ربّ «فتّوش» نافع

الشاعرة جمانة حداد

حسناً فعلت نقابة المحامين حين شطبت اسم المحامي (عن شو؟!) والنائب (عن مين؟!) نقولا فتّوش من جدولها النقابي. هكذا تكون النقابة منسجمة مع مفهوم المحاماة، الأصيل والنبيل، وأمينة لتاريخ طويل من النضال في سبيل سلّمٍ من القيم، لطالما كانت ساهرةً عليه.
ألا يجدر بمجلس النواب، الممدَّدة ولايته باقتراح قانون كان تقدَّم به النائب فتّوش نفسه؛ ألا يجدر بهذا المجلس، بأعضائه المحامين، وفي مقدمهم رئيسه، المحامي النائب نبيه بري، تلقف هذا “الشطب” من الجدول النقابي، بالدعوة إلى رفع الحصانة عن المحامي النائب المذكور أعلاه، لارتكابه عملاً يتنافى مع وكالتين جوهريتين في حياتنا الوطنية، وكالة المحامي ووكالة النائب؟!
لقد كُتِب الكثير عن الاعتداء السفيه الذي نفّذه فتّوش على الموظفة في وزارة العدل منال ضو. حسبي أني لن أضيف شيئاً على مستوى الاستنكار والغضب والتعبير عن الاحساس بالغثيان حيال هذا النموذج من الرجال (فكيف إذا كانوا من النواب والمحامين!) الذكوريين المتغطرسين الذين يتصرفون كأنصاف آلهة في بلادٍ متهالكة القيم والأحوال كبلادنا. لكن يروق لي في هذه المناسبة أن ألقي الضوء على “إيجابيات” الحادثة، أو بالأحرى على إيجابيات تبعاتها، وهي ليست بالقليلة.
لقد وحّدت دناءة هذا التصرف، الوقح والأحمق والأرعن والمتشاوف، قسماً لا يستهان به من اللبنانيين واللبنانيات، ينتمون في المبدأ الى أطراف سياسيين متنازعين، والى جنسين يُزعَم أنهما “عدوّان”، كما لم توحّدهم قضية عامة منذ ردح من الزمن. ذلك أن الدعوة الى المحاسبة لم تقتصر على فئة سياسية أو جهة حزبية دون أخرى، ولم تضع الحادثة كتلة النساء (“الضحايا”) في مواجهة كتلة الرجال (“الظالمون”)، في تعميمٍ جائر ومقيت ومغلوط تعوّدنا عليه في مثل هذه المسائل. بدلاً من ذلك، تبنّت الجهات المعترضة شعارات راقية تدعم معايير القيم والأخلاق والاحترام ودولة القانون، ضد تعميم ظواهر الوقاحة واحتقار النظام العام وقلة التهذيب والصلف العلني وهمجية التصرف، ثمّ انطلاقاً من ذلك كله… ضد تعميم الاحتماء الكاذب بـ”القانون” و”الحصانة النيابية” والفجور اللفظي، للتعمية على هذه الظواهر.
المعروف عن المحامي النائب المذكور، أنه يحتمي ببلاغة الإنشاء الفارغ المحتوى، وبلاغة اللفظ المتفاخم، والصوت العالي الذي يريد صاحبه فرض نفسه بفظاظة الصراخ، كي لا أستخدم تعابير أخرى، قد يطالني عليها “القانون” الذي يعتقد سعادته أنه في “جيبه”.
يحفل تاريخ بعض الناس بـ”مآثر” صوتية، و”فتّوش” هذا، واحدٌ من هؤلاء.
يحتاج أصحاب مثل هذه “المآثر” إلى مَن يلقمهم صفعةً علنية مدوية، تردّ الصوت على أعقابه.
لا أحبّ الفتّوش. لكنْ، ربّ “فتّوش” نافع!

السابق
الحسين اﻹمام العربي الثائر. هل أنت معنا؟!!
التالي
زعيم تحت علمين