من هو الشرير؟

بلال مواس
ينشر موقع جنوبية مقالاً نقدياً ساخراً اجتماعياً وسياسياً يكتبه الشيخ بلال موّاس، من وحي يومياتنا والأمور الّتي تصادفنا يومياً، ولها علاقة بالنسيج اللبناني الاجتماعي. والمقال هذا الأسبوع عن غيرة النساء.

من هو الشرير؟ سؤالٌ لطالما راود عقولنا وطرق باب استفساراتنا فاستخدمناه بحق مرة، وأسأنا استخدامه بغير حقٍ مرات ومرات،  فالشرير بحق، هو كل مسبب للشر، مانع للخير، كل من يسبح في فكره المريض الكثير الكثير من الأفكار السوداء والخطوات العمياء، وكل من حمل من صفات الشر وجينات الأذى يسمى عرفاً واصطلاحاً شرير!

ولكن في زماننا هذا، وُصم بعض المظلومين بأنهم أشرار، وذلك قياساً على صراحة أو فطنة أو ذكاء أو عدم مجاملة، وغيرها وغيرها من الصفات. فلكم استسهل استخدام هذه الكلمة في رميها حربةً في صدور قومٍ هم منها براء، لا لشيء، إلا لأن مطلقها عليهم ربما رأى في فعلهم “شراً” عليه، وكما يقول المثل العامي “الحرامي، بيفتكر كل الناس حرامية”!

لذلك كان لا بد لنا من طرح بعض الاستفسارات التي لا ننتظر لها جواباً، إنما طموحنا أن تلقى أنفس الشريرين الحقيقين جوابا عليها من ذاتهم.

هل يُعتبر “شريرا” مَن إذا طُلِبَ رأيه ونودي حُكمه فأطلق اللجام لصراحته وأخلى سبيل صدقه فقال ما يجب أن يُقال وأدلى بدلوه رأياً واستشارةً من دون أدنى مجاملة أو مواربة وسمّى الأشياء بمسمياتها وأنزلها منزلها التي تستحق موافقةً أو مخالفة، أم الذي يراه بسبب هذا شريراً هو “الشرير” ؟

هل تُعتبر “شريرة” مَن  دعاها أحدهم لموعد عمل، وقد جعله في نيّته السوداء موعداً للغرام والترفيه وهيام، ففاحت رائحة خبثه وملأت ما حوله، فشممتها هي وأحست بلهيب السوء يلفح جدية الموعد، وما كان منها إلا أن طلبت منه حضور زوجته لتتعرف عليها ويكون ذلك الموعد محمياً من الشبهات والنوايا السيئة واللطخة بالفساد الذهني، أم الذي يراها بسبب هذا شريرةً هو “الشرير” ؟

هل يُعتبر “شرير” مَن أعطاه الله فطنةً وذكاءً مميزين، فاستخدم دهاءه وذكاءه وأقام العمليات التجارية الرابحة وعقد الصفقات المالية الناجحة واحتل مرتبةً في الأسواق يحسب لها الحساب، ولم يستخدم أي من الممنوعات ولا الطرق الملتوية، هي فقط ما حباه الله به من بعد نظر وعقلٍ حارقٍ خارق كان السبب في وصوله إلى ما وصل إليه، أم الذي يراه بسبب هذا شريراً هو “الشرير” ؟

هل يُعتبر “شريرا” مَن يرفض تنفيذ الأوامر في المكان الذي يعمل به، طالما كانت هذه الأوامر تشبيحية وخارج نطاق ومضمار العمل المتفَق عليه ويكتفي بتنفيذ الخارطة الوظيفية التي كانت بنودها هي الميثاق التي على أساسه يقوم بأداء عمله، أم الذي يراه بسبب هذا شريراً هو “الشرير” ؟

هل تُعتبر “شريرة” مَن قدمت مصالح بيتها على مصالح غيرها وآثرت الجلوس مع أسرتها على الجلوس في مضيعة للوقت يتحقق فيها مصالح غيرها وغالباً ما تكون تلك المصالح التي للغير دون جزاءً ولا شكورا، أم التي تراها بسبب هذا شريرةً هي “الشريرة”؟

أما نحن، فقد وصلنا الجواب قبل كتابة المقال، ولكننا نطمح ونطمع أن تسمع آذانكم جواباً من ألسنتكم على هذه الأسئلة. كلموا أنفسكم وغوصوا في بحور الأجوبة وحاولوا التقاط الكنوز الدفينة بين سطورها. لا تكونوا شريرين هنا أيضاً، فتحرفون الكلام عن معناه المنتظر. قفوا مع أنفسكم وقفة مساءلة ومحاسبة، وعاملوها بما تحبون للغير أن يعاملكم به، لا كما تعاملونهم أنتم دوماً “بروحٍ شريرة”!

السابق
إيران تنفذ حكم الإعدام بإمرأة بالرغم من الضغوط الدولية لإلغاء الحكم
التالي
قيادة الجيش: المعركة في طرابلس مستمرة