آثار بابل وتهديدات «تنظيم الدولة الإسلامية»

تصاعدت في العراق مؤخرا وتيرة القلق بشأن مصير آثار بابل في حال أحرز مسلحو ما يعرف بتنظيم “الدولة الاسلامية”مزيدا من التقدم على الأرض.

وتدور الاشتباكات حاليا بين القوات العراقية والمسلحين في منطقة جرف الصخر الواقعة داخل محافظة بابل. لذا حذر بعض الأثريين من أن تلقى آثار بابل نفس مصير تماثيل بوذا التي حطمتها طالبان في أفغانستان عام 2001.

تاريخ بابل

المنطقة الاثرية الواقعة جنوب بغداد التي يزيد عمرها على 2500 عام تعد من أعرق المناطق الأثرية في العراق، حيث توجد بها بوابة عشتار التي تحمل اسم واحدة من أشهر آلهة مملكة بابل، كما تحدثت الكثير من الروايات التاريخية عن وجود حدائق بابل المعلقة وهي إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، وإن كان بعض المؤرخين يشككون في وجودها.

 

بلغ صيت بابل أوجه في عهد الملك نبوخذ نصر الذي نجح في أن يجعل منها امبراطورية كبيرة شملت دولا مثل سوريا وفلسطين. كما حرص أن يشيد بوابات ضخمة وأسوارا شاهقة تعكس ازدهار حركة المعمار في عهده.

وربما كان من أبرز الآثار التي تركها نبوخذ نصر هي بوابة عشتار، التي كانت مشيدة في المدخل الشمالي لمدينة بابل.

ترميم خاطيء

لم يتبق من آثار نبوخذ نصر سوى بعض القواعد التي لا يزيد ارتفاعها على مترين. لكن ما يقف في المنطقة الأثرية اليوم هو نتاج عمليات ترميم خاطئة تمت في الثمانينيات بتوجيهات من الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يريد إقامة مهرجان في رحاب هذا المكان التاريخي.

ويقول أحمد كامل، عالم الآثار في بغداد، إن الترميم تم على عجل وباستخدام كتل أسمنتية لا تتناسب مع الأحجار الطينية التي بنيت بها الآثار القديمة. وتضغط هذه الكتل الأسمنتية الجديدة على القواعد القديمة الهشة لتشوه شكل الأبنية الأثرية. كما نقش صدام حسين اسمه على بعض أحجار بابل.

نقل بوابة عشتار

في مطلع القرن العشرين، جاءت بعثة من الأثريين الألمان إلى بابل للتنقيب عن الآثار، وقاموا حينها بنقل بوابة عشتار التي بناها نبوخذ نصر إلى أحد متاحف برلين. ولا تزال هذه البوابة موجودة هناك حتى اليوم بعد أن خضعت لعمليات ترميم دقيقة.

وأثناء التنقيب عثر الأثريون على بوابة أقدم تعود إلى ما قبل نبوخذ نصر، وهي البوابة التي لا تزال تقف في مكانها بين ما تبقى من آثار بابل في العراق.

قواعد عسكرية أمريكية

مع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أقام الأمريكيون قاعدة عسكرية داخل المدينة الأثرية وأقاموا بها لأكثر من عامين.

ويقول حسين فليح مدير آثار بابل إن القوات الأمريكية لم تبال بأن تحول هذه المنطقة التاريخية إلى ثكنة عسكرية حتى أنها بنت مهبطا للمروحيات.

ويضيف فليح أنه ما أن رحل الأمريكيون حتى جاء البولنديون ليقيموا في نفس القاعدة العسكرية لنحو عام.

“تنظيم الدولة الإسلامية”

ووفقا لفليح فإن مسلحي “الدولة الإسلامية” يقفون على مسافة نحو 70 كيلو مترا من مدينة بابل.

وأضاف “إذا اقترب المسلحون أكثر من ذلك، سنبحث إمكانية طلب حماية دولية، فما فعلوه في الموصل من تفجير للآثار، يثر مخاوفنا بشكل كبير”.

وكانت هيئة اليونسكو حذرت الشهر الماضي من أن المسلحين أصبحوا يعتمدون على سرقة القطع الأثرية من سوريا والعراق وبيعها في السوق السوداء من أجل تمويل نشاطهم المسلح.

تطمينات أمنية

لكن قوات الأمن العراقية تعتبر أن وصول المسلحين لآثار بابل فكرة مستبعدة تماما.

ويقول اللواء رياض الخيكاني قائد شرطة بابل “من المستحيل أن تصل داعش إلى هنا. فالمسلحون على مسافة كبيرة وقوات الجيش تدك معاقلهم، كما أنهم ليسوا بهذه الأعداد الكبيرة التي تصورها وسائل الإعلام. المنطقة الأثرية مؤمنة تماما ولا يوجد أي خطر يهدد سلامتها”.

ويوضح قائد الشرطة أنه لا توجد أي حاضنة للمسلحين في بابل، بمعنى أنه لا يوجد أي تعاطف مذهبي أو طائفي بين سكان بابل وعناصر “الدولة الإسلامية”.

وكان من المفترض أن تزور بعثة من الصندوق العالمي للآثار والتراث منطقة بابل للبحث عن سبل إصلاح بعض الترميمات الخاطئة التي عانتها الآثار، وكذلك للتنقيب عن المزيد من القطع الأثرية التي يعتقد بأنها مدفونة على عمق كبير تحت الأرض بفعل عامل الزمن وتأثير المياه الجوفية. لكن في ظل تدهور الوضع الأمني في العراق بشكل عام، فإن هذه الزيارة تأجلت حتى إشعار آخر.

السابق
الجيش: توقيف 162 إرهابيا في طرابلس منذ الجمعة الفائت
التالي
مداهمات للجيش في قرى وبلدات عكارية وتوقيف احد المطلوبين