تيار المستقبل والاعتدال الغبي

تنازل تيار المستقبل في السنوات الماضية، مرات عدة امام قوى الثامن من آذار. اعتدال تيار المستقبل يقابله تطرف حزب الله، هذا الاعتدال اصبح اليوم غبياً، وعلى المستقبل تعديل سياسته اتجاه مجنون آخر سيأخذ البلد الى حافة الهاوية

قيل قديما: “اذا فسد الزمان، فإنّ سوء الظنّ من حسن الفطن”، ومن بديهيات القول ان الفضائل انما هي مرهونة بأوقاتها وأزمنتها، وان بعض الرذائل في زمن ما قد تتحول الى فضيلة. من هنا اريد ان ادخل الى سياسات تيار المستقبل، الموصوف باعتداله باعتراف خصومه قبل أصدقائه. وهذا ما صرح به بالأمس احد اهم صقور فريق 8 آذار الوزير السابق وئام وهاب. وراح اكثر من ذلك بأن طالب بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة بهدف تقوية خط الاعتدال، بحسب قوله.

بالتزامن مع هذا التصريح لا ينفك اعلام فريق الممانعة عن توجيه كل أنواع الشتائم والاتهامات وصولا الى تحميل المسؤوليات لتيار المستقبل وقياديه، ولم يشفع لهذا التيار مسيرة طويلة من التنازلات والعض على الجراح وتحمل كل أنواع الطعنات، فلم يزل احمد فتفت ساقي الشاي، واشرف ريفي قائد محور، ونهاد المشنوق عميل إسرائيلي، وخالد الضاهر نبي زمانه، وبهية الحريري راعية احمد الأسير، وعقاب صقر موزع الحفاضات، والنائب كبارة مقاتل داعشي، وفؤاد السنيورة عشيق كونداليزا رايس. وفي مقدمة كل هؤلاء لا يزال الى هذه اللحظة الرئيس سعد الحريري هو قاتل ابيه والساعي الى السلطة وسارق السوليدير!

طبعا ليس المطلوب هنا من تيار المستقبل التخلي عن اعتداله، واكاد اجزم ان حزب الله لن ينصف هذا الاعتدال وبالتالي فلن يعمل على الاقتراب الى المساحات المشتركة معه، او على الأقل لم يستشعر بعد بالحاجة الى خطوة كهذه، رغم خطورة الأوضاع والفتنة المستيقظة التي تزداد استعارا في كل يوم، لأنّ قرارا بهذا الحجم خاضع لاعتبارات لا علاقة لها بالمصلحة اللبنانية العليا، تخضع للحسابات الإيرانية السعودية ومدى انعكاسها على الطرفين.

امام هذا الواقع الممتد من العام 2005، بكل محطاته السياسية والأمنية، وصولا الى احداث طرابلس، نتلمّس بوضوح في كل مرة يرفع تيار المستقبل لواء الاعتدال ويسعى الى التسوية يواجه من الطرف الاخر بمزيد من الإصرار والتعنت والضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات التسووية والحلول الوسطية والاستمرار في مشروعه بدون الالتفات الى ما يخلقه من أجواء متشنجة وترك هذا التيار مرميا على حافة رصيف اعتداله بلا حول ولا قوة. المطلوب من تيار المستقبل فقط هو القليل من المواقف السياسية الصلبة واستثمار اعتداله في خدمة بناء الدولة، وردع الفريق الاخر من الاستمرار في سياسة الانتحار والتهور واخذ البلد الى المجهول حيث يخسر الجميع، لان الاعتدال بدون قليل من الصرامة سيتحول الى مجرد ستارة يستعملها حزب الله لتجميل مشروعه ليس الا.

فإذا لم يقدم هذا التيار، خلال االايام القليلة المقبلة، الى اتخاذ خطوات سياسية عالية، اقلها التهديد بالانسحاب من هذه الحكومة اللزجة، وترك الساحة على غاربها، فإنّ الخاسر الأول سيكون هو ما تبقى من صورة جميلة للاعتدال بعدما تحولت هذه الفضيلة الحسنة إلى وجهها البشع، مع تيار المستقبل، فصار يوصف الاعتدال بـ”الاعتدال الغبي”.

السابق
استخدامات «غريبة» لأكياس الشاي
التالي
بالصورة: براد بيت يبصُق العلكة في وجه مقدِّم برنامج