الشيعة قتلوا الحسين وليس السنّة.. أمس واليوم

عاشوراء
يتّهم الشيعة عموماً، وشيعة لبنان خصوصاً، أهل السنّة بأنّهم هم من قتل الامام الحسين. لكن في العودة الى التاريخ يظهر أنّ من قتل الامام هم الشيعة أنفسهم.

واحدة من اهم مقدمات واقعة الطف في كربلاء الخالدة، التي تحتاج إلى دراسة معمّقة، هي الكتب التي أرسلت من الكوفة الى الامام الحسين (ع) في مكّة المكرمة، بعد خبر وفاة معاوية. خصوصاً ان طبيعة هذه الكتب المرسلة وأسماء الأشخاص الذين أرسلوها وهويتهم المذهبية والسياسية قد تكون من اهم المحطات التي يجب التوقف عندها مليا. وخصوصاً في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة من تشنجات طائفية وانقسامات مذهبية، حين يتم استحضار التاريخ بكل محمولاته الفتنوية واسقاطه بعد ذلك على واقعنا من اجل استثماره في اتون الاختلافات السياسية المتدثرة باللباس المذهبي.

وعاشوراء هي واحدة من هذه المحطات المستعملة في هذا السياق، حيث يتم التصوير “السُنة” على أنّهم هم الذين قتلوا الامام الحسين، ليصبح بعد ذلك شعار “يا لثارات الحسين” كأنّه في الوجدان الشعبي الشيعي يرفعه الغاضبون في وجوه أهل السنّة وضدّهم. وفي نظرة سريعة الى طبيعة تلك الكتب ومضامينها، نكتشف بسهولة ان الكوفة، التي كان ينوي التوجه اليها الامام بعد التهديد المباشر بالقتل من النظام السياسي، منطقة شيعية صافية موالية للحسين ولابيه من قبله ويمكن القول ان الكوفة كانت اشبه ما تكون الضاحية الجنوبية لبيروت هذه الأيام.

اما الكتب التي ارسلها أهل الكوفة إلى الامام الحسين والبالغ عددها، في أقلّ تقدير أربعة آلاف كتاب، ويصل عند بعض المؤرخين الى ثمانين الف كتاب، فكانت تحتوي على تعابير الحب والولاء وتنضح بكل معاني المبايعة والطاعة.

ولا اشكال البتة في ان العواطف الجياشة التي تضمنتها تلك الحروف في بطون تلك الكتب انما كانت تعبر عن عواطف صادقة وعن مشاعر حقيقية لا لبس فيها، تماما ككل مظاهر الحزن والاسى التي تلف كل المناطق الشيعية في أيامنا هذه على كامل الأراضي اللبنانية، فهي أيضا تعكس حالة عميقة من الحب ومن العشق تجاه اهل البيت والامام الحسين بشكل خاص. لكنّ تجربة اهل الكوفة علّمتنا أنّ هذا الحب وحده لا يعني ابدا أنّ المحب هو الى جانب المحبوب، وأنّه في لحظة سياسية قد يكون هذا المحب هو نفسه قاتل الحسين (ع).
فمن المعروف ان الشمر بن ذي الجوشن، لعنه الله، كان ممّن شهدوا صفّين مع الامام علي، وكان من الذين كاتبوا الامام، وكذلك معظم قادة جيش عبيد الله بن سعد (شبث بن ربعي – عزرة بن قيس الاحمسي – عبد الرحمن بن ابي سبرة – يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم – عمرو بن الحجاج الزبيدي..) وهم جميعهم من ” الشيعة ” الذين شكلوا أعمدة الجيش الذي قاتل الحسين.

وهذه الحقيقة التاريخية انما تقول لنا بوضوح ان قتلة الامام الحسين المباشرين انما هم الشيعة المحبّون، او بشكل أوضح انّما هم مدّعو التشيّع والحبّ. ما يعني انّ مظاهر الحب تلك وحدها لم تكن لتعني الترجمة السياسية والميدانية عبر الوقوف الى جانب الأهداف الحقيقية التي من اجلها قام الامام بنهضته المباركة. واذا كان من السهولة بمكان لاهل الكوفة آنذاك خذلان الامام الحسين بالرغم من كل مخزون التعلق الواضح من خلال الكتب، فأخشى اننا نشهد هذه الأيّام خذلان الغايات الأساسية لاهداف الثورة الحسينية بالرغم من كل الرايات والاعلام التي يرفعها شيعة لبنان. لأنّ المطلوب انما هو معرفة الامام الحسين وليس فقط حبه والبكاء عليه.

السابق
الجيش دهم منزل أحد موظفي «كهرباء لبنان» في بريتال
التالي
العالم العربي السيستاني للمقاتلين الشيعة: الاساءة «للابرياء» في مناطق السنة «حرام حرام»