المستقبل: ممرات إنسانية لإجلاء الجرحى والمدنيين وفاعليات المدينة تؤازر الجيش

تخوض طرابلس منذ ليل الجمعة الفائت مخاضاً عسيراً لا مفرّ منه في اتجاه التطهّر من الإرهاب ونفض عوالقه الدخيلة على المدينة، وقد أثبت أهلها مرةً جديدة كونهم يجسّدون واقعاً وفعلاً مفهوم البيئة الحاضنة للدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية في مواجهة كل خارج عن القانون وعابث بالأمن والسيادة. وإذ تجاوبت قيادة الجيش مع طلب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تأمين هدنة إنسانية وفتح ممرّات آمنة لإجلاء الجرحى والمدنيين من مناطق الاشتباكات، سيطر الهدوء الحذر ليلاً على الأحياء الداخلية في باب التبانة بالتزامن مع خروج آلاف المواطنين منها باتجاه مناطق أكثر أمناً، في حين علمت «المستقبل أنّ الهدنة التي تم التوصّل إليها ستستمر حتى ساعات الفجر الأولى ريثما يتم التأكد من إجلاء المدنيين إيذاناً باستئناف الجيش عملياته الهادفة إلى حسم المعركة واجتثاث بؤر الإرهاب واستئصال أوكارها نهائياً من المدينة وأحيائها.

وأفادت مصادر واسعة الاطلاع «المستقبل أنّ الاتصالات التي أُجريت خلال الساعات الأخيرة مع قيادة الجيش بيّنت تصميم المؤسسة العسكرية على المضي قدماً في عملياتها ضد المجموعات الإرهابية، ناقلةً في هذا الإطار «عزم الجيش على حسم المعركة وخوضها حتى النهاية في سبيل تطهير طرابلس من البؤر الإرهابية، مع التأكيد في الوقت ذاته على أولوية سلامة المدنيين وإبداء أقصى درجات الحرص على تجنيبهم تداعيات المعركة.

وكان رئيس الحكومة قد طلب «بناءً على مناشدات أبناء طرابلس من قائد الجيش العماد جان قهوجي «توفير ممر آمن لإجلاء الجرحى والمدنيين المحاصرين، مؤكداً تقديم «السلطة السياسية كل الدعم للقوى المسلّحة في المعركة التي تخوضها، ومتعهّداً لأهالي طرابلس والشمال بأنّ «الحكومة لن تقصّر في واجبها تجاه المتضررين

كذلك تابع الحريري منذ اندلاع المعارك تطورات أوضاع المدينة وأجرى مروحة اتصالات تشاور فيها مع كل من رئيس الحكومة ووزير العدل أشرف ريفي ومفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار حول السبل المبذولة لاحتواء الوضع، كما اتصل بالعماد قهوجي واطّلع منه على مجريات الحوادث الميدانية مجدداً التأكيد على دعمه للجيش في مهماته لمكافحة الإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار في كافة المناطق.

إجلاء النازحين

وفي ضوء الاجتماع الطارئ الذي عقد أمس في دارة عضو كتلة «المستقبل النائب محمد كبارة وتخلله إجراء سلسلة اتصالات سياسية وعسكرية للتشديد على ضرورة حماية المدنيين في مناطق الاشتباكات لا سيما في باب التبانة حيث يعيش نحو 60 ألف مواطن، أوضح مصدر حكومي في طرابلس لـ«المستقبل أنّه وفور توقّف الاشتباكات عمدت جمعيات أهلية في المدينة إلى تأمين حافلات ركاب عملت على نقل المدنيين النازحين إلى المدارس الرسمية الكائنة في مناطق آمنة، بينما تمّت مساعدة أفراد العائلات الراغبين بالانتقال إلى منازل أقرباء لهم أو أماكن سكن بديلة متاحة لإيوائهم. في وقت تولّت سيارات الصليب الأحمر عملية إسعاف الجرحى والمرضى إلى المستشفيات للمعالجة.

وخلص الاجتماع السياسي والديني الذي عقد في دارة كبارة إلى التأكيد على أنّ «طرابلس كانت ولا تزال في كنف الدولة والمؤسسات الشرعية، وأنها تقف «ضد الإرهاب من أي جهة أتى، وأعرب المجتمعون في هذا السياق عن رفضهم المطلق لأي اعتداء يستهدف المواقع العسكرية أو يطال العسكريين، مع التشديد في الوقت عينه على وجوب تحييد المدنيين عن المعارك الدائرة مع المجموعات الإرهابية المسلحة.

وكانت المعارك قد احتدمت طيلة نهار الأمس على أكثر من محور وجبهة، واستخدمت خلالها مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والصاروخية ما أسفر عن سقوط 5 شهداء للجيش بينهم ضابطان خلال مكمن تعرضت له دورية عسكرية في «ضهور المحمرة، بالإضافة إلى استشهاد أربعة مدنيين وإصابة آخرين خلال المعارك. وامتدت أعنف المواجهات من باب التبانة إلى منطقة بحنين في المنية حيث تركزت الاشتباكات في محيط المربع الأمني التابع للشيخ خالد حبلص قبل أن يتمكّن الجيش من دحر مجموعته المسلحة وإجبار عناصرها على الانسحاب من مسجد هارون الذي كانوا يتحصّنون فيه. بينما عملت وحدات عسكرية أخرى على مطاردة المسلحين المتوارين في ضهور بحنين وتلة المحمرة والبساتين المحيطة في المنطقة.

إلى ذلك، وبينما أوقف الجيش عدداً من المسلحين وضبط ثلاث سيارات مفخخة وعبوات ناسفة مجهزة للتفجير وأسلحة وذخائر في الأماكن التي جرى دهمها، عمدت عناصر مسلّحة إلى خطف المعاون أول فايز العموري من فوج الحدود البرية الأول أثناء وجوده في منزله في باب التبانة. في حين تمكنت استخبارات الجيش من تحرير العسكري طنوس نعمة الذي كان اختطفه مسلحون من سيارة أجرة في باب التبانة، علماً أنّ الوحدات العسكرية كانت قد نجحت كذلك في إحباط محاولة خطف 5 عسكريين خلال توجّههم إلى مراكز عملهم في محلة المحمرة.

في الغضون، شيّعت المؤسسة العسكرية أمس الشهداء الذين سقطوا خلال معارك أمس الأول وهم الملازم أول الشهيد فراس الحكيم (المشرفة – عاليه) والجندي الشهيد محمد ياسين (كفرتبنيت – النبطية) والجندي الشهيد أحمد أسعد (سفينة القيطع – عكار) والمجنّدان الشهيدان عباس ابراهيم (شمسطار – بعلبك) وجعفر أسعد (العريضة – عكار).

وليلاً، توعّد تنظيم «جبهة النصرة في بيان بإعدام الجندي الأسير علي البزال عند الخامسة من فجر اليوم. كما أعلن عن إدراج اسم الجندي الأسير جورج خوري «كورقة ضغط

في إطار مواجهته المفتوحة مع الدولة اللبنانية.

السابق
السفير :إجهاض مخطط إرهابي في الشمال
التالي
سلام: الجيش لن يتراجع في مواجهة خاطفي مجتمع بكامله