من معركة عرسال الى معركة بريتال فماذا بعد؟

كتبت النهار: أيا تكن المعطيات المعلنة وغير المعلنة لوقائع المعركة المفاجئة التي حصلت امس في جرود بريتال فإنها تقاطعت على الأقل عند تطور مباغت في مسار آخذ بالخطورة عسكريا وأمنيا من زاوية تمدد التصعيد على الجبهة الشرقية للحدود اللبنانية مع سوريا .

هذا التطور الذي جاء في ثاني ايام عيد الأضحى اتسم بالطابع المفاجئ من حيث فتح محور ثان للمواجهة وهذه المرة مباشرة بين مسلحي جبهة النصرة وداعش ناقلا المواجهة الى نقطة جغرافية تمس مباشرة بمواقع الحزب المتقدمة في جرود بريتال .

غير انه لم يكن مفاجئا بالمطلق بالنسبة الى التوقعات التي سبقته ولا سيما على لسان قائد الجيش العماد جان قهوجي لجهة التحسب لنشوب مواجهة جديدة مع احكام إجراءات الجيش بالفصل بين بلدة عرسال والمنطقة الجردية وتاليا سد منافذ التموين الغذائي والاستشفائي على المسلحين المتحصنين في المناطق الجردية في وقت بات معه عامل الطقس على مرتفعات شاهقة يضع هؤلاء في موقع حصارين عسكري وطبيعي ويدفعهم الى عامل الهجوم .

مع ذلك اتسمت المواجهة التي حصلت في جرود بريتال بطابع شديد الالتباس تعذر معه حتى الان على الأقل استكشاف مجمل المعطيات الميدانية التي تسببت باندلاع المواجهة علما ان المعطيات التي تم تداولها إعلاميا تحدثت عن تمكن “حزب الله” من صد هجوم للمسلحين ووزعت صور على مواقع إخبارية ومواقع تواصل اجتماعية تظهر للمرة الاولى التعزيزات من مقاتلي الحزب في طريقهم الى مناطق المواجهة في جرود بريتال كما تظهر بعض الأعتدة والأسلحة التي تركها المسلحون في ارض المعركة .

وبحسب المعلومات التي توافرت عن المواجهة فان مسلحي النصرة وداعش شنوا هجوما من محاور عدة انطلاقا من جرود عرسال مرورا بعسال الورد على مواقع للحزب في جرود بريتال ولا سيما منها تلة عين الساعة التي شهدت المعركة الأقسى بين الطرفين.

واذ تضاربت المعطيات عن حقيقة ما جرى في هذه التلة تحدثت بعض المصادر عن تمكن مسلحي النصرة وداعش من السيطرة على التلة لفترة نصف ساعة قبل ان يتمكن مقاتلو الحزب من صدهم وطردهم منها بعدما سقط له فيها اربعة قتلى وبضعة جرحى فيما أفادت الاوساط القريبة من الحزب ان المسلحين تكبدوا عشرات الخسائر البشرية بين قتلى وجرحى وأن قياديا بارزا في جبهة النصرة هو محمد خالد حمزة صهيب قتل في المعركة ونقلت جثته الى مستشفى الرحمة في عرسال .

كما تحدثت وسائل إعلامية عن أسر عدد من المهاجمين او احتفاظ الحزب بعدد من جثث المهاجمين ولكن اي معلومات مؤكدة لذلك لم تتوافر.

واشارت المعلومات الى ان الحزب استعاد السيطرة الكاملة على تلة عين الساعة بعد ساعتين من الاشتباكات التي ظلت محصورة بينه وبين المهاجمين فيما أفيد عن استنفار واسع للجيش في مختلف المناطق في البقاع الشمالي ورصدت استعدادات عسكرية واسعة تحسبا لكل الاحتمالات لكن لم يكن للجيش اي دور في هذه المواجهة المباشرة بين الحزب والمهاجمين .

هل قررت التنظيمات المسلحة توزيع محاور المواجهة بعدما منيت هجمات عدة قامت بها في منطقة القلمون السورية في الايام الاخيرة بالإخفاق كما تردد، ام ان الحزب قام بخطوة ما استباقية واستدراجية ؟

بدا من الصعوبة بمكان الخوض في اي تكهنات وخلاصات متسرعة حيال هذا التطور في انتظار مزيد من الرصد الميداني لهذه الجبهة التي يبدو انها باتت على صفيح ساخن جداً بما سيضع سائر المسؤولين الرسميين والعسكريين والأمنيين ومعه سائر القوى السياسية امام وقائع ساخنة متحركة تملي التعامل معها بواقع استنفار سياسي وأمني وعسكري تحسبا لكل احتمالات تجدد المواجهات او تمددها علما ان الامر لا يبدو منفصلا عن احتدامات وغليان في الوقائع العسكرية الجارية في سوريا والعراق .

اما التداعيات التي خشي كثر من ان تنسحب على مسالة العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية فلم يبرز حتى ليل امس ما يوحي باي جديد في شانها الا إشارة واحدة حملها تلقي عائلة الجندي علي البزال اتصالا مباشرا منه، وكشفت زوجته رنا فليطي لـ” النهار” انه طمأنها الى وضعه مع رفاقه طالبا الاستمرار في قطع الطرق وعدم التعرض للنازحين السوريين محذرا من التعرض لهم سيضعه ورفاقه في وضع خطر.

السابق
معارك طاحنة بين «حزب الله» والنصرة في البقاع
التالي
كوباني في مرمى «داعش» وواشنطن تنعى أول قتلاها