هل تحوّل الأسلحة والتكتيكات «داعش» من عصابات الى جيش محتل؟

أشارت تقديرات أعلنتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في أيلول الفائت، إلى أن عدد عناصر تنظيم “داعش” في العراق وسوريا يراوح ما بين 20 ألف و31 ألف و500 عنصر، ولكن هذه الأرقام، على رغم دعوتها للقلق، لا تكفي لتفسير “الإنجازات العسكرية” التي تمتع بتحقيقها التنظيم.

وعلى رغم الأسلحة التي تتصدر العناوين مثل الطائرات الحربية والدبابات والمدفعيات الثقيلة والسيارات العسكرية المصنوعة في أميركا، إلا أن معظم عناصر التنظيم ما زالوا مسلحين بتشكيلة من الأسلحة الصغيرة التي تعود لزمن الاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى أسلحة M4/M16 الأميركية الصنع، والتي يعتمد عليها من يواجههم من العراقيين والأكراد والسوريين.

وتمكن التنظيم من الاستيلاء على معظم الأدوات الثقيلة التي بحوزته خلال التقدم الخاطف الذي أجراه في العراق، إلا ذلك ليس الأساس في نجاحهم بساحات القتال، لكنها يمكنها أن تساعد التنظيم في الشك بأي خطط لمواجهته، لأنه يتوجب أخذها في الاعتبار في حال مواجهة مباشرة ضمن المسافات التي تضمن قدرة هذه الأسلحة على إصابة أهدافها.
فعند مواجهة التنظيم في مواقع محددة، يمكن لأعضائه بالفعل استعمال المدفعيات الثقيلة والأسلحة الحديثة والدبابات التي تملك كفاءات أكبر وأفضل فاعلية للقضاء على الخصوم، وبالذات قوات البشمرغة التركية، إذ أشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن “داعش” استخدم دبابة ” M1A1 Abrams” خلال محاولته السيطرة على سد الموصل، قبل أن يتراجع بسبب ضربات جوية أميركية.

وهنا تأتي القوة من الضربات الجوية، خصوصاً مع هشاشة المدفعيات الثقيلة والدبابات والسيارات العسكرية أمامها، وعند التركيز على شنها في مناطق مفتوحة مثلما حدث في سد الموصل، وما يحصل حالياً في المواجهات بمدينة كوباني.

وهنالك ما لا يمكن للهجوم الجوي فعله، وهو أن يقوم ببساطة من التقليل من أكثر ميزات التنظيم فاعلية، القيادة العسكرية القوية في ساحة القتال، والتوحد التكتيكي العنيف في الهجوم، إذ يعمد عناصر التنظيم على هجوم سريع ومنسق جيداً بدعم من المركبات، والتركيز على نقاط الضعف لدى عدوه، تحت غطاء من القصف المدفعي بعيد المدى مصحوب بقذائف الهاون.

وهنالك ميزة عسكرية أخرى تتمثل بالالتفاف حول المراكز الدفاعية لخصومهم، والقضاء على أي مدافع يحاول الانسحاب، وهذا تكتيك نفسي بقدر ما هو مخصص بالتحركات، ويتم تضخيمه من خلال القصص المروعة والتعذيب التي تنشر من التنظيم في المناطق التي يخضع سيطرته عليها.

حتى أكثر القوات العسكرية اندفاعاً وأكثرها جاهزية يمكنها أن تجري انسحابات تكتيكية إن شعرت بخطر محاصرتها من عدد غير معلوم من القتلة المزودين بأسلحة أفضل، ولكن ما حدث في الموصل كان مهاجمة التنظيم لقوات قليلة التحفيز، وحتى هجومات مجموعة صغيرة مثل “داعش” أدى إلى زرع الرعب بين صفوف الجنود.

أما مدينة كوباني، فهي تشكل عملية غير اعتيادية لتنظيم “داعش” إلى حد ما، حيث التزم عناصره في معركة ثابتة مفتوحة ساعدت في إضعافهم أمام الهجمات العسكرية، فعلى الرغم من محاصرة التنظيم للمدينة وقيامه بالعديد من المحاولات المنسقة للاقتراب من مركزها، إلا أن أسلوب “فرم اللحم” الذي تشهده كوباني، بالانتقال من شارع لآخر لن يصب في مصلحة “داعش”.

وفي ما يتعلق بالأساليب الدفاعية لـ “داعش”، يبدو أنه يعمل على تحريك عناصره القوية بشكل سريع لمواجهة هجمات القوات العراقية والبيشمركة، كما أن معظم “الجبهات” التي تمتد شمالي العراق وسوريا، يملك التنظيم عناصر قادرين على إيقاف أي هجومات محتملة في خطوط الدفاع باستخدام مزيج من نيران المدفعيات والرشاشات الآلية والقناصين.

السابق
الصحة العالمية اعلنت خلو نيجيريا رسميا من وباء الايبولا
التالي
ابو فاعور: لبنان من الدول المعرضة اكثر من غيرها للايبولا