نكبة المعلمين…

بعد الكارثة الأليمة التي حلّت بالمعلمين بعد العمل النقابي الفوضوي الذي كانت نتائجه الغاء سلسلة الرتب والرواتب مقابل اعطاء الافادات التي ﻻ تسمن وﻻ تغني من جوع. كتب الشاعر خليل عجمي هذه القصيدة الهجائية بحق الاستاذ حنا غريب.

حنا غريب.. أنت يا زير العرب
يا صاحب العضلات ياملك الشنبْ
بخطابك الوثني ياشيخ الورى
ضيّعت سلسلة الرواتب والرتبْ
بخطابك المرتدّ عن مألوفه
فقدتْ معانيها ورونقها الخطبْ
الحقّ ليس على الحكومة يا اخي
لكن تصرفك الذي كان السببْ
ما هكذا المسؤول يخذل شعبه
حتى يحقّق ما توهم من رتبْ
ﻻ يرفع الانسان جاهٌ غرّه
أبدا ولا يغنيه مالٌ او لقبْ
أنا لست ضدك في المواقف مطلقا
لكنني ضدّ التصلّف والشغبْ
ما هكذا المقهور يأخذ حقه
من دولة فيها نظام ابي لهب
قد صرتَ من هيفاء أكثر شهرةً
والزّاحفون مصيرهم فرن الحطبْ
كم من مظاهرةٍ حملتَ شعارها
(حيتانُ مالٍ) والشّعار قد انقلبْ
أنا واثق .بالفعل أنّك منصبٌ
ﻻ مال منهم قد اخذت وﻻ ذهبْ
لكنْ وما نفع العتاب وكل ما
كنّا نؤمّل فيه يا حنا ذهبْ
ذهب المرام وحُطّمَت أحلامنا
تبّتْ يدُ الجاني أبو لهبٍ وتبْ
مَنْ انت يا حنّا لتُرغم دولةً
كي تستجيب الى المطالب بالغضبْ
لوﻻك ما حلّت بشعبي نكبة
ابدا ولا صدر القرار المقتضبْ
لن تقتل الناطور يا حنّا وﻻ
أحد من الفقراء قد أكل العنبْ
إنّ الافادات التي قد أُعطيَتْ
لا تخدم الطلاب الّا في حلبْ
فالزم حدودك يا غريب وﻻ تعد
أبدا الى التنسيق (فادي قد رسبْ)
فلقد فريت العلم في وطني كما
يفري جذور الارز منشار الخشبْ

وفي قصيدة ألقاها الشاعر المرموق خليل عجمي في دارة السيد مصباح الأمين مطلع هذا الشهر في قرية «مجدل سلم» ضمن المجالس الأدبية التي يرعاها السيد أحمد شوقي الأمين، وفيها يشكو سيارته القديمة التي أذاقته مرّ العذاب:
سيارتي ماذا بها لا أعرف لم يمض يوم فيه لا تتوقفُ
فكأنها ضنعت لتعذيبي فقط وكأنني بعذابها متصوّف
من أين أبدأ رحلتي في وصفها وهي التي لا شيء فيها يوصف!
سيارتي «هوندا» وماذا تنفع الهوندا إذا كانت بنا لا ترأف
هي لم ترحني في حياتي لحظة أبداً ولا يوماً بنا تتلطّف
وأنا لسوء الحظ ما سجلتها نظراً لما تسجيلها هو مكلف
ولأجل ما عانيت منها لم أزل عن دفع ميكانيكها أتخلف
سيارتي مهضومة لكنها لجميع أشكال التخلف متحف
ولقد تواضع شكلها حتى غدا منه يملّ الجاهل المتفلسف
ولعل أكثر من يعيرني بها بين الورى مسؤولنا المتخلف
لم أدر كيف تبدلت أحوالها حتى أتاها عصرها المتقشف
والله ما قصرت في تنظيفها يوماً ولكن شكلها لا ينظف
ولكثر ما جمع الهشيم دفاعها فبدا بها وكأنما هو معلف!
ولكثر ما أكل الزمان طلاءها ما عاد أصل اللون فيه يعرف
في جزئها الخلفي «طبوناية» من وحل قريتنا عليها شرشف!
وعلى غطا موتيرها معجونة صدأ الحديد بها فراحت تنزف!
ولها دواليب ضعاف أربع ذابت بها «الكوما» فراحت تردف
رفرافها: الله من رفرافها أمضيت فصل الصيف وهو يرفرف!
أما مصيبتها العظيمة في «الشتا» أرض مشققة وسقف يدلف
«فيتاسها» المنحوس يقرع دائماً أما محرّكها فطبل أجوف
إن قدتها نحو اليمين توجهت نحو اليسار وعكس ذلك أعنف
فإذا مشت فكأنها دبابة وإذا رست فكأنها مستوصف
أنا ما قصدت بها المدينة مرّة إلا وقلبي كان فيها يرجف
«ومكحكح» في السير قلت له اشترِ سيارتي فأجابني متأسف
فكأنني منذ ابتليت بهمّها وحدي بأحداث الزمان مكلَّف
لا يعشق البنزين «ريزفوارها» من كثرة الصرف الذي هي تصرف
ما خالها قرب المحل مصلّح إلا وراح لشكلها يتأفف
إن شئت تصليحاً لها لم أستطع تصليحها ضعف المعاش يكلف
أما «حدادتها» و«بويتها» إذا شغلت فيلزمني لذلك مصرف
كما من عبيط أحمق قد قال لي لِمَ لا تغيّرها فأنت موظف؟
فأجبته إن القناعة عندنا كنز كبير والتواضع موقف
والعيش في رفع الجبين إلى العلى في هكذا سيارة لي أشرف
سيارة «الهونداي» من سيارتي أغلى وأرقى في الموديل وأنظف
لكنما هي في الحقيقة لعبة يلهو بها المتصلف المتعجرف
تعساً لمن تلقاه في سيارة مقياس قيمتها الحديد الأجوف
والفخر كل الفخر في سيارة يختال فيها شاعر ومثقَّف

السابق
مطالب أنقرة
التالي
الشهداء الشرفاء