جعجع: تعطيل الانتخابات إسقاط للنظام والتمديد أكبر عملية غش

سمير جعجع

عقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب مؤتمرا صحافيا بعد تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى التاسع عشر من تشرين الثاني المقبل، في حضور حشد من الاعلاميين وقيادات ومرشحي الحزب للانتخابات النيابية. واستهله بأن “المشهد المتكرر الذي نراه بعد كل جلسة انتخاب في معراب ما هو إلا للتأكيد ان الانتخابات الرئاسية ليست تفصيلا في الحياة السياسية اللبنانية، وعلينا التحلي بالصبر والصلابة بالرغم من كل التشويش الحاصل على النظام اللبناني ككل”.

ورأى ان “تعطيل الانتخابات الرئاسية تخطى عملية تكتية، وبتقديري ما حصل هو عملية لإسقاط النظام اللبناني بمجمله، ولا تختلف عما كانت تحاول ان تقوم به بعض المجموعات المسلحة في طرابلس، وخلافا لتفكير البعض، علينا أن نزيد تمسكا بهذا النظام حتى لا نقوم بأي قفزة في المجهول تودي بالشعب اللبناني عموما وبالمسيحيين خصوصا الى ما لا تحمد عقباه، باعتبار أن لا قيام لأي بلد إلا اذا استقامت سياسته وطبقنا الدستور والقوانين”.

وشدد على ان “ما يحصل اليوم يضرب النظام اللبناني وليس مجرد تعطيل لرئاسة الجمهورية فحسب، فإذا كان المعطل لا يعي أنه يقوم بالتعطيل فهذه مصيبة، وفي حال كان مدركا فهذه مصيبة أكبر”.

وأسف جعجع “على بعض الذين ينشرون ثقافة التعميم، وعلى سبيل المثال اتهام كل النواب بأنهم سارقون، أو أن كل النواب يعطلون انتخابات الرئاسة، وهذا غير صحيح نظرا الى مشاركة البعض في الجلسات، ولو ان المشاركة أتت خجولة بعض الشيء على خلفية إدراكهم أن لا جلسات حاصلة لعدم اكتمال النصاب، ولكن في الواقع من يعطل الجلسات هما كتلتا حزب الله والعماد ميشال عون، فالتورية والتعمية والتغطية لن تؤدي الى أي نتيجة”.

ولفت الى أنه “في السابق أعتقدت أن التعطيل كان لمجرد طموح شخصي، ولكن أيعقل ان هذا الطموح الشخصي يؤدي الى ترك البلاد بدون رئيس طيلة خمسة أشهر؟ ولكن اليوم أصبحت أسباب التعطيل بالنسبة الي مجهولة”، مشيرا الى “ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبقى أفضل من الدخول في الفراغ، وحتى الآن ما زالت الفرصة متاحة للتفاهم مع الجنرال عون حول رئيس للجمهورية، وبالتالي سيكون رئيسا قويا كما يطرح البعض الذي للأسف يرفض أي طرح من هذا القبيل”.

ورأى أن “حل معضلة الرئاسة التي تعطل البلد ككل يكون بالضغط على حزب الله والعماد عون اللذين يعرقلان الانتخابات وبالتالي يعطلان النظام، فانتخابات الرئاسة تخضع لمعايير معينة يلحظها الدستور، وان كانت تلك المقاييس لا تعجبهم يستطيعون طرح تعديل دستوري ولكن بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد”.

وحذر من “ترك المعطلين يستمرون بالتعطيل، اذ لن يكون لديهم مشكلة بتعطيل الانتخابات لخمسة أشهر إضافية”.

وعن التمديد للمجلس النيابي، قال جعجع: “أكبر عملية غش في الوقت الحاضر هي التي تحصل في سياق موضوع التمديد، باعتبار ان الحكومة عمليا لم تحضر للانتخابات النيابية، وأكثر من يعارض هذا التمديد هو فريق موجود داخل الحكومة”. وسأل: “كيف يمكن هذا الفريق ان يعارض التمديد، وفي الوقت عينه يشارك في الحكومة ولم يحرص على تحضير الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي في 19 تشرين الثاني؟ كما أن الحكومة لم تشكل لجنة للاشراف على الانتخابات التي كان من المفترض تشكيلها قبل شهرين وأكثر”.

وسأل: “ما هو البديل الذي يطرحه من يصرخ “لا للتمديد”؟ ولماذا لم تحضروا للانتخابات النيابية ما دمتم ضد التمديد؟ فهذا الفريق لا يريد التمديد ولا يريد اجراء انتخابات لا نيابية ولا رئاسية، وبالتالي ألا يحق لنا أن نفكر ان هذا الفريق يريد جر البلد الى الفراغ بغية اسقاط النظام الحالي بحثا عن نظام آخر؟ ومن يبحث عن نظام آخر لماذا لا يعلن ذلك صراحة؟ نحن حتى إشعار آخر نرى ان هذا النظام هو نقطة الارتكاز الوحيدة للبلد، ففي ظل ما تشهده المنطقة بقي لبنان متماسكا بفضل نظامه ولو ان بعض الثغرات تشوبه، فهل يحق للبعض في خضم كل عواصف المنطقة ان يدفع لبنان دفعا الى إسقاط هذا النظام قبل توافر نظام بديل؟”

وأضاف: “إذا ما واكبناهم بهذا التعطيل، سنصل في 19 تشرين الثاني الى سقوط المجلس النيابي دون انتخابات نيابية ودون تمديد، وفي الوقت ذاته ستسقط الحكومة، عندها لا يعود لبنان وطنا بل قطعة أرض دون دولة عليها مجموعات بشرية متعايشة مع بعضها البعض، فهل هذا ما يريده الفريق الآخر؟”

ووصف جعجع أحداث طرابلس الأخيرة بالمؤسفة “حيث سقط فيها شهداء للجيش، نتقدم بأحر التعازي لذويهم، مع العلم أنهم أبطال سقطوا في معركة دفاعا عن طرابلس والشمال وكل لبنان، ولكن هذه الأحداث سلطت الضوء على بعض الحقائق كان يحاول الفريق الآخر طمسها، فهي أظهرت قوة وقدرة الجيش اللبناني على حماية كل اللبنانيين حين يؤمن له القرار والغطاء السياسي، وبأن الجيش هو أقوى قوة عسكرية على الأرض اللبنانية بدون منازع ولو أنهم يحاولون منذ أكثر من 10 سنوات إظهار العكس، فالجيش يستطيع الدفاع عن حدود وشعب لبنان”.

وتابع: “أظهرت احداث طرابلس أيضا ان كل الدعوات للأمن الذاتي أصبحت ساقطة، فحين نترك الجيش اللبناني يقوم بمهامه فهو قادر على إتمامها على أكمل وجه، شرط ألا نتدخل بهدف عرقلته، كما ان هذه الأحداث بينت ان السنة في لبنان ليسوا بيئة حاضنة للارهاب ولا للتكفير ولا للتطرف، وهم معتدلون وعلينا أن نتركهم معتدلين لأن البعض بتصرفاتهم يدفعونهم الى التطرف”.

ووجه جعجع تحية كبيرة الى “الصديق الحليف الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ككل على خلفية موقفه الشجاع في أحداث طرابلس الى جانب الجيش اللبناني، ليتمكن من القضاء في ثمان وأربعين ساعة على المجموعة الارهابية المسلحة”.

وتوجه جعجع الى “حزب الله” بالقول: “إن أكبر خسارة ستمنى بها هي في حال ضعف تيار المستقبل، واذا كان حزب الله صادقا بما يقوله عن درء الفتنة والتوافق الوطني والحفاظ على لبنان، فعليه الانسحاب من سوريا فورا، وإلا كيف يمكن للمواطن السني في لبنان أن يبقى هادئا بينما يرى حزب الله يرسل مجموعات مسلحة لمحاربة السنة في سوريا؟ ان تيار المستقبل قدم قسطه للعُلى، كما ان الجيش اللبناني أظهر أنه لا غنى عن الدولة، ويبقى على حزب الله أن يؤدي دوره الوطني بالانسحاب من سوريا في مرحلة أولى ومن ثم الاعتماد على خيار الدولة بدلا عما يسميه خيار المقاومة ليبقى ممسكا بالقرار الذي يريده بيده ويجر كل اللبنانيين اليه”.

واعتبر جعجع “أن قضية العسكريين المخطوفين هي مأساة نعيشها جميعنا، ولا حل لها بالطريقة التي تحاول الحكومة القيام بها، اذ ان معالجتها تكون من خلال خيارين، إما انسحاب حزب الله من سوريا وإما القيام بعملية عسكرية لاسترداد المخطوفين، وكل ما تبقى ما هو إلا مضيعة للوقت”.

وفي موضوع اللاجئين السوريين، نوه جعجع بالقرار الذي اتخذته الحكومة بوقف دخول أي لاجئ سوري إضافي الى لبنان انطلاقا من عدم قدرة لبنان على استيعاب المزيد من اللاجئين وليس لأسباب وطنية أو عرقية أو سواها، فلبنان هو بمثابة قارب نجاة ولكن اذا غرق هذا القارب سيغرق بمن فيه، ولكن الأهم أن تضع الحكومة آلية عملية لوضع قرارها موضع التنفيذ وهنا تقع المسؤولية على عاتق الأمن العام وبقية الأجهزة الامنية بمنع أي مواطن سوري من الدخول الى لبنان إلا في الحالات التي نص عليها قرار مجلس الوزراء”.

واضاف: “الى جانب قرار الحكومة، عليها اتخاذ قرار آخر يخفف حمل النازحين وبدأ رئيس الحكومة تمام سلام بطرحه، وهو بتصنيف السوريين الموجودين على الأرض اللبنانية بين لاجئين وغير لاجئين، من خلال وزارتي الشؤون الاجتماعية والداخلية، ومن لا تنطبق عليه مواصفات اللجوء عليه العودة الى سوريا، فهذا التصنيف اذا ما طبق يقلل من مشكلة النزوح بنسبة 20 الى 50 في المئة”.

وأشاد جعجع بموقف الرئيس تمام سلام “إنشاء منطقة آمنة للنازحين داخل سوريا في ظل وجود التحالف الدولي ولو عبر الجو، أو في مناطق تسيطر عليها المعارضة أو الموالين خالية من الأحداث الحربية”، واصفا خطة سلام بالصائبة “ونحن نؤيدها الى حين ترجمتها فعليا”.

وعن خطوات قوى 14 آذار لمواجهة خطة الفريق الآخر بتغيير النظام، قال جعجع: “صراحة لم نتمكن من القضاء على مشروعه، بل استطعنا تجميده، ومن هنا أريد أن أذكر ان أولى محاولات تغيير النظام بدأت منذ عامي 2007 و2008 حين نزل الفريق الآخر الى الشارع وأقفل الطرقات وانتهت بأحداث 7 أيار، فوصلنا الى اتفاق الدوحة الذي اسقطوه بأنفسهم، والآن لن نسمح لهم بتغيير النظام”.

وردا على سؤال، أكد جعجع مجددا ضرورة “عدم القبول بالتدخل الدولي في انتخابات رئاسة الجمهورية لأن المسألة لا تحتاج إلا الى النزول الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد”.

السابق
رعد: الهبة الايرانية تصب في خدمة لبنان ومن لا يقبلها يطعن بالسيادة الوطنية
التالي
للمرة الثالثة البرلمان الإيراني يطيح بمرشح روحاني لوزارة التعليم العالي