صيدا والساحات المشتركة

هاني فحص
أثبتت صيدا مجدداً انها عابرة للطوائف ومدينة حاضنة لجميع المذاهب. اذ تقبّلت «بوابة الجنوب» واجب العزاء بالراحل الشيخ هاني فحص. مرة جديدة أثبت صيدا وسكانها انه يمكن فتح كوة نور عابر للطوائف اذا قرر اللبنانيون ذلك.

كان ليوم تلقي التعازي بوفاة السيد هاني فحص في مركز التنمية والحوار في مجدليون صيدا يوم الجمعة 26 أيلول 2014 الماضي دلالة خاصة. إذ شارك بواجب العزاء جميع ألوان الطيف السياسي في مدينة صيدا، كما شارك الصيداويون بمختلف طوائفهم.
يبدو أن هذا الحدث الاستثنائي يؤشر لمسألة هامة في المدينة، وهي أن المساحة المشتركة بين اللبنانيين ما زالت ممكنة على الرغم من الشحن المذهبي والطائفي المستعر منذ سنوات. رجال دين من مختلف الطوائف، قوى سياسية واجتماعية من فئات مختلفة كانت هناك.
إذا كانت حوادث حزيران 2013 (أحداث عبرا) قد سرّعت تصاعد الخطاب المذهبي في مدينة صيدا وجعلها تنضم للوضع اللبناني العام، إلا أن الحدث الأخير أعطى ومضة أمل بأن التيارات المتطرفة الإسلامية لم تسد في المدينة، وما زال التيار المذهبي السنّي الصيداوي المعتدل يشكل الأغلبية وهو تيار يقبل بالآخر. وهذا التيار يتصرف على أساس أن صيدا هي مدينة التنوع ويجب أن تبقى كذلك، وأنها مدينة الحوار، حتى لو عاشت لحظات تعصب وعداء وأن التراجع والانهيار الذي شهده الموقع الديمقراطي الوطني في المدينة لم ينه هذا الموقع، وأن وهن ولم يعد يشكل رافعة فعلية.
التعصب والتطرف من جانب، يغذي التطرف والتعصب من الجانب الآخر، وإذا كنا وكما يبدو أن الموقع الوطني للمدينة قد أفل لكن الاتجاهات التسووية الطوائفية ما زالت موجودة وصيدا لم ولن تكون جزيرة معزولة عن المحيط اللبناني، بل هي متشابكة بالمصالح والمصير.
مناسبة التعزية بالسيد هاني فحص وهو رجل الدين المسلم الشيعي، في مدينة صيدا لم تقتصر على أربع ساعات، بل هي امتداد لأعوام من النضال والعيش الواحد والحوار بين مكونات المجتمع، وإذا كان المشروع الوطني الديموقراطي غير ممكن حالياً، لكن التسوية الطوائفية التي تسمح بإعادة بناء مساحات مشتركة بين اللبنانيين ما زالت ممكنة وصيدا طليعية في هذا المضمار

السابق
لبنان «المهضوم» يتقن السخرية ويبقى عصيّاً على الثورة
التالي
الشيخ حسين عطوي: هكذا أطلقتُ الصواريخ على إسرائيل (1/2)