من يربح سوريا يربح العالم

سميح صعب

لا يزال الصراع على سوريا هو الذي يتحكم بمسار العلاقات الاقليمية والدولية وما تؤول اليه سواء من نزاعات او توافقات. ولا تزال الأزمة السورية عصية على الحل نظرا الى ارتقائها الى مستوى الصراع الوجودي بالنسبة الى البعض، وبسبب مردودها الجيوسياسي بالنسبة الى البعض الآخر. وتقود حدة الصراع واتساعه وتشعبه الى الاستنتاج أن من يربح سوريا يمكن ان يربح العالم.

كل الازمات في المنطقة يمكن ان تجد توافقات اقليمية او دولية عليها إلا النزاع السوري. بعد اكثر من ثلاث سنوات ونصف سنة على اندلاع الصراع لا تجد واشنطن وموسكو لغة مشتركة عن سوريا باستثناء الاتفاق الكيميائي الذي بقي محصورا في النطاق التقني من غير ان يتعداه الى السياسة. هكذا ثبت في فشل جولتي الحوار في جنيف اواخر 2013 واوائل 2014.
دول الخليج العربية وتركيا من جهة وايران من جهة اخرى، استعصى عليها حتى الآن ايجاد ما تتقاطع عليه بالنسبة الى الازمة السورية. واذا كان الصراع المذهبي في المنطقة يستعر وتتسع رقعته من اليمن الى لبنان مرورا بالعراق، فإن إطالة أمد الحرب السورية كانت سببا مباشرا لتأجيج المذهبية، وأتاحت للجهاديين فرصة اعلان “الخلافة” على أجزاء من سوريا والعراق، وهو ما استتبع ردا اميركيا باعلان ائتلاف دولي – عربي لمقاتلة الجهاديين.
لقد بات الربط محكما بين مآل النزاع في سوريا ومصير دول اخرى في المنطقة. فأنظمة الحكم في دول الخليج العربية وتركيا لن تقبل بأن يكسب النظام في سوريا وايران الحرب. واكبر دليل على ذلك هو تفلت رجب طيب اردوغان من الائتلاف الدولي بعدما شعر بأن من شأنه ان يضعف اعداء الرئيس السوري بشار الاسد. بينما بعض دول الخليج العربية تواكب الائتلاف من بعد ولا تبدو مقتنعة بمقولة واشنطن ان الجهاديين أشد خطرا من الاسد، ولكن لا يمكن هذه الدول أن تحذو حذو تركيا وتدخل في مواجهة علنية مع الحليف الاميركي.
واقع الصراع الاقليمي ينسحب على اميركا واوروبا من جهة وعلى روسيا من جهة اخرى. فواشنطن وعواصم اوروبية لا ترى من السهل عليها جعل موسكو تكسب معركة سوريا، لان ذلك يعني تسليما من الغرب بانهيار النظام العالمي الذي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين. واذا ما كسبت روسيا سوريا فان هذا يعني من وجهة النظر الغربية ان جدرانا جديدة سترتفع في العالم.
وعليه لا يعود مستغربا ان تطول الحرب السورية وان تفرز المزيد من الصراعات الاقليمية والدولية. من اوكرانيا الى اليمن وهونغ كونغ، وان ترتبط بملفات ساخنة من فلسطين الى البرنامج النووي الايراني.

السابق
الشرق الأوسط: مصادر أميركية: الدول العربية مستعدة لتمويل القوات العراقية وتدريبها
التالي
بطاقة أوباما الائتمانية تُرفض