموم ولا سيما منها ما يهدّد وجودنا على هذه الارض وانسانيتنا، وان كنت أوافقه على ان ثمة نوعاً من الالحاد يعادل التكفير، وخصوصاً ذلك الالحاد الكافر بكل شيء والرافض لكل القوانين والقيم والمبادئ.
ولكن منذ وجدت البشرية وجد الصراع الفكري بين منظومتين، إحداهما مثالية روحية تؤمن بوجود خالق وترتكز على ثوابت يستطيع الانسان أن يعتمد عليها للحفاظ على تفاؤله بانتصار الخير على قوى الشر، وأخرى مادية ترى في المادة أصل كل شيء وأصل كل فكر وكل روح. ولا بد من الاقرار أولاً بأننا لا نستطيع أن نثبت بالبراهين العقلية الجازمة التي لا تقبل الشك لوضوحها وصفائها وجود هذا الكائن المطلق وتلك الحقيقة القصوى. فكثافة الجسد الذي نحن فيه وكثافة المادة التي تكتنفنا تحولان دون ظهور هذا الكائن ظهوراً جلياً. لذلك يستحيل علينا إقناع الماديين بالبراهين العقلية بأنّ إلحادهم خاطئ. ولا بدّ للملحدين من الإقرار بأنهم هم أيضاً لا يستطيعون أن يبرهنوا بما لا يقبل الشكّ ان هذا الكائن المطلق الذي نؤمن بوجوده هو وهمٌ محض وصنع خيال. اذاً، الايمان ممكن والالحاد ممكن والجدل بينهما قطعاً لن ينتهي غداً.
بيد انه في الشرق عموماً وفي العالم الاسلامي خصوصاً، ثمة دائماً نظرة ملتبسة الى الالحاد اذ ينظر الى الماديين كأنهم وحوش ضارية بلا قيم وبلا اخلاق وبلا مبادئ وحتى بلا انسانية، وانهم يريدون إفساد الامة ونخر عظامها، لمجرد ان لهم رأياً في هذا الوجود الصاخب بالأسئلة والغموض. مع التذكير بانه كانت لبعضهم مساهمات فكرية وادبية وعلمية وظّفت لـ”خير” هذه الامة، والأهم انهم ساهموا في حمل قضايا الناس وهمومهم وكانوا رواداً في النضالات. والسيد الامين العام أدرى بما فعلوه وقدّموه وخصوصاً في ميدانه الأحب: المقاومة للاحتلال.
وفي الزمن “الداعشي” والردة الجاهلية، ليس غريباً ان تظهر ردات فعل ترفض هذا النوع من “التدين”. اكثرها نابع من فشة خلق وليس بالضرورة من نظرة إلحادية متجذرة أو رفض لجوهر الدين أو قيمه المتسامحة. حمية هؤلاء ضد التوحش قد تجعلهم أيضاً شريكاً مفيداً في هذه المعركة المصيرية، فلماذا وضعهم سلفاً في خانة الأعداء الأشرار؟

السابق
توقيع اتفاقية الثلات مليارات لتسليح الجيش
التالي
كرم ردا على عون: أنت تسعى للفراغ علّك تصل الى الرئاسة