طرابلس: بداية نهاية إمارة أم محطة على طريق طويل؟

في الوقت الذي يلملم فيه الجيش جراحه ويدفن شهداءه، ترتاح طرابلس من دوي الأسلحة، من دون أن تطمئن كلياً إلى أن الحسم الذي أنجزته المؤسسة العسكرية أمس سيعيد المدينة الى أهلها ويحفظ لها موقعها داخل الوطن و خارج حدود الإمارة الإسلامية التي يسعى المسلحون الى إنشائها، مستغلين حال التشتت والتفلت التي يعيشها لبنان في ظل ضعف المؤسسات ووحدة القرار السياسي حيال مسألة مواجهة الارهاب المتمدد من الحدود السورية.

وما يدفع بعض الاوساط السياسية الى طرح مثل هذه الهواجس يعود إلى مجموعة من الأسئلة والملاحظات التي تطرح في الاوساط الشعبية ويمكن اختصارها بالآتي:

– ما هو حجم الخسائر التي تكبدها المسلحون وعدد قتلاهم، في الوقت الذي سقط للجيش 11 شهيداً؟

– ما هو عدد المسلحين الموقوفين قيد التحقيق، وهل أمكن تحقيق صيد ثمين على هذا الصعيد؟

– ما الذي يضمن ان هروب شادي المولوي وأسامة منصور وعمر الميقاتي وخالد بحلص وغيرهم لن يؤدي الى تجدد المواجهات مجددا خصوصا في ظل نفي الجيش وجود تسوية قضت بخروج المسلحين من الأحياء التي شهدت الاشتباكات؟

لا تخفي مصادر سياسية شمالية قلقها من ان تذهب تضحيات الجيش سدى إذا لم يتم إستكمال عملية الحسم بمطاردة فلول المسلحين والقبض عليهم، مذكرة بتجربة اشتباكات جبل محسن- باب التبانة وأمراء المحاور الذين قادوا أكثر من 20 جولة من جولات العنف الدموية في المدينة، لتشير الى ان أخطر ما تنطوي عليه المواجهات الأخيرة أنها نقلت المعركة من بين منطقتين متخاصمتين مذهبيا تقليديا والجيش يقف للفصل بينهما الى معركة بين إرهابيين ضد الجيش وفي مواجهة مفتوحة ومباشرة معه.

وأكدت المصادر ان طرابلس في حاجة اليوم الى تدعيم إنجاز الجيش والمضي فيه نحو النهاية وعدم التراجع، وإلا فإن المدينة ستكون معرضة لمزيد من جولات العنف خصوصاً ان ثمة في طرابلس من يرى ان الجيش نجح حتى الآن في كسب جولة ولكن ربح الحرب على الارهاب يتطلب المضي حتى النهاية في إقتلاع جذوره، وهذا لا يعني في الأمن حصرا وإنما في كل المجالات الأخرى التي أدت إلى ان يجد الارهاب مجموعات – كي لا نقول بيئة- حاضنة له.

وتلخص المصادر السياسية هذه الأمور بثلاثة:

– استكمال الخطة الأمنية وعدم الاكتفاء بما أنجز.

– اعطاء الأولوية للإنماء وتأمين الحوافز الاقتصادية والاجتماعية لأبناء المناطق الفقيرة التي تعاني غياب الدولة ورعاية مؤسساتها.

– حصر دور المشايخ بدار الفتوى بحيث يحظر على أي شيخ او من يدعي ذلك التحدث او التصريح، بحيث تكون الدار هي المسؤولة أمام الدولة وتتحمل تبعة أي مواقف تصدر من أي جهة تدعي انتماءها الى دار الفتوى.

وحذرت المصادر انه في حال لم يتم إيلاء هذه الموضوعات الأهمية القصوى، فإن الورم السرطاني لن يتم إقتلاعه، وسيظهر أما في الموقع ذاته وإما في مناطق أخرى من جسم يعاني أصلا السقم والضعف.

السابق
قاووق: إنجاز الجيش في طرابلس وطني وتاريخي بامتياز
التالي
كربلاء والتوظيف السلبي