عاشوراء وأيّامنا السوداء… الحزن كقدر يومي

عاشوراء
رغم انه من يجب على الشيعة الاحتفال بالعام الهجري الجديد إلا أنّه في عيد الغدير قبل ايام لم نرَ أيّا من مظاهر الاحتفال. ومرّ عيد الاضحى كذلك، وكل عيد يمر كأنه يوم عادي. وهنا الاستغراب. والسؤال الذي نخاف سؤاله: لماذا التركيز على العزاء والحزن والموت والقتل؟ هل إنّ الاسلام عقيدة مضادة للحياة والعيش؟

ككل عام هجري جديد يستعجل الشيعة في لبنان مجيء عاشوراء  لسبب لا أحد يعرفه. فمنذ اسبوع، ان لم نقل أبعد، ارتدت واجهات المحال التجارية اللون الاسود، الذي يلسبه الكبير والصغير والأم والأب والجد والجدة وصولا الى الطفل الرضيع.
وربما يحتاج الموضوع الى دراسة اجتماعية سوسيولوجية لهذه الحالة التي تظهر حبّ الاسود والحزن والبكاء.
مع العلم ان يوم عاشوراء هو في 10 محرم. لكن في استباقهم واستدعائهم الحزن فإنهم بذلك يلغون الاحتفال بالعام الهجري الجديد والذي يعني مرور سنة، وانطلاق سنة جديدة على ذكرى هجرة الرسول الكريم من مكة، حيث عانى الامرّين من الكفار، الى المدينة المنورة التي اقام فيها دولته المدنيّة.
وفي العودة الى لبنان نرى ان الاعلام السوداء والحمراء والخضراء تلف المحلات التجارية والمؤسسات ومداخل البيوت، واكثر ما يظهر هذا الاهتمام بالتعبير عن مجيء عاشوراء هو ما نلحظه في ضاحية بيروت الجنوبية. فعلى على كل شرفة أو شباك او باب او مدخل بناية نجد راية سوداء معلّقة، ويرتدي جميع افراد الاسرة الاسود، وتبدأ اقامة مجالس العزاء. فلا دعوات الى اعراس، ولا حفلات، ولا استماع الى الاغنيات، او الى الموسيقى، ولا اظهارا للفرح في هذه الايام العشر.
ويعمل القيّمون على كل حيّ من أحياء ضاحية بيروت الجنوبية الى وضع طاولة تقدم الماء والبسكوت محشوّا بالراحة إلى العابرين على الطرق، تماشيا مع تقليد عربي يقيمه غالبا اهل العراق بشكل اوسع واكبر من خلال تقديم الطعام والعصائر والحلوى.

رغم انه من يجب على الشيعة الاحتفال بالعام الهجري الجديد إلا أنّه في عيد الغدير قبل ايام لم نرَ أيّا من مظاهر الاحتفال. ومرّ عيد الاضحى كذلك، وكل عيد يمر كأنه يوم عادي. وهنا الاستغراب. والسؤال الذي نخاف سؤاله: لماذا التركيز على العزاء والحزن والموت والقتل؟ هل إنّ الاسلام عقيدة مضادة للحياة والعيش؟
هذا لا يعني ان قضية الامام الحسين ليست قضية حق. بل هي الحق بوجه الباطل، لكن الحق لا يفترض به ان يلزمني بلبس السواد، وان لم إلتزم بذلك اكون كمن خالف عقيدته الايمانية.
وفي العودة الى الاجواء الشعبية تميزت الاحياء المشاركة هذا العام والعام الذي سبقه بهدوء تام نظرا الى البيانات التي اصدرها ويصدرها حزب الله وحركة امل وتدعو الى ضروة الابتعاد عن التشنجات واثارة النعرات، خصوصا في الاحياء المختلطة داخل بيروت، من خلال بعض الاساءات الى رموز اسلامية سنية. وحسنا فعل الحزب والحركة في الاهتمام بروحية المناسبة، خصوصا ان المذهبية آخذة في التمدّد الواسع ولا تحتاج الى اي استفزاز اضافي.
فعسى ان يتعلم الشيعة والسنّة معا من دروس النبي الاكرم والائمة في وأد الفتنة التي ما عادت نائمة، بل انها تمشي بيننا.
وفي جولة على احياء الضاحية الجنوبية نجد انّ التركيز على الحماية الامنية للذين يلجأون الى المساجد والحسينيات والباحات العامة خوفا من عمل ارهابي. فالتدقيق الامني سيتم عند المداخل، اضافة الى منع دخول اي شخص يحمل اكياسا او ما شابه، مع منع دخول السيارات او وقوفها امام اماكن ومحطات قراءة المجالس العزائية طيلة الايام العشرة في كل من الضاحية والنبطية والجنوب بشكل عام اضافة الى قرى جبيل وبعض قرى الشمال.
وتميزت النبطية، بحسب محافظها القاضي محمود المولى، بالعمل على “تأمين إجراءات أمنية استثنائية لحماية المدينة من أي اختراق وفق خطة أمنية ستنفذها الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع الجيش وقوى الأمن الداخلي”.

السابق
15 غارة جوية على «داعش» بـ 48 ساعة
التالي
الحجار: أولوية انتخاب رئيس للجمهورية تدفعنا إلى التمديد