في وداع منح الصلح

المفكّر الكبير الأستاذ منح الصلح صفحة مهمّة تنطوي في سجل التاريخ الثقافي والسياسي في لبنان والعروبة، وهو بصورة خاصة المفكّر الأقدر على التقاط النبض الحيّ في عروق الوطن والأمة والتركيز على إشاعة هذا النبض، وصياغة الوصول إليه بصورة ذات فرادة أساسها الفكر السياسي الأصيل والرؤية الإبداعيّة على النحو الذي يمكن اعتباره أديباً ومفكّراً وكاتباً ومحدثاً لمّاحاً قلما يطرح موضوعاً أو قضية سواء عبر الكتابة أو عبر المشافهة إلا وتستقرّ في العقول وفي القلوب معاً.

واتّضح من توسّل الفلسفة البراغماتية لتأسيس الرؤى السياسية بشكل خاص والأدبية والاجتماعية بصورة عامة للراحل الصلح أنّه يمكن اعتباره مدرسة كاملة في مجال فكر النهضة وابتكار الوسائل المؤدية إليها.

إنّ لمنح الصلح فرادة لا يشبهه فيها أحد كمفكّر وكاتب ومحدّث منذ عقود طويلة، ومنذ أيام شبابه حتى اليوم أمكنه أن يراكم ثروة فكرية وسياسية بالرغم من أكثر هذه الثروة كان نتاجاً شفهياً لكن من خصائص هذه المشافهة أن لها قوّة التوغل في أذهان سامعيه، وخاصة النخب المثقفة منهم.

تراث منح الصلح سوف يبقى حياً وماثلاً ومصدراً حيوياً لصياغة الوطنية اللبنانية، وبالأخص لتكريس عروبة لبنان التي نهج فيها نهجاً مختلفاً عن النزعات القومية العربية المتطرفة، والنزعات الوطنية اللبنانية الانعزالية، ووجد في عروبة لبنان ضمانة لوطنيته ووجد في لبنانية لبنان ضماناً لعروبته.

رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما قدّمه من جهد ونكران للذات فهذا من سمات الرجال الكبار.

السابق
موقف عبداللهيان دعوة ايرانية لاسرائيل لحماية سوريا
التالي
لبنان ودّع منح الصلح بمأتم حاشد والتعازي في «متخرجي الاميركية» غدا وبعد غد