روسيا ترفض الصفقات مع واشنطن ولسلة متكاملة عشية قمة العشرين

كتبت “البناء” تقول: “روسيا لن تقبل بالصفقات الثنائية مع أميركا مهما كانت الإغراءات، ولن ترتضي تجزئة الملفات، ولا تجارة المفرّق، روسيا دولة عظمى ويجب أن يفهم الأميركيون أنها لن ترتضي إلا التعامل معها على هذا الأساس، فلا حلول وهمية مخادعة في أوكرانيا مقابل الحصول على لوائح اسمية لمجموعات إرهابية تلاحقها موسكو من ضمن تنظيم داعش، ولا شراكة تنفيذية في الحرب على الإرهاب غبّ الطلب، بل عودة إلى مجلس الأمن لرسم سياسة واستصدار قرارات وتحديد للأدوار”.

هذا هو ملخص التعميم الذي وزعته الخارجية الروسية على سفرائها كما اختصره مصدر مطلع في موسكو لـ”البناء”، مضيفاً أنه يعتقد أن التعليمات هي رؤوس أقلام وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبلغتها واشنطن، عشية قمة العشرين التي سيحضرها الرئيسان الروسي والأميركي وعدد من زعماء العالم خلال الشهر المقبل.

هذا في روسيا، أما في اليمن الذي صار محور المتابعة الموازي للحرب على “داعش”، والحلف الذي تقوده واشنطن، فقد تبلور الصراع بين الحوثيين من جهة و”القاعدة” من جهة أخرى وانقسم اليمنيون حولهما، جبهة مساندة لـ”القاعدة” يقودها حلفاء السعودية، وجبهة أخرى يقودها الحوثيون ويتشارك فيها كلّ أطراف العمل الوطني اليمني، بتياراته المتعددة من قوميين ويساريين وإسلاميين وممثلي العشائر، وبعض الجيش وأجهزة الأمن اليمنية.

بين روسيا واليمن، مصادر القلق الأميركي السعودي، تركيا تعيش ذعر التوازن العسكري الذي أنتجه الأكراد في عين العرب على حدودها وبالخصام معها، فيما تتقدم إيران بنعومة وسلاسة نحو لبنان، بعدما استعدّت كفاية لاستقبال رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، وأنجزت المشاريع لعشرات الاتفاقات لتطوير العلاقات بين البلدين.

“ها هي مستودعاتنا مفتوحة أمامكم، فاختاروا ما تريدون وما لا يحرجكم، نعرف احتياجاتكم لكننا لا نريد إحراجكم، لدينا من البدلة العسكرية وذخيرة البنادق الفردية إلى الصواريخ المضادة للطائرات والردارات الحديثة والأقمار الاصطناعية، لكم هبة سقفها المالي يتحرك حسب مواضيع طلباتكم، بلا شروط وبلا مقابل”.

بهذه الكلمات خاطب وزير الدفاع الإيراني نظيره اللبناني، الذي قدّر الموقف الإيراني، وأعلن أنّ لبنان يتلقّى هبة إيرانية مجانية بالكامل وغير مشروطة.
الإحراج الإيراني يقفل الباب أمام التلكؤ الذي تقف وراءه نصائح أميركية وتحريض سعودي، يشبهان نوع النصائح والتحريض بالانفتاح على “جبهة النصرة”، باعتبارها فريقاً معتدلاً ذا صفة شعبية.
على رغم ذلك بقيت الأجواء اللبنانية تحت تأثير القنابل الصوتية التي فجرها وزير الداخلية نهاد المشنوق، والتي كانت محور مساع لتطويق غبارها بعدما أدّت إلى خنق مساعي التوفيق التي يحتاجها التفاهم على استحقاقات ملحة، لا تمرّ من دون التوافقات ولا تسهّل مرورها مناخات التصعيد المفاجئ، من بحث التمديد للمجلس النيابي بطلب من الرئيس سعد الحريري، إلى حسم مستقبل سلسلة الرتب والرواتب بعد تبلور السلسلة العسكرية، خصوصاً أنّ كلام المشنوق طاول برذاذه الجيش، الذي يُفترض أنه موضع إجماع، وأنّ الاستهداف الذي يتربّص به خصوصاً في الشمال يستدعي، حتى في حال وجود ملاحظات، معالجتها بالطرق المؤسساتية، خصوصاً من وزير يترأس حقيبة أمنية هامة، وعضو دائم في الفريق الأمني المصغّر، وقادر على التعاون مع وزير الدفاع وقائد الجيش للمصارحة بكلّ ما يريد، وبصورة أخصّ عندما يكون المطلوب حماية ظهر الجيش من الطعن في الخلف، بعدم تركه عرضة للتناول والتطاول، وهذه معادلات لا تغيب عن وزير الداخلية، يعرف الوزير أنه لا يستطيع التصرف كقائد ميليشيا ولا كمحلل سياسي، فهو مسؤول ومسؤول هام وفاعل وبيده أوراق حلّ وربط، تجعل المواطن يتساءل إذا كان وزير الداخلية الذي يرأس أهمّ أجهزة أمنية في البلد، يخبرنا أنه غير قادر على ضبط المآخذ على أداء بعض مؤسسات الدولة من ضمن العمل المؤسساتي، وليس له إلا المنابر فماذا يملك المواطن، وإذا كان ممثل تيار أساسي مشارك في الحكومة لا يملك التحاور مع شركائه في الحكم، إلا إذا فتح باب الشراكة في هذا الحوار عملياً لكل عابر سبيل حتى لأعداء شركائه في الحكومة، بجعلهم عرضة للتهجم والاستفزاز ويصير الحوار المفترض نيلاً من المهابة والقيمة المعنوية، فما هي إذن قيم العمل السياسي التي يجب على المواطن الاطمئنان، بأنّ قادته رجال دولة يؤتمن جانب إدارتهم لحياته وهمومه واهتماماته، على أساسها واحترام التقيّد بها؟

داخلياً، نشطت الاتصالات السياسية في الساعات الماضية لاحتواء تداعيات مواقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الأخيرة، على الوضع الحكومي قبل جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً الخميس، خصوصاً أن رئيس الحكومة تمام سلام أبدى، بحسب أوساطه، انزعاجه من الأجواء السلبية التي خلّفها كلام المشنوق على هذا الصعيد.
وتوقعت مصادر سياسية أن يصدر عن الأخير خلال الساعات القليلة المقبلة، توضيح علني لمواقفه التي طاولت “حزب الله” والجيش ولا سيما مديرية المخابرات.

قلق من استمرار التصويب على الجيش

ولاحظت مصادر أمنية مطلعة أن استمرار التصويب على المؤسسة العسكرية ودورها في حفظ الاستقرار من شأنه أن يشجع المجموعات الإرهابية على مزيد من محاولة استهداف الجيش ومعه الاستقرار الداخلي. ورأت أن لا مصلحة لأي طرف معني باستقرار البلاد باستمرار هذه الحملة. ولذلك أبدت المصادر خشيتها من أن تدفع هذه الحملة إلى مزيد من محاولات استهداف الجيش، خصوصاً في مناطق الشمال، مشيرة إلى أن التحقيقات مع بعض الموقوفين أظهرت وجود أطراف معينة وأسماء قريبة من تنظيمات معروفة في طرابلس تغطي المسلحين الذين يستهدفون الجيش ومن هؤلاء أحد مسؤولي “المستقبل” في طرابلس بالإضافة إلى النائب خالد الضاهر.

وفي السياق، اعتبر “حزب الله” أن الخطاب المزدوج والأجندات غير المعلنة يشكل الخاصرة الرخوة للوضع اللبناني. ورأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن “البعض يطلق خطاباً يؤازر التكفيريين في كل نواحيه، لكن تنقصه عبارة واحدة هي أن يعلن أنه معهم”. واعتبر أن “إضعاف الجيش معنوياً أو سياسياً وهو في أرض المعركة جرم يرقى إلى مستوى الخيانة”.

وأكد رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” إبراهيم أمين السيد أن “ليس أمامنا إلا أن نقف بجانب الجيش، وإذا اقتضت المصلحة أن نكون أمامه. وهذه المعركة تحتاج إلى جاهزية، ولا يجوز أن ننظر إليها من الجوانب السياسية الضيقة”.

المشنوق والتمديد في ساحة النجمة اليوم

ومواقف المشنوق إضافة إلى موضوع التمديد للمجلس النيابي ستهيمن على المجلس النيابي الذي يعقد جلسة اليوم لانتخاب لجانه وأميني سر وثلاثة مفوضين لهيئة مكتبه. وأكدت مصادر نيابية في كتلة “التحرير والتنمية” لـ”البناء” أن لقاءات عدة ستعقد على هامش الجلسة بين رئيس المجلس نبيه بري ورئيس كتلة “المستقبل” النائب فؤاد السنيورة والكتل النيابية للبحث في التمديد للمجلس. ورجحت عقد جلسة الأسبوع المقبل لإقرار اقتراح التمديد سنتين وسبعة أشهر والمقدم من النائب نقولا فتوش، وذلك بعد تراجع احتمالات إجراء الانتخابات النيابية في السادس عشر من الشهر المقبل، لافتة إلى أن مجلس الوزراء لم يعين حتى الساعة هيئة الإشراف على الانتخابات بحجة التسميات.

وتوقعت المصادر النيابية أن يدعو بري اللجان المشتركة إلى جلسة مطلع الأسبوع المقبل، للبحث في سلسلة الرتب والرواتب، بعد أن تسلم قيادة الجيش نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري في اليومين المقبلين اقتراحات التعديل على سلسلة العسكر، ليطلع عليها وزير المال علي حسن خليل بغية تحديد الكلفة الرقمية لهذه السلسلة. وشددت المصادر على أن السلسلة قريبة إلا أنها لن تقر “سلقاً”.

السعودية تستغني عن خدمات جعجع؟

وفيما لا يزال الاستحقاق الرئاسي متعثراً نظراً لتمسك قوى 14 آذار بمرشحها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، توجه الأخير مساء أمس إلى السعودية عن طريق مطار بيروت، في زيارة رسمية، يقابل فيها كبار المسؤولين السعوديين. وتأتي الزيارة عقب لقاء الرئيس سعد الحريري البطريرك الماروني بشارة الراعي في روما، وقوله “إنه يجب علينا كقوى سياسية إن كان تيار المستقبل أو 14 آذار أن تكون لدينا مبادرات، ومن هذا المنطلق لا شك انه يجب أن نصل في مكان ما على التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتتوافق عليه جميع الأطراف”.

وأكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” “أن زيارة جعجع السعودية لن تتعدى سقف الاستغناء عن خدماته بعدما استعمل كمرشح لقطع الطريق على رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون”.

وأكدت مصادر وزارية في “14 آذار” أن الزيارة ستركز بشكل أساسي على الاستحقاق الرئاسي، لجهة دعوة جعجع إلى الإعلان رسمياً عن سحب ترشيحه والاتفاق على مرشح توافقي، لافتة إلى أن في طليعة الأسماء التوافقية التي يتم التداول فيها اسم رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، متوقعة أن يكون ذلك مدار بحث بين الحريري وجعجع والمسؤولين السعوديين.

في غضون ذلك، توتر الوضع الأمني ليلاً في عرسال حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني و”جبهة النصرة” في منطقة وادي حميد عرسال.

مقبل: الهبة الإيرانية تعزز صمودنا

وفي طهران تابع وزير الدفاع الوطني سمير مقبل مع المسؤولين الإيرانيين موضوع الهبة المخصصة لتسليح الجيش. وأكد مقبل بعد لقائه وزيري الدفاع والخارجية الإيرانيين حسين دهقان ومحمد جود ظريف أن “الدعم الإيراني سيلعب دوراً ملحوظاً في تعزيز صمودنا في مواجهة المجموعات التكفيرية والإرهابية”. وأشار إلى أن وزير الدفاع الإيراني وافق على قسم كبير من توفير متطلبات الجيش اللبناني، موضحاً أن “هذه الهبة هي من دون أي شروط، وبالطبع لا بد من المصادقة عليها في مجلس الوزراء اللبناني، من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة”.

بدوره أكد دهقان “أن أنواع الأسلحة جاهزة للإرسال إلى لبنان، وأغلبها من النوع البري لمواجهة المجموعات الإرهابية. وما نضعه تحت تصرف الجيش اللبناني، إنما هو إجراء عاجل للرد على تهديد متوقع”، فيما أعلن ظريف “أن إيران وقفت إلى جانب المقاومة الشعبية والجيش اللبناني وأنها على جاهزية تامة لتقديم شتى أنواع الدعم السياسي والأمني والمعلوماتي على صعيد مواجهة الزمر المتطرفة والإرهابية”.
كما تطرقت المحادثات إلى ملف النازحين السوريين والأعباء الأمنية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان جراء ذلك.

قرار وقف النزوح نهائي

وعلى خط مواز، أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن وقف النزوح إلى لبنان أمر نهائي، مشدداً على أن الحدود لن تقفل إلا بحال طارئة لأن لبنان لم يعد يستطيع أن يتحمل مزيداً من النزوح. وأشار درباس، بعد اجتماع اللجنة الوزارية في السراي برئاسة سلام وفي حضور وزراء الخارجية جبران باسيل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، العمل سجعان قزي، إلى أنه تم الاتفاق على التأكد من صفات النزوح بالنسبة للاجئين في لبنان، معتبراً أن من لا تنطبق عليه صفة النزوح يطلب شطبه من السجلات. وشدد على “أن موضوع المخيمات للنازحين غير مطروح للبحث، طالما أن هناك من يعترض على ذلك فكل ما هو مختلف عليه لا نبحثه الآن”.

المفاوضات حول العسكريين المخطوفين

إلى ذلك، أوضحت جهات سياسية قريبة من ملف المفاوضات بخصوص العسكريين المخطوفين أن الأمور لا تزال تراوح مكانها على رغم أن الحكومة لا تمانع في الدخول في مقايضة للوصول إلى تحرير العسكريين لكن ضمن حدود ضيقة ولا تصل إلى الرؤوس الإرهابية الكبيرة. وأشارت إلى أن تعطيل المفاوضات يعود إلى خلافات داخل المجموعات الإرهابية. إلا أن الجهات المذكورة دعت إلى انتظار نتائج زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى قطر وما يمكن أن تسفر عنه الزيارة من نتائج . لكنها لاحظت أن لا شيء متوقعاً في وقت قريب.

في غضون ذلك، هدّد أهالي العسكريين المخطوفين بتصعيد تحركهم، وأعطوا الحكومة والفاعليات السياسية مهلة 48 ساعة قبل البدء بالتصعيد في “يوم الغضب”، مؤكدين نيتهم مقاطعة التفاوض مع الحكومة والسلطات العسكرية لأنه “ليس هناك أية ايجابيات”.

السابق
العبادي يبحث في طهران أزمة «داعش»
التالي
هكذا رحلت الصحافية المميزة سيرينا سحيم و«المشاغبة»