ناجون يروون: لحظات الرعب قبل قطع الرؤوس

حبس

داخل إحدى الغرف، وجه الآسرون لكل من أسراهم 3 أسئلة شخصية للغاية، وهو أسلوب شائع للحصول على أدلة من أسير ما لإثبات أنه ما يزال حيا أثناء التفاوض لفك أسره.
عاد جيمس فولي للزنزانة التي يشاركه بها أكثر من 20 أسيرا غربيا آخرين ودموع الفرحة تنهمر من عينيه، حيث كانت الأسئلة التي طرحت عليه على درجة من الخصوصية أكدت له أن من أسروه أصبحوا أخيرا على اتصال بأسرته.

كان ذلك في كانون الأول 2013 بعد مرور أكثر من عام على اختفاء فولي من على طريق بشمال سوريا. وقد أخبر أقرانه من الأسرى أن إجاباته ستثبت لوالديه القلقين عليه أنه ما يزال حيا، وتولد لديه اعتقاد بأن حكومته ستفاوض قريبا لإطلاق سراحه.
إلا أن ما بدا أنه نقطة تحول لصالحه كان حقيقة الأمر بداية النهاية لفولي، 40 عاما، صحافيا، والذي انتهى به الحال بإجباره على أن يجثو على ركبتيه لتقطع رأسه أمام الكاميرا.

وجاء المقطع المصور لقتله كنهاية علنية لمأساة خفية، ذلك أن قصة ما دار داخل شبكة سجون “داعش” تحت الأراضي السورية مفعمة بالمأساة، حيث تعرض فولي وأقرانه الرهائن باستمرار للضرب ودفعهم لحافة الموت عبر إغراق رؤوسهم في المياه. وعلى مدار شهور، تعرضوا للتجويع والتهديد بالقتل من قبل مجموعة من المقاتلين، ثم يسلمون لمجموعة أخرى توزع عليهم الحلوى وتفكر في إطلاق سراحهم. تآزر الأسرى معا في البداية، وعملوا على قتل الساعات الطوال باللعب معا، لكن مع تفاقم اليأس انقلبوا على بعضهم البعض، بل وسعى بعضهم لإيجاد بعض العزاء في اعتناق دين الآسرين، حيث اعتنق البعض، ومنهم فولي، الإسلام واختاروا لأنفسهم أسماء مسلمة.

وتزامن أسر هؤلاء الرهائن مع صعود “داعش” من ركام فوضى الحرب الأهلية السورية. وببطء، تنامت قوّة الجماعة حتى أصبحت أكثر جماعات التمرّد قوّة على مستوى المنطقة. بحلول العام الثاني لأسر فولي، كان “داعش” قد جمع نحو 20 أسيرا وأقر استراتيجية لمبادلتهم بالمال.

وهنا، بدأت مسارات رحلات الرهائن، التي كانت متشابهة حتى هذه اللحظة، في التباين بناء على الإجراءات التي تتخذها حكوماتهم على بعد آلاف الأميال. وكان فولي واحدا من 23 رهينة غربيا على الأقل محتجزين لدى “داعش”، معظمهم صحافيون وعمال إغاثة، ينتمون إلى 12 دولة أغلبها دول أوروبية لحكوماتها تجارب سابقة في دفع الفدية.

داخل زنزانتهم، لم يدر الرهائن ماذا تفعل عائلاتهم أو حكوماتهم نيابة عنهم، وإن كانوا نجحوا ببطء في جمع بعض المعلومات الضئيلة عبر محادثاتهم مع حراسهم ومع بعضهم البعض. ومروا جميعا بمعاناة هائلة في انتظار أي إشارة توحي بإمكانية بقائهم على قيد الحياة.

ومن الإجراءات المعتادة مع الرهائن مصادرة حواسبهم الشخصية وكاميراتهم وهواتفهم الجوالة ومطالبتهم بالكشف عن كلمات المرور لحساباتهم عبر “فيسبوك” و”سكايب” وبريدهم الإلكتروني، حيث يبحث المقاتلون عن أي دليل للتواطؤ مع وكالة استخبارات أو مؤسسة عسكرية غربية.
وخلال عمليات التفتيش تلك عثر المتطرفون على صور لأفراد عسكريين أميركيين على الحاسوب الشخصي لفولي أثناء مهام صحافية قام بها في أفغانستان والعراق. وفي مقال نشره الجهاديون بعد قتل فولي، قالوا: “في أرشيف الصور الشخصي له، عثرنا على صور تمجد الأميركيين الصليبيين. ولسوء حظ فولي، هذا الأرشيف كان بحوزته وقت القبض عليه”.

وعن فولي، قال ييون بونتينك، 19 عاما، من بلجيكا، وهو مراهق اعتنق الإسلام وقضى 3 أسابيع في صيف 2013 داخل الزنزانة نفسها التي كان بها فولي: “حكى لي كيف كانوا يربطون قدميه بالسلاسل في عمود حديدي، ثم يعلقونه بالأعلى حتى يصبح رأسه للأسفل ويتركونه على هذا الوضع”.

السابق
انتهاء المعارك في طرابلس… ولا تسوية؟
التالي
الفيسبوك يمنع استغفار الله