«حزب الله» و«الجماعة»: تقارب تفرضه الحاجة!

قد لا يصح توصيفها بـ«الوساطة» تلك التي تقوم بها حركتا «الجهاد الإسلامي» و«حماس»، بين «حزب الله» و«الجماعة الإسلامية». إذ إن العلاقة بين التنظيمين الاسلاميين هي من المتانة بحيث ان الاهتزازات التي تعرّضت لها لم تؤثر في مسارها أو تؤدي إلى قطيعة، برغم مرورها بأكثر من قطوع إقليمي وداخلي جدي.

ما تقوم به حركتا «الجهاد» و«حماس» هو مسعى لإعادة ترتيب العلاقة بين الجانبين على أسس تراعي ما أفرزته المرحلة الجديدة، أي بمعنى آخر، التعاطي مع الواقع الجديد في المنطقة لناحية تطورين: التراجع الكبير الذي تشهده حركة «الاخوان المسلمين» في المنطقة، ومنها لبنان، وهو الامر الذي يبدو واضحا على شعبية جناحها اللبناني «الجماعة الإسلامية»، وبروز ظاهرة «داعش» وما رافقها من بناء تحالف دولي اقليمي لضربها.
يبدو التقارب بين الحزب والجماعة حاجة متبادلة، اذ بينما تكسرت احلام «الإخوان» في السلطة على صخرة الصمود السوري والمصري، وتراجع دورهم في المنطقة قاطبة (يستثنى على هذا الصعيد المشهد التونسي)، يحتاج الحزب الى حليف سني معتدل وقوي، حاصل على الشرعية الشعبية، على الساحة اللبنانية، بوجه التكفير القادم الى لبنان على صهوة فتنة مذهبية يبدو انها تلقى آذانا صاغية لدى شباب مغرر بهم، وان لم تكن وجدت حتى اليوم بيئة حاضنة بالمعنى الحقيقي، سواء في الشمال ام في الشرق ام في غيرهما من المناطق اللبنانية.
من هنا، فإن الحاجة الى التقارب متبادلة، أما الطرف الذي يقرب وجهات النظر، فيبدو أن «الجهاد» و«حماس» هما الافضل. انطلق مسؤولاهما في لبنان في حركة مكوكية بين الطرفين في الفترة القريبة الماضية، ولمسا ايجابية كبيرة لدى الطرفين في تقريب وجهات النظر، ولعل الانجاز الاهم الذي حققاه عبر لقاءاتهما هو تثبيت التواصل وتجنب وصول الامور الى القطيعة التي يريدها كثيرون يزايدون على الطرفين، وخاصة على «الجماعة»، متسلحين بقتال الحزب في سوريا وبجملة من القضايا التي يخرج معظمها عن السياسة!
ويشير متابعون لموقفي الطرفين ان الاخيرين يدركان اهمية وخطورة ما يجري في المنطقة، خاصة الصراع المذهبي فيها وخطورته على النسيج الاجتماعي. وهو ما يأتي في شكل اساس ليضرب قضية العرب والمسلمين الاولى، القضية الفلسطينية، التي خرجت قبل فترة وجيزة من انتصار كبير كان على الجميع التوحد خلفه، وما يجري في المنطقة من شأنه تضييع ثمن النصر الذي تحقق.
يحاول الطرفان، حسب المتابعين، إعادة لملمة الوضع انطلاقا من لبنان باعتباره الارضية الافضل لعمل كهذا، يؤسس للتوسع نحو اقطار اخرى في حال تم على اسس سليمة. لذا، هما يريدان الابتعاد عن التجاذبات وحفظ الخلافات في الاطار السياسي والتشديد على الاولويات، وعلى رأسها الصراع مع العدو الذي يشرع في عملية تهويد غير مسبوقة للقدس وفي عملية استيطان لا تقابل بأية مقاومة وبصمت عربي واسلامي مريب.
تبدو دوافع التقارب كبيرة، أما مجالات الخلاف، فعميقة ولكن ليست كبيرة، حسب المتابعين، اذ على سبيل المثال، يتفق الجانبان على ان الحل في سوريا سياسي، وهو امر يمثل تطورا كبيرا في موقف «الجماعة»، ما يعني، واقعيا، التسليم بوجود النظام السوري الذي لطالما دعت الحركة الى اسقاطه.
ولعل الدافع الاكبر للتقارب يتمثل في خطر توسع التكفير، وقدوم التحالف الدولي الاقليمي الى المنطقة تحت عنوان ضربه، وهو ما دفع بالحزب والحركة نحو هذا التقارب، اذ ان وجهة النظر متقاربة بأن قدوم التحالف الى المنطقة ليس هدفه ضرب «داعش» وهو لا يهتم بمصلحة دول المنطقة، بل انه يريد المنطقة نفسها!

http://www.assafir.com/Article/2/378580/MostRead

السابق
دي ميستورا و«حزب الله»: الحل في سوريا.. سياسي
التالي
مناوشات بين وزيرين بسبب مشروبات الطاقة؟