طموحات إيران والردّ السعودي

التراشق بالاتهامات اللاذعة بين الرياض وطهران يناقض الاجواء المتفائلة باختراق ممكن في العلاقات بين الدولتين اللدودتين، بعد لقاء وزيري خارجيتهما في نيويورك. وهو يعكس ريبة متبادلة راسخة لم يبددها تعاون موضعي في العراق أتاح ازاحة نوري المالكي، وتاليا يبدو أن البناء على هذا التعاون تعثر في ظل المخططات التوسعية لايران من سوريا والعراق ولبنان وصولا الى اليمن.

ليست خطط ايران في المنطقة طارئة في أي حال، غير أن تحركاتها الراهنة ، قولا أو فعلاً، مباشرة أو بالواسطة، قد تعكس مخاوفها من تغيرات محتملة في سوريا، على رغم تطمينات واشنطن الى أن حرب الائتلاف الدولي على “الدولة الاسلامية” لا تستهدف بشار الاسد، حليف طهران.

الضغوط الغربية على تركيا للتدخل ضد الدولة الاسلامية “داعش” في سوريا تقلق طهران. وتزيدها قلقاً مطالبة تركيا باقامة منطقة عازلة في شمال سوريا منطقة وحظر للطيران. تخشى أن يتطور ذلك الى اطاحة بشار الاسد، وهو طلب أساسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

من الواضح أن خوف ايران جدي على النظام في دمشق، وهي تاليا تتحرك في أكثر من اتجاه للتحذير من المس بحليفها. فقد أقر نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان بأن بلاده ناقشت للمرة الاولى مع واشنطن موضوع “الدولة الاسلامية”، وهو ما كانت ترفضه سابقاً بحجة وجوب معالجة الملف النووي أولاً. أما العملية التي نفذها “حزب الله” في تلال كفرشوبا ضد دورية اسرائيلية، فلم تكن مسألة تعزيز للردع لاسرائيل فحسب أو اظهار قدرة الحزب على القتال على أكثر من جبهة.انها أيضاً رسالة في نقاش أوسع بين ايران من جهة وخصومها الاقليميين وواشنطن من جهة أخرى، دونما اعتبار للعواقب المحتملة لهذه اللعبة الخطرة على لبنان.

من الواضح أن طهران ماضية في استراتيجية ابقاء نظام الاسد في السلطة بالغا ما بلغ الثمن. وتوحي رسائلها بأنها لن تقبل الا بتجيير المكاسب المفترضة على حساب “داعش” لمصلحة الاسد، وهو ما لا يمكن أن تقبل به السعودية ولا اية دولة عربية أخرى تشارك في الائتلاف.

خطط ايران لا تقتصر على سوريا ولبنان.ففي العراق حيث تخلت عن المالكي، تسعى الى انشاء سلطات رديفة تدين لها بالولاء. وقد ألقى تقرير لـ”فورين – توليسي” الضوء على اكثر من 50 ميليشيا شيعية يرتبط أكثرها بصلات ايديولوجية وتنظيمية عميقة مع الجمهورية الاسلامية. تنظيمات كهذه قادرة على القضاء على ما تبقى من فكرة هيبة الحكومة في بغداد، وتشكل تحدياً جدياً للجهود المبذولة للعمل مع حكومة عراقية شاملة لمواجهة “داعش”. أما في اليمن فباتت ايران حاضرة لا في “الانقلابات” العسكرية فحسب، وإنما صارت شريكا اساسيا في تسمية رئيس الوزراء.

السابق
الأكراد قوم من الجن… مع المعذرة
التالي
من هن المراهقات المؤثرات لعام 2014؟