صدر القرار بحقّ طرابلس: إما «عبرنة».. أو «عرسلة»

هذه المرّة لن تكون معركة طرابلس "جولة أخرى" كما الجولات السابقة. فحزب الله حين أخرج آل عيد من جبل محسن وعطّل محور "باب التبانة - جبل محسن" كان يعرف ماذا يفعل. واليوم، بعد عبرا وعرسال، الجيش "يحسم" في طرابلس: إما "عبرنة" أو "عرسلة". وخصوم "حزب الله" وقعوا في الفخّ مجدّدا.

لم تبدأ القصّة في عبرا. بل بدأت في 7 أيّار 2008. كان حزب الله، ومن ورائه إيران وحرسها الثوري، قدّ اتخذ قرارا بـ”الحسم العسكري” في بيروت. لم تكن السياسة ممكنة إلا بعد “السيطرة على لبنان”.

وفعلا سيطر “حزب الله” على بيروت في ساعات، وعلى لبنان في أيّام. مناطق قليلة ظلّت عصية عليه، هي صيدا، وطرابلس، وبعض البقاع، خصوصا عرسال ومجدل عنجر، وبالطبع كاد الجبل أن ينهزم لولا استسلام جنبلاط الذي حيّده عن “الهزيمة الكاملة”، وكانت المناطق المسيحية مستثناة كرمى لعيون ميشال عون.

خضع زعيم الدروز وليد جنبلاط. صدرت أوامر باغتيال سمير جعجع لـ”تنظيف” الساحة المسيحية من “المتمرّدين” وبدأ العمل الحثيث لإخضاع طرابلس وصيدا وعرسال وبعض البقاع.

جولات العنف السنّي – العلوي في طرابلس لم تكن حاسمة. في صيدا خرج غبيّ (أو ربما عميل من تحت الطاولة لإيران) وسهّل المهمة على حزب الله، ومن أمامه، أو ورائه، الجيش اللبناني. وكانت عبرا وما أدراك ما عبرا.

عرسال كانت معقّدة أكثر. تداخل مع جرود متداخلة مع الجبهة السورية، وقدرة على “قصف” مناطق تابعة لحزب الله، عسكرية ومدنية. وكما في 7 أيّار وفي عبرا، إستخدم “حزب الله” غباء خصومه، وورّط الجيش اللبناني بدلا منه، أو معه. وتمّ تقريبا تحييد عرسال، إن لم نقل “تعطيل” دورها في دعم المعارضة السورية. لكنّها ظلّت متمرّدة. وكان دخول “جبهة النصرة” إليها واختطاف العسكريين اللبنانيين منها إشارة إلى أنّها لن تكون “عبرا” أخرى.

اليوم صدر الأمر بـ”عبرنة” طرابلس، وإلا فـ”عرسلتها”. ولهذا السبب “خرج” رفعت وعلي عيد من “جبل محسن”. فالمطلوب “تسكين” الجرح السنّي – العلوي، وما عاد ممكنا فتح جرح سنيّ – سنيّ في المدينة. لذا تقرّر أن يوضع مسلّحوها في وجه الجيش اللبناني بدل أن يكونوا في وجه “حزب الله”.

وجاء الردّ من المسلّحين “عرساليا”: اختطاف جنود وعمليات على آليات للجيش. وحده الخصم المشترك لعبرا وعرسال وطرابلس كان يضحك في سرّه. فخصومه لا يتعلّمون، أو ربّما يستمرّ في اختراقهم وتوريطهم، هم والجيش اللبناني.

المعركة ستكون طويلة بقدر ما يكون خصوم “حزب الله” عنيدين. والسيناريهات محدودة: إما “عبرا 2″، أو “عرسال 2”. أي إما خروج آمن لقادة المسلّحين وإنهاء “جبهة طرابلس” وتعطيل دورها كما حصل في عبرا، أو محاصرتهم إلى الأبد وبناء متاريس كرّ وفرّ معهم، كما هو حاصل في عرسال. لكن هذه المرّة لا يوجد جرود ولا خطوط إمداد.

إلا إذا شهدنا سيناريوها غير متوقّع “من خارج الصندوق”. سنصير حينها أمام “طرابلس 1”. وهذا هو السيناريو الأكثر رعباً.

 

 

 

السابق
الفخ المشتهى.. يوميات دمشقية 2014
التالي
الجيش يتصدّى لإرهابيين مرتبطين بالنصرة