حكي جردي: زعيتريّات وعنترياّت

نوح زعيتر، اسم تناقلته وسائل الاعلام كثيرا في السنوات الأخيرة، قدمته وصنعت منه أسطورة، حتى أن المتلقي صار يحسب أن هذا الرجل عنترة أو جيمس بوند وأن ما من قوة في الأرض تقدر عليه.

ليس هذا ال “نوح” بغريب عن هذه البلاد، هو يشبه الكثيرين من أبنائها، ذنبه الوحيد أنه تأمل طويلا الأفراد الذين صاروا أغنياء بين ليلة وضحاها بوسائل غير شريفة، فقرر طريقه. في سلطته وماله هو يتماثل معهم، الفرق الوحيد بينه وبينهم أنه لم يحظ بكرسي أو بمكتب أو بزعيم، ربما منعه إباء مغلوط ورثه عن بيئته التي تربى فيها فلم يرد أن يكون ذيلاً ولا ماسح جوخٍ ولا نبّاحاً عند ناهبي سلطة ومال الفقراء.

**  **  **  **

ما كاد عدوان تموز ينتهي في العام 2006 حتى ذهبت الدولة بعديدِ جنودٍ لم يبلغ الألفَ إلى جرود بعلبك والهرمل، قامت حينها بإتلاف كل محصول الحشيشة هناك، لم تترك أرضاً أو “جلّاً” أو “حاكورة” أو “قنّ” دجاج إلا ووصلته، أحدٌ من “الأشاوس” لم يعاند أو يخاشن، الكلّ شاهد آليات الدولة تعربد في رزقه دون أن يحرك ساكناً بالمطلق: ألف عنصر أمني يقدرون بكل بساطة أن يضبطوا أمن الناس في بعلبك والهرمل عند توفر القرار السياسي، لكن طرفاً سياسياً، أو أكثر، أو ربما جميع أركان القرار التنفيذي من سياسيين وأمنيين، لا يريدون ذلك في هذه الأيام.

**  **  **  **

أما نوح زعيتر فيهرب من مستشفى الريان في بعلبك رغم الحراسة المشددة عليه من قبل الجيش اللبناني – وربما من قبل أكثر من جهة أمنية-، كأنّ نوح السوبر مان أراد القول بأن هذا الجيش لا يعول عليه في التصدي لاسطورة داعش على الحدود، وأن علينا أن نتحسس رقابنا للذبح منذ الآن!!

**  **  **  **

داعش ونوح زعيتر ليسا أكثر من أسطورتين اجتمعت عليهما عقول كبيرة من المخابرات والفتن.

**  **  **  **

كذلك شادي المولوي الذي خرج قبل سنوات من المحكمة العسكرية بسيارة الوزير محمد الصفدي واستقبله رئيس مجلس الوزراء في ذلك الحين نجيب ميقاتي، صنعت الأجهزة اسطورته. ملفه الأمني هذه الأيام صار دسماً، لكنه خرج بقدرة قادر من باب التبانة منذ أيام، بالرغم من أن الطرقات والمفارق والساحات قد سدت بحواجز امنية لا تحصى حرصا على الأمن وسلامة المواطنين!!

غداً أو بعد غد، قد يخرج الإعلام علينا ليبشرنا أن شادي الذي “ضاع” ذات اتفاق قد ظهر خليفة على المسلمين في دولة طرابلس وبلاد الفينيق.

**  **  **  **

يجنح اللبنانيون عموما صوب التعميم. في أحاديثهم التي يتناقلونها يشيعون أن عائلة زعيتر خارجة عن القانون، وهم يستفيضون في ذلك.

كل تعميم خاطئ حتى وإن أصاب. بين أبناء هذه العائلة أناس مشهود لهم بكفاءتهم ونضالهم وأخلاقهم العالية: منار زعيتر -المناضلة الحقوقية التي تنشط فوق العديد من منابر العالم في الدفاع عن حقوق الإنسان عموما والمرأة خصوصا- وهيفاء زعيتر -الإعلامية الذكية والموهوبة والمثقفة وصاحبة المواقف المشهودة في مهنتها- هما غيض من فيض، وهما امرأتان يفتخر بهما شرفاء هذه البلاد.

**  **  **  **

وما تزال كوباني صامدة

يجتمع عليها كل أنذال العالم ولا تسقط:

جراد داعش

حقد أميركا

لؤم النظام السوري

تاجر “الشنطة” الروسي

نذالة أوروبا

سفاهة إيران

وأخيراً وليس آخراً تخاذل “الطيب” أردوغان.

**  **  **  **

وما تزال كوباني صامدة

لأن الشعب الذي خرج منه زرياب الغناء وصلاح الدين الشرف لا يمكن أن يُغلَب.

**  **  **  **

“المحاولات التركية لإقامة منطقة عازلة انتهاكٌ سافر لمبادئ وأهداف الأمم المتدة وقواعد القانون الدولي”.

ذلك ما صرح به قبل أيام وزير خارجية السوري وليد المعلم!! تماماً!! ومن ارتاب وأراد لقلبه أن يطمئن فعليه بغوغل، صار الأخير سيد العارفين بأحوالنا ومهازلنا!!

وزير “الكروش والمقادم والكوارع والنيفا” تحدث عن حقوق الإنسان!! أحسبُ أن الذي ابتكر سياسة إلقاء البراميل من الطائرات قد شاهد معاليه بعد انتهائه من تناول وجبة دسمة حين خطرت له تلك الفكرة الهمجية.

يا مهدي أدركني.. عجّلْ على ظهورك!!

**  **  **  **

مات وجدي شيّا.. بعض آخر من روح هذه البلاد الجميلة يموت.

 

السابق
المحامية مي الخنسا تدعي على رئيس بلدية عرسال و«أبو طاقية»
التالي
أوسمة للكتيبة الفنلندية – الايرلندية