حتى لا نندم جميعاً!

شكراً سوريا
لطالما استعان اللّبنانيون بجهات خارجية ليستقووا على بعضهم البعض، وأدّت الانقاسامات السياسية إلى التطرّف وعواقب لا نحمد عليها، لذا يجب أن نستدرك الأمر جميعاً قبل أن يفوت الأوان ويتآكلنا الندم.

تعاون بعض اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً بالممارسات الفلسطينية في لبنان مع الاسرائيلي واستقبله آخرون بالأرز والأهازيج ولكنهم عادوا وندموا. تعاون بعض الجنوبيين مع الاسرائيلي عبر جيش لحد وسواه خشية من ظلم أخوة لهم في الوطن ولكنهم عادوا وندموا.
استعان بعض اللبنانيين بالجيش العربي السوري سنة 1976 ليحميهم في حربهم ضد أخوة لهم في الوطن وفي وجه الممارسات الفلسطينية الشاذة ولكنهم عادوا وكفروا بهذه المساعدة بعدما نكّل بهم النظام السوري أبشع تنكيل. تعاطف بعض اللبنانيين مع الثورة الفلسطينية داخل لبنان وقاتلوا إلى جانبها وقاتلت إلى جانبهم إلى أن أتى يومٌ وندموا بسبب تجاوزات مسؤوليها ورجالها بحقهم.
فرح كثير من المواطنين العرب والمسلمين لتصدي حزب الله لإجرام اسرائيل ولكنهم سرعان ما اكتشفوا خلفيات حركة الحزب فكرهوه وكرهوا سادته من فرس وعرب وندموا لرفعهم راياته. كما تفرح اليوم فئة، ولو قليلة، من اللبنانيين أذلّها واعتدى عليها وعلى كل رموزها وهزئ من وطنها ومؤسساته حزب ادعى لنفسه أوصافاً تكاد تكون إلهية كلما قُتِل لهذا الحزب رجال في سوريا وغيرها، وتفرح عين الفئة لامتداد داعش والنصرة في العراق وفي سوريا وربما في لبنان لكثرة ما ذاقت من إهانة وقتل على أيدي النظام السوري ومخابراته وشبيحته والنظام الايراني وحزبه وسراياه ولكنها ستندم حينما ستتعرف على حقيقة داعش…
تصطدم فرحة هؤلاء اللبنانيين بالإصابات التي تطال حزب الله ومقاتليه بفرحة أخوة لهم في الوطن من المنتشين بحروب حزب الله وفتوحاته في سوريا وفي شوارع بيروت وجميعهم سيندم…
وأخيراً وليس آخراً، واللائحة تطول، تشكر فئة من اللبنانيين حزب الله وأدواته على حمايته لها من خطر وصول داعش مبررة له الفظاعات التي يرتكبها بحق الشعب السوري ونسائه وأطفاله ولكنها ستندم حتماً…
أقول هذا الكلام وقد اعدّت التذكير الممّل بكثير مما عاشه ويعيشه اللبنانيون على اختلاف أهوائهم لأَلْفِتَهم إلى أن ما أدى وسيؤدي إلى ندمهم هو تعاونهم، كل بدوره، مع جهة خارجية أو لتغليبه الأحقاد على العقل.
نعم سيندم مؤيدو حزب الله لأنه حزب مرتبط بايران يبدّي مصلحتها على مصلحة الوطن ولأنه اعتدى وظلم وأجرم وابتعد كل البعد عن نصرة الضعيف وعن الإنسانية وعن خط الإمام الحسين. لذلك ما عليهم إلا رفع صوتهم المعترض على ما يتمّ باسمهم قبل فوات الأوان…
كما سيندم مؤيدو التيار الوطني الحر لأن تيارهم، وخدمة لسياسات شعبوية وعنصرية ونفعية، ناصر الظالم على المظلوم من أخوتهم في الوطن، والحل هو بإسماع صوتهم المعتدل المصلح ورفضهم أن ينقادوا غرائزياً قبل أن تصبح الهجرة قبلتهم!
أما تيار المستقبل فلن يندم لأنه ابتعد قولاً وفعلاً عن ركب موجات التطرف والبغض، بالرغم من كل الظلم الذي أصابه ويصيب فئة من اللبنانيين الذين يؤيدونه، ولكن عليه، لكي يستمر في إقناع جمهوره بصحة مواقفه الداعية للتضحية والشدّ على الجراح تجنباً للفتنة، أن يعبّر باستمرار وبصوت عالٍ عن وجع مؤيديه العزّل المطالبين بالعدل والمساواة والإنصاف. يتمّ ذلك عبر تسمية مواضع الخلل والمخلّين أكانوا دولاً أو أحزاباً أو مسؤولين بمؤسسات الدولة اللبنانية من مدنيّة وأمنيّة وعسكريّة، وأيضاً بالتعهّد بإصلاح الأمور فور تراجع الظروف الاستثنائية لأن الظلم يولّد التطرف والتطرّف يودي بالأشخاص والأوطان.

السابق
عمال ومستخدمو مؤسسة كهرباء لبنان: لوضع حد جذري لمأساة والعمال
التالي
فضل الله: لحوار شامل في السعودية والعفو عن الشيخ النمر وأدا للفتنة