معايدة على الطريقة الطائفية اللبنانية

معايدة
ينشر موقع جنوبية مقالا نقديا ساخرا اجتماعيا وسياسيا يكتبه الشيخ بلال موّاس، من وحي يومياتنا والأمور الّتي تصادفنا يومياً، ولها علاقة بالنسيج اللبناني الاجتماعي. والمقال هذا الأسبوع معايدة من نوعٍ آخر.

اليوم عيد الأضحى المبارك، فكل عام وأنتم بخير سنياً، نعم. بالضبط . كما هي. لا يوجد أي خطأ ولا يوجد أي تعصب طائفي، فاليوم هو عيد الأضحى لدى الطائفة السنية الكريمة.

وعلى سيرة الكريمة، فإن الأشياء تعرف بأضدادها بمعنى أنه إذا كانت هناك طائفة “كريمة”، إقتضى بالتالي وجود طائفة أخرى “بخيلة” أو “خسيسة” وهذا ما لا تجده في لبنان، فكل طائفة موجودة فوق أرضه هي طائفة “كريمة” حسب ما يصرح به جميع الزعماء والمسؤولين السياسيين، وبالتالي فإنها تأكيد المؤكد، وطالما أنها صفة عامة لكل الطوائف، فلماذا تُكر وتعاد مع كل ذكر لطائفة ما؟ ولماذا إرفاقها مع كل تسمية طائفية يستخدمها صاحبها أصلا في معرض تمييز أو تعصب إلا إذا كان أراد تمرير هذه الصفة “الجميلة” لتغطي على “بشاعة” نيته ومقصده من العبارة الأساسية، وإلا فإن استخدام هذه الكلمة “الكريمة” بشكل لا لزوم له، يسمى في علم المصطلحات أو يكاد يسمى بالـ”حشو” !!

وعوداً على ذي بدء، في ما خص المعايدة الطائفية، فهي لا بد منها، لأن لبنان يضم 17 طائفة، ولكل منها أعيادها ومناسباتها الدينية الخاصة، قد يشترك طوائف في بعض منها، وقد يتشارك أديان في بعض آخر، وقد تنفرد كل طائفة بمناسبات لا تمت سوى لطائفتهم بِصِلة.

فاليوم، هو عيد الأضحى المبارك لدى الطائفة السنية، وغداً الأحد، هو عيد الأضحى المبارك لدى الطائفة الشيعية، فيمكننا حينها القول “كل عام وأنتم بخير شيعياً”، والخلاف في الأيام بين السنّة والشيعة قائم منذ زمن، في رمضان، يوم صوم السنة وعيد فطرهم وذكرى المولد النبوي الشريف وعيد الأضحى غير يوم صوم وفطر ومولد وأضحى الشيعة، ولا أدري إن كان سيستمر هذا الخلاف إلى يوم القيامة، هذا اليوم الوحيد الذي قد يتوحد عليه السنة والشيعة، المسلمون والمسيحيون، فهو سيحدث لمرة واحدة فقط، تنتهي معه هذه الحياة نهاية أبدية.

ولو عرّجنا قليلاً إلى باقي الطوائف لوجدنا أيضاً خلافات في مناسبات أخرى لدى طوائف أخرى، فهناك الجمعة العظيمة للطوائف المسيحية الشرقية، تختلف في ميقاتها عن الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية الغربية ورأس السنة المسيحية عامةً ، تختلف عن رأس السنة الميلادية الأرمنية.

بل حتى الأعياد، لوثتها أيادي السياسة وعبثيتها إذا أدخلتها وأرغمتها على الخضوع لمعادلة ستة وستة مكرر، فأوجب على الجمهورية المنوعة بمذاهبها وطوائفها، أن يكون عدد أيام أعياد المسلمين، مساوٍ لعدد أيام أعداد المسيحيين ، ولا أدري ما العبرة في ذلك ولا أين يقع الظلم إن كان لدى طائفة أو دين، أعياد أكثر من الطائفة الثانية؟ خاصةً أن الأعياد الدينية تكون موجودة ومعروفة منذ مئات السنين وليست وليدة يومٍ أو أيام من الانقسامات الطائفية والتعصبات المذهبية.

أخرجوا الأعياد من عباءة السياسة .. أبعدها عن كل ما يسيء لها مادياً أو معنوياً ، ما دخلت السياسة في شيء إلا وأفسدته، فأفسدت علينا رهجة العيد وبهجته، وسرقت منا ابتسامة أيامٍ تم اختلاسها من روزنامة الأعياد بحجة التوازن الطائفي في توزيع الأعطال.

وختاماً، فإن العيد اللبناني الأساسي، هو عيد الاستقلال والجلاء عيد استقلالنا عن رؤوس الطوائف الفاسدين المتاجرين بنا وعيد جلاء هذه الطبقة السياسية الفاسدة عن صدور اللبنانيين.

السابق
رئيس اركان الجيش الاسرائيلي يهدد حزب الله ولبنان
التالي
الحراك الشبابي الفلسطيني… والهجرة