جيفري سمبسون: هل يقتل الإسلام نفسه؟

فتح الاسلام

يعتبر الكاتب الكندي الشهير جيفري سمبسون أن الجماعات الإسلامية تجاوزت مرحلة قتل البوذي في تايلاند، والمسيحي في نيجيريا مثلاً، إلى قتال الحكومات العلمانية في العالم الإسلامي. مشيرًا إلى أن المتطرفين دخلوا مرحلة جديدة من الصراع.

يتواصل الجدل العالمي حول علاقة “العقيدة الإسلامية” بالتطرف والقتل والإرهاب، وسط اختزال لهذا الجدل في رؤية تقول إن التعميم أمر لا علاقة له بالمنطق، فهناك أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في العالم، غالبيتهم الكاسحة لا علاقة له بالارهاب، فيما يتمسك المعسكر الآخر بأن “داعش” ما هي إلا جماعة ارهابية متطرفة تتصرف انطلاقاً من فهمها الدين الإسلامي.

بن أفليك يرفض

الممثل والمخرج الأميركي “اليهودي” المعتدل بن أفليك يرفض ربط الإسلام كعقيدة بالقتل والإرهاب، مفضلاً الإشارة إلى أن من يفعلون ذلك هم قلة من بين مليار ونصف المليار مسلم، قائلاً: “ليس كل مسلم مؤمنا بالعنف والقتل، إن هجومنا عليهم أمر عنصري ومرفوض، ماذا عن المليار مسلم غير المتعصبين ممن يرفضون العنف والقتل ويصلون 5 مرات في اليوم، ولا يفعلون الأشياء التي تقول إن كل المسلمين يفعلونها، صحيح أن بعضهم سيئون وإرهابيون، ولكن لا يجوز أن نلون الدين كله بفرشاتنا العريضة”.

أصل التطرف

في حين تمسك بيل ماهر صاحب البرنامج التلفزيوني الشهير Real Time with Bill Maher بأن العالم الإسلامي لديه الكثير من القواسم المشتركة مع فكر “داعش”، وهو أصل التطرف، وأيده في ذلك “سام هاريس” الذي أطلق تعبيراً أثار جدلاً توقف ولن ينتهي قريباً وسط مؤيد ومعارض، حيث قال “الإسلام هو الرافد والعرق الأساسي للأفكار السيئة”.

أنظروا إلى الخريطة

وفي ظل هذا الجدل المتواصل، والذي يوحي بأن الإسلام والجماعات المتطرفة التي تدعي الإنتماء له وعلى رأسها “داعش” أصبح في صدارة إهتمام العالم على مستوى الإعلام والشارع، بل على المستويات كافة، خرج الكاتب الكندي الشهير جيفري سمبسون بمقال عبر صحيفة “غلوب آند ميل” الكندية ليطرح رؤية أقرب إلى رصد الواقع، بعيداً عن الإستغراق في الجانب التحليلي، فأشار إلى أن الإسلام وجماعاته المتطرفة والقتالية أقرب ما يكون إلى من يقتل نفسه الآن.

وأضاف سمبسون “يمارس تنظيم داعش القتل ضد السنة في العراق وفي سوريا، وهو في الأساس مصنف باعتباره حركة جهادية سنية، هذا ما حدث على الأقل في الأنبار التي تقطنها غالبية سنية خلال الأيام الماضية، إنه نموذج صارخ لما أصبح عليه الموقف حالياً، المتطرفون المسلمون تجاوزوا مرحلة قتل البوذي في تايلاند، والمسيحي في نيجيريا مثلاً، إلى قتال حكوماتهم العلمانية في العالم الإسلامي، ثم دخلوا مرحلة الصراع المذهبي في ظل الصراع السني الشيعي، والجديد يحدث الآن، حيث يقتل السنة بعضهم في آخر وأكثر فصول التطرف إثارة للدهشة”.

وتابع الكاتب الكندي البالغ 65 عاماً، والذي يثري الصحافة الغربية بمقالات سياسية على مدار ثلاثة عقود “لقد تجاوزنا مرحلة صراع الحضارات، وهو الصراع الذي كان يقوم على خلفية دينية مسيحية إسلامية، أو بين أيدلوجيات أو عقائد مختلفة، لنصل الآن إلى مرحلة الصراع داخل الدين الواحد، وبالنظر إلى خريطة الصراعات في العالم، فسوف نكتشف وجود هذا النموذج الأخير بوضوح في كثير من دول الشرق الأوسط”.

وقرأ سمبسون خارطة الصراعات في العالم، مشيراً إلى أهم بؤر التطرف، والتي اتضح أن غالبيتها له علاقة بالجماعات والدول الاسلامية، على المستويين الفكري والجغرافي، راصداً إياها على النحو التالي..

شيعة اليمن

في اليمن ما زال المشهد يؤشر بقوة إلى أن الصراع أصبح دينياً بامتياز، فقد سيطر الشيعة على العاصمة صنعاء، وخلال الأسبوع الماضي قام انتحاري سني بقتل 47 شخصاً على الأقل من الجماعة الشيعية التي تسيطر على الوضع هناك.

طالبان السنة

في أفغانستان وعلى الرغم من انتخاب حكومة بطريقة ديمقراطية، إلا أن القتال والصراع ما زال مستمراً، وخاصة في المناطق الجنوبية، حيث تواصل حركة طالبان السنية شن الحرب ضد حكومة كابول العلمانية، وهو صراع لا تبدو نهايته قريبة.

مستنقع سوريا

في سوريا على وجه التحديد هناك الكثير من الجماعات الاسلامية المتطرفة تقاتل بعضها بعضاً، من حكومة بشار الأسد العلوي، والعلوية مجرد فرع من المذهب الشيعي، إلى داعش السنية، وصولاً إلى تدخل دول إقليمية وعالمية في الصراع بشكل أو بآخر، ما جعل الوضع في قمة التعقيد، إلى حد أنه لا يمكن لأحد التدخل بشكل حاسم في هذا الصراع الفوضوي القاتل.

إخوان مصر

في مصر ومن قبلها الجزائر، تمكن الإسلام السياسي من الوصول إلى سدة الحكم، وتصدر المشهد السياسي في البلدين لبعض الوقت، حتى تم التخلص منهم بحرب أهلية في الجزائر امتدت من 1992 حتى 2002، كما أن التخلص من الاسلاميين في مصر يتسبب حالياً بأوضاع غير مستقرة في مصر.

قنبلة ليبيا

وقف الغرب وتحديداً حلف الناتو مع الثوار في ليبيا حتى تم التخلص من حكم الديكتاتور معمر القذافي، ولكن لم يكن لدى أحد تصور واقعي لفترة ما بعد القذافي، ما جعل ليبيا ساحة تجاذب وصراع، وبؤرة جديدة شديدة الخطورة للإرهاب، وهناك قتال مستمر حالياً في وجود الجماعات المتطرفة.

نفوذ إيران

إيران لديها استقرار نسبي على الجبهة الداخلية، وهو ما يجعلها تلعب دوراً محورياً في الصراعات الملتهبة في المنطقة، فهي تدعم وتمول وتسلح حزب الله الشيعي في لبنان، وكذلك تدعم حركة حماس في غزة، كما أن تأثيرها واضح وعلاقاتها قوية مع الميليشيات الشيعية في العراق، ووسط كل هذه الأجواء هناك علاقة فاترة “في أفضل الأحوال” مع السعودية الرمز السني في المنطقة.

الخلاصة

إن الأفكار والأيديولوجيات الدينية المتصارعة، والعداوات التاريخية، وارتفاع وتيرة التطرف في الدول الاسلامية والشرق أوسطية يفرض حالة من القلق على المستوى العالمي حالياً، وأصبح التدخل الغربي في هذه الصراعات أمر معقد ومحفوف بالمخاطر.

7 من 10 إرهاب

ويبدو أن الكاتب الكندي لا يريد الدخول في أجواء الكراهية والعداء، ما جعله يقدم رؤية واقعية لا تحليلية، إلا أن الكاتب فريد زكريا حاول عبر مقال نشرته الواشنطن بوست الأميركية الرد بطريقة عقلانية على بيل ماهر وسام هاريس، حيث أكد أنه مسألة تعميم الفكر الإرهاربي على أكثر من مليار ونصف المليار مسلم هو أمر لا يمكن القول بأنه منطقي، ولكن في الوقت ذاته يجب على المسلمين الإعتراف بأن هناك مشكلة حقيقية تواجههم في الوقت الراهن، فقد كان هناك 7 جماعات اسلامية من بين 10 قامت بعمليات ارهابية في العالم منذ عام 2003 وحتى الآن.

السابق
MTV:الحكومة اتفقت مع داعش لكن الصفقة ابطلت
التالي
الحوثييون يسيطرون على منفذ ‘الطوال’ على الحدود اليمنية السعودية