الجيش اللّبناني وخطر التشقق

في ظل الخطر الداهم في لبنان، والانشقاقات الثلاثة لجنود من الجيش، والشعور لدى بعض من أبناء الطائفة السنيّة بأن الجيش عدو أو أداة بيد العدو، لا بد من أن تأخذ قيادة الجيش الموضوع على محمل الجدية وتبادر إلى معالجته.

من بديهيات القول أن المؤسسة العسكرية تمثل عمود الخيمة لهذا الوطن، وبان الجيش اللبناني يكاد يكون اخر القواعد التي لا يزال بناء لبنان يتكئ عليه. كما وانه من السذاجة القول بان هذه الركيزة محصنة ولا يخشى عليها، وبانها بمنأى عن التشققات وبان خطر الانقسام الحاد والتجاذبات المذهبية التي تصيب المنطقة بأعاصيرها لن تصيبه.

فكلنا يعلم بان الجيش ما هو الا انعكاس طبيعي لمكونات هذا المجتمع اللبناني الموبوء والذي ما برحت “فايرس” المذهبية تنخر في جسده وبان المناعة الذاتية انما تأتي وتقوى عنده فقط من خلال المحافظة على التوازنات السياسية واستمرار الإبقاء على مكونات النظام السياسي .

وفي حال أي خلل او شلل قد يصيب الموزاييك اللبناني، فإن الجيش لن يصمد طويلاً قبل اصابته بالعدوى خاصة انها لن تكون المرة الأولى التي يتعرض لها جيشنا لمرض الانشقاق، وهنالك سابقة قد حدثت ابان الحرب الاهلية وما اطلق عليها حينها بانتفاضة 6 شباط 1984.

صحيح ان الانشقاقات التي حصلت في اليومين السابقين لا تزال ضمن خانة التصرفات الفردية وتكاد لا تشكل ظاهرة خطرة تهدد الموسسة بوجودها، الا ان ما نخشاه ونحذر منه هو ان تكون هذه الانشقاقات هي بمثابة القطرات الأولى التي تتسرب من فروج السد وتنذر بالخطر القادم اذا لم يتم تداركها.

فأن تحصل ثلاثة انشقاقات لجنود من الجيش اللبناني ويعلنون بعدها انضمامهم الي جهات تكفيرية ومنظمات إرهابية، لا يمكن للقيادة العسكرية ولا لما تبقى من مؤسسات دستورية ان تتغاضى عن حدث بهذا الحجم خاصة ان المنطقة تمر بحالة من الغليان المذهبي مترافق بشعور يجتاح شباب الطائفة السنية بان جيشهم ما هو الا أداة طيعة في ايدي حزب الله الشيعي عبر سيطرة هذا الأخير على مراكز القيادة فيه وبالأخص على مخابراته العسكرية.

هذا الشعور وبغض النظر عن صحته او عدمه الا انه موجود وآخذ بالتعاظم لدرجة فقدان الثقة وهذا ما يفسر تعرض دوريات الجيش ومراكزه في الشمال الى هجمات شبه يومية لانه تحول بنظر قسم من هذه البيئة الى ما يشبه العدو او على اقل تقدير الى بندقية في يد العدو.

وعليه فان على قيادة المؤسسة العسكرية مسؤولية كبرى في هذه اللحظة التاريخية  بتحييد مؤسسة الجيش عبر خطوات وقرارت تعيد جسور الثقة الى كافة شرائح المجتمع  وتكفل عودة الجيش اللبناني كمؤسسة تعامل كل المواطنين بشكل متوازي وفقط على ضوء القوانين المرعية الاجراء وتجنب كل ما يمكن ان يعزز الشعور بالانحياز الى أي طرف، والا فان ما ينتظرنا بالقادم من الأيام هو خطر حقيقي.

 

السابق
الحريري: منح الصلح خسارة لمن عرفه وواكبه وتعلم على يديه
التالي
النزاهة في لبنان حلم ليلة صيف