عيدنا هذه السنة «صوفر يا ديك»: من سرق منا الفرح؟

عيد الأضحى
كان العيد في السنين الماضية فرحة تعمّ المواطنين، بحيث يزورون بعضهم، أما اليوم فقد أصبح العيد هو أن يؤمن كل فرد قوته اليومي، وأن يرجع إلى بيته معافى وبصحة جيدة.

ي السنين السابقة، كنّا عندما ينتهي شهر رمضان المبارك ويأتي “عيد الفطر”، نبدأ سريعاً بالتحضيرات اللوجستية للعيد الكبير “عيد الأضحى”. وقبيل العيد بأيّام، كنا ننتشر مع أهلنا في الأسواق لنتبضّع من لوازم الأعياد من ملبس، ومأكل ومَشرب، وأدوات الفرحة التي تعترينا في ذلك اليوم. كنت عندما تخرج قبيل العيد ترى مظاهرات شعبية، تجول في الشوارع، عجقة سير خانقة، الطرقات مزدانة بزينة الحجاج والعيد.

أما في أيامنا المعذّبة هذه، وحتى منذ 5 سنين مضت، فأنك حتماً لا تشعر في العيد، أو أن عيداً قد أقبل عليك. فأنا شخصياً البارحة عرفت أنّ عيد الكبير نهار السبت، من دون مبالغة في الأمر، فالجوّ العام لا يوحي بالفرحة إن كان في لبنان أو خارج لبنان. وحتى أنني لم أرى زينة حجّاج، هنا يطرح سؤال مشروع: هل ألغوا الحج هذه السنة أم الناس لم تعد تملك مالاً لتكاليف الذهاب إلى الحج؟

يبدو أن الناس لم تعد تصدّق أنّه سيأتي بعض الأيام الّتي يفرحون بها، وذلك من كثرة الهموم والشجون والشؤون الذيالتي تشغل تفكيرهم. فمثلاً، يأتي هذا العيد على أبواب تهديد “داعش” بتفجيرات وإشعال النار في كل المناطق اللبنانية. وأيضاً يأتي هذا العيد على أبواب تنفيض الأهل من تلقاء دفع رسوم تسجيل للمدارس، وإحضار القرطاسية و”الكوستيم” وبعض الهرطقات المدرسية المطلوبة. يأتي هذا العيد في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية، فمعظم المواطنين راتبهم على قياسهم بل أقل، لا يستطيعون التنفس خارج المنزل، عيدهم الوحيد أن يحصلوا على قوت يومهم وأن يرجع أولادهم من المدارس والأشغال بخير وعافية.

يأتي هذا العيد وكلّ المواطنين يعتذرون على تهنئة أحد، تلك المرأة الثكلى مقتول ولدها في سوريا، وذلك مذبوح من قبل “جبهة النصرة” و”داعش”، وأولئك وقعت بهم الطائرة، وذلك أصيب برصاص طائش عندما كان الزعيم المبجل يتكلم، أو قتل بالانفجار سيارة ما كانت مركونة على الطريق لحظة مروره من المكان.

ناهيك عن بعض الشباب العاطلين عن العمل واللاجئين إلى الحبوب المخدّرة والتشليح العلني، هؤلاء الشباب أصلاً لا يعلمون أن العيد مقبل. ويأتي هذا العيد، في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية اللبنانية العربية، ومجلس الوزراء المنتهي الصلاحية أو العاطل عن العمل، ناهيك عن أحد هرطقات العصر والضحك على اللحى بحيث تشعر أنك مواطن “حمار”، طبعاً أتكلم عن التمديد للمجلس الأمّة الموقّر.

وعندما تنزل إلى الشوارع لتستحضر الأيام الحلوة الماضية، ترى المَحال خالية من البشر “صوفر يا ديك”، لا أحد أو ربما ترى بعض الناس الذين يعاينون البضاعة فقط. فكلّ البشر خائفة من الوضع الأمني الخطير رغم الطمأنينة الفارغة الذين يملونها علينا هذا من جهة. ومن جهة ثانية أنهم لا يملكون المال لكي يبتاعوا بعض الأشياء اللازمة. فكل المَحال تشكي أمرها إلى الواحد الأحد عن التدهور الحاصل في هذا البلد.

أصبحت العيد اليوم، هو أنك تؤمن المأكل والمشرب لعائلتك، وأن ترجع إلى بيتك سالماً غانماً.

فعن أيّ عيد يا سادة يا كرام تتكلمون؟

السابق
على من وحول ماذا يتفق جنبلاط وعون؟
التالي
قزي:اذا دخلنا في منطق التنازل والمقايضة على قضايا اساسية فالعوض بالسلامة