عاشوراء أنصار حزب الله: «شوفيني يا منيرة»

عاشوراء هي انتصار الدم على السيف، وهي انتصار الحق على الباطل. لكن ليس بالمظاهر المسلّحة والعنتريات وإزعاج الآخرين يكون إحياؤها.

ضمن إحياء مراسم ذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت ارتفعت الرايات السود والخضر على جميع الجدران والمَحال والسيارات والأبنية. كما انتشر عناصر امن حزب الله لمواجهة الخطر الكبير الذي استجلبناه نحن بأيدينا بفعل تدخّل الحزب في الوحول السورية. فباتت الشوارع مزدانة بحواجز مقسّمة إلى ثلاثة أقسام: أولاً الجيش اللبناني، فالدرك أو الأمن العام ومن ثم حزب الله درءاً لأي “محشاية” يمكن أن تفسد المراسيم العاشورائية.

ومفاجأة هذه السنة الظهور المسلّح العلني من حزب الله وحركة أمل على الحواجز الطيّارة والتي وضعوها استثنائياً، على الطرقات وعلى مداخل الأبنية. على أمل أن يفعل هذا الأمر فعله مع التكفيريين بحيث يردعهم قليلاً، فيصبح بدلاً من أن تزن السيارة المفخخة 150 كلغ فتخفض إلى 120 كلغ، أو بدلاً من تفجير أنفسهم بمئة شخص، يقضي الانتحاري الأمر بتفجير نفسه بخمسين. بربّكم لماذا هذه المظاهر المسلّحة؟ وماذا سينتج عنها؟ فالذي يذبح من الوريد إلى الوريد سترتعد فرائصه من “الكليشنكوف” ويسلّم نفسه سريعاً خوفاً من “العبسة” التي تعتري الواقفين على الحواجز.امل عاشوراء

هذه الإجراءات الأمنية الثلاثية الأبعاد، جعلت من الضاحية علبة سردين، محدودة الحركة بسبب عجقة السير الخانقة التي نحن فيها، وتتصاعد هذه العجقة من الساعة الخامسة إلى التاسعة مساء، ساعة ذروة المجالس، وذروة العودة من أماكن العمل، بحيث جعلت كل من يفكّر بالذهاب عبر سيّارته إلى أي مكان، يغير رأيه، ويقرر البقاء في المنزل، أو في العمل خشية من بقائه في الشارع لساعات. وطبعاً هذا كله لمصلحة المواطن الشريف الكريم. وقد بدأ المواطنون يتذمّرون من هذه الإجراءات الأمنية القاسية، لكن دون جدوى، وهذا يرجع أيضاً إلى عدم وصول النتذمرين إلى مرتبة “أشرف الناس” ربما.

والمفاجأة الثانية هذا العام، انتشار الـD.J الإيماني على أرصفة الطرقات، وفي المنازل، ولا يكفي هذا، بل عندما يكون مناصرو حزب الله يستمعون إلى مجلس حسينيّ أو لطمية للفلان الكربلائي، تلقائياً يكسب كل منهم أجرا جماعيا، بحيث يكون الشارع كله يستمع معه، وعنوة عن الجميع في بعض الأحيان من شدّة ارتفاع الصوت. وفي بعض الأحيان يظن والدك أنك تشتمه أو تتطاول عليه بسبب الإشارات التي تقوم بها بعدما يكون الوالد قد طلب منك شيئا، ولكنك لم تسمعه. وهذا كلّه رغم تحذيرات الأمين العام السيد حسن نصرالله بالانتباه وعدم إزعاج الآخرين، وخفض الصوت.

من يكره الحقّ؟ ومن لا يريد انتصار الحق على الباطل؟ لكن انتصار الحق لا يتم بالعنتريات ولا بمظاهر “شوفيني يا منيرة”، ولا بالحواجز، ولا بإزعاج الآخرين. ولتصل إلى مرادك، هناك وسائل كثيرة وهادئة للوصول إلى مبتغاك، وليست قاعدة أنك إذا أكلت “مجدّرة” فعلى البناية كلّها، حيث تسكن، أن تأكل مجدّرة. فالحزن في القلب أحيانا، أكبر من سواد الدنيا كلها، وإنما اﻷمم اﻷخلاق…

السابق
كتلة المستقبل استنكرت التعرض لحصانة منزل النائب خالد الضاهر
التالي
18 عاملا عالقون في منجم للفحم غمرته المياه في جنوب تركيا