اليمن نموذجاً للصحوة الإسلامية

رسمت التطورات الأخيرة في اليمن والاتفاق الموقع بين المتنازعين خريطة مستقبله. وبدأت الازمة الداخلية في البلد عام 2003 حين اتخذ شيعة الزيدية مواقف ضد أميركا واسرائيل، وقتل عدد كبير منهم في الاشتباكات. وساهم تنظيم «القاعدة» وأميركا وجهات اقليمية من طريق التعاون مع الحكومة اليمنية، في الوقوف امام مطالبات الشيعة. وفي 2007 أبرم الجانبان اتفاق سلام لم ينفذ. وفي 2008، اقترحت قطر مبادرة سلام بينهما. وفي 2009 اعلن الرئيس علي عبدالله صالح ان الثوار الشيعة لا يرغبون في السلام والأمن، وشن هجوماً عسكرياً عليهم لعبت فيه دول في المنطقة ومصر دوراً بارزاً. وفي الحوادث الاخيرة، لم يكن امام النظام الا الرضوخ امام حركة احتجاج الشعب اليمني.

وفي انتظار تشكيل الحكومة، تسيطر لجان شعبية علی العاصمة صنعاء. فالثوار اليمنيون قلقون من تكرار احداث 2011 ومصادرة مجموعة صغيرة لثورتهم. لذا، ألقت اللجان القبض علی المسؤولين عن جرائم استهدفت يمنيين وسلمتهم الى القضاء. ولعل من ابرز العوامل وراء هذا النهوض الشعبي العام شعور المواطنين بأن الحكومة ارتبطت مصالحها بمصالح دول اجنبية، وأخفقت الحكومة في تقديم خدمات لشعبها وقرارها السياسي ليس مستقلاً.

لكن السؤال هو لماذا ثارت اوساط شعبية واسعة وتحالفت مع حركة الحوثيين ضد الحكومة؟ الحوثيون هم من القبائل اليمنية الكبيرة التي تشكل 40 في المئة من الشيعة الزيدية. لكن المطالب التي رفعوها كانت واسعة وثيقة الصلة بمطالب الشعب اليمني كله. فارتسمت معالم جديدة للحركة السياسية والاجتماعية في اليمن. وساهم فشل الحكومة في ادارة الأوضاع والأزمات في صنعاء، وتعاطف الجنوبيين من كل الطوائف مع حركة الحوثيين، في رسم معالم المرحلة المقبلة. وتحمل الشيعة طوال اعوام ضغوطاً سياسية واعلامية كبيرة، ونزل بهم حرمان ثقافي وخدماتي وسياسي لكن دورهم في الحوار الوطني وصوغ الدستور اليمني لا ينكر.

وفي سياق صحوات شعوب المنطقة، كان من المفترض ان تنأى الشعوب عن الولايات المتحدة واسرائيل للحؤول دون تحرك رموزهما وبيادقهما في صفوف الثوار من أجل سرقة الثورة. لكن ما يدعو للأسف هو ان بعض قادة الصحوات الذين استمالوا اوساطهم الاجتماعية، انحازوا الى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بذريعة تحييد العناصر القومية والعسكر.

وتبدو الأيام واعدة إثر انجازات الشيعة في صعدة. فهم نجحوا في اسقاط الحكومة واجبار النظام علی تحقيق مطالبهم. وسعت الحكومة اليمنية الی الاستفادة من الأحداث وترجيح كفتها على كفة مصالح المواطنين. وسعى النظام الى الضغط علی الثوار وحملهم على توقيع الملحق الأمني، لكنهم رفضوا وتمسكوا ببنود الاتفاق الموقع. وينص الملحق الامني على ضرورة انهاء الازمة السياسية وتمكين الحكومة من السيطرة علی المناطق اليمنية وطي الاضطرابات في المدن وتسليم السلاح الى الحكومة. واذا تنصل النظام من تنفيذ الاتفاق الأخير، فإن المرحلة المقبلة لن تشهد سقوط الحكومة بل إسقاط النظام كله.

لذلك، ثمة ما يدعو إلى التفاؤل بسماع أخبار جيدة. فالحوثيون يغيّرون موازين القوی في المنطقة لمصلحة الثورة الإسلامية (الإيرانية). واليمن يحقق أهداف الصحوات الإسلامية التي نشأت في المنطقة في السنوات الاخيرة. هذه التطورات تستطيع إفشال المخططات الأميركية والبريطانية والغربية في المنطقة، تحديداً في العراق والشام.

http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/4850885

 

 

 

السابق
حزب الله والمستقبل على طاولة واحدة: انفجار عرسال!
التالي
العبادي: أعارض مشاركة دول عربية في الجهد الجوي ضد داعش