ما هي الكلفة الاقتصادية لازمة العسكريين الاسرى وقطع الطرق الى البقاع؟

ان لم تشفقوا، على اهالي عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي الاسرى في قبضة “جبهة النصرة” و تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”، فارأفوا بمحافظة البقاع، انها تحتضر اقتصاديا، ارحموا مواطنين يقاسون الامرّين في تنقلاتهم من البقاع واليه. اهالي الاسرى يقطعون الطرق الى البقاع، ويعزلونه عن باقي لبنان، ليبعدوا السكين عن رقاب ابنائهم، وانتم تذبحون منطقة باكملها، عندما تتصرفون كأنها منفصلة عن الوطن، لا وزن لها ولا قيمة، بتلكؤكم في حلّ قضية الاسرى، لتفكوا اسرها. وان لم تشفقوا، ولم ترأفوا ولم ترحموا فخافوا غضبهم، انها ثورة تعتمل بالقلوب، بلغ الحقد الذروة. لو تسمعون، ماذا يقول عنكم مواطنيكم، يا حكومة ومجلس نواب، يا زعماء واحزاب، باي صفات ينعتكم الناس جهارا نهارا، انهم يشتمونكم ويكيلوا دعوات، تقشعر لها الابدان، عليكم وعلى اولادكم وعلى احفادكم. كل يوم تسجل مواجهات بين اهالي الاسرى المواطنين على الطرقات المقطوعة، يقال للاهالي من الكلام ما يهدّ الجبال، فيردّون الصاع صاعين. هددهم احد المواطنين بالدهس، فكادت والدة احد الاسرى ان تشقّ رأسه بحجر. قالها حسين يوسف والد الاسير محمد يوسف “اتنتظروننا لنقتل بعضنا البعض؟”. وتتلذذ “جبهة النصرة”، كما تنظيم “الدولة الاسلامية” بمشاهدة مأساة اللبنانيين منقولة مباشرة عبر وسائل الاعلام، وكلما شعرا بان اهالي الاسرى تعبوا من قطع الطريق، يرسلون لهم التسجيلات الصوتية والفيديوهات التي تهدد حياة ابنائهم. وينك يا حكومة؟ انهم يحكمون لبنان من جرود عرسال.

فما هي الكلفة الاقتصادية لازمة العسكريين الاسرى وقطع الطرق الى البقاع؟

لم يبق قطاعا اقتصاديا في البقاع، لم يتضرر جراء استمرار ازمة الاسرى وقطع الطرق، من صاحب “الكشّة” الى جانب الطريق وسائق الاجرة الى اكبر المستثمرين في الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة والخدمات. ما عاد الناس قادرون على العضّ على جرحهم، وويلهم ان يرفعوا الصوت في وجه اهالي الاسرى، يتعاطفون مع معاناتهم يتفهمونها، لكنهم يطالبونهم في الوقت نفسه ان يقدروا معاناة منطقة باكملها. وعندما يقال لهم بان الحل هو في يد الحكومة، فلماذا لا يتوجهون اليها؟ يستهزأ الناس بهذا القول، “وين في حكومة؟ وهل تفرق معها الناس؟”

البقاع في ذروة انتاجه الزراعي، الف طن يوميا يفترض ان تذهب الى الاسواق المحلية لا تجد لها سبيلا الى بيروت وصيدا وصور، فيبقى الحمل على الشجرة، وعلى الدالية. ليس التصدير الخارجي بحال افضل، فالشحن برا يجري التضييق عليه من قبل السلطات الاردنية. الف شاحنة مبردة تنقل انتاجا زراعيا بقاعيا عالقة عند الحدود الاردنية. الامر الذي جعل الطلب على شاحنات النقل الخارجي يفوق المتوفر منها، فتضاعفت اجور النقل من 1900 دولار للشحن الى الاردن الى 3500 دولار، بحسب رئيس تجمع المزارعين في البقاع ابرهيم ترشيشي.

بحجة التفتيش، يجري انزال الانتاج الموضب من البرادات الى درجة حرارة تفوق ال 30. 10 ايام تبقى الشاحنة منتظرة لتدخل الحدود الاردنية، وبالتالي فان الرحلة التي كانت تستغرق 24 ساعة من شتورا الى عمان، باتت تستغرق 12 يوما، و20 يوما الى السعودية بدل اسبوع. فتتلف البضاعة، وتتأخر بالوصول عن المواعيد التي التزمها المصدرون اللبنانيون في العقود الموقعة مع التجار. كل هذا ولم تتدخل الحكومة لدى السلطات الاردنية لتخفف من اجراءاتها” يشكو ترشيشي.

والى مشكلة الشحن البري، اضيفت ازمة قطع طريق ضهر البيدر بشكل مستمر، وقطع طريق زحلة – ضهور شوير من حين الى آخر، الامر الذي قطع المتنفس الباقي لشحن الانتاج الزراعي البقاعي بحرا وجوا.

“ذبحونا بقطع الطرقات، دمرونا تدميرا” يقول المهندس الزراعي بشار برو، موضحا بان الاشهر الممتدة من تموز الى تشرين الاول هي ذروة موسم التصدير الانتاج البقاعي، لان الاسواق الخارجية تكون قد خلت من مزاحمة الانتاج المصري والخليجي. ويضيف بانه اذا “كان بامكاننا ان نجعل سائق الشاحنة ينتظر، فان للطائرة والباخرة مواعيد ثابتة للاقلاع والابحار”. ويتابع بان “زنة مستوعبات الشحن البحري مع حمولتها المنقولة على شاحنات تصل الى 50 طن، وبالتالي لا يمكنها ان تسلك طرقات فرعية، ولا حتى طريقا مثل ترشيش- ضهور زحلة. فيما كلفة النقل 300 دولار عن كل يوم، وكل تأخير ليوم اضافي يضاعف الكلفة 300 دولار، هذا اذا رضي السائقون بان يقدموا الى البقاع”.

اما بالنسبة للشحن جوا، فانه يشرح بانه “يتعين على الشاحنات المحملة بالانتاج الزراعي ان تكون عند الثانية بعد الظهر في المطار، وعليه فان الشاحنات تضطر ان تغادر البقاع عند الثامنة صباحا، عبر طريق جزين، وتستغرق رحلتها 4 ساعات ذهابا و4 ساعات اضافية ايابا الى البقاع” الى جانب تحميلها في ساعات الصباح الاولى. ويضيف بان كل ذلك يؤتر سلبا في نوعية الانتاج، ويؤدي الى ارتفاع في كلفة توضيبها ونقلها، ناهيك عن المشاحنات مع الزبائن، فالاجانب لا يستوعبوا مدى سؤ الحال في لبنان، وهذا كله يعطي صورة سيئة عنا، ويضرّ بمصداقيتنا”. ويختم اخيرا بان “الاسبوع المقبل هو اسبوع عيد الاضحى، موسم يعوّل عليه المزارعون لتصريف انتاجهم. سيكون قاتلا استمرار اقفال الطريق”.

من الزراعة الى القطاع السياحي، ذاك المرتبط بالاستقرار الامني المفقود في البقاع. فبعد موسم صيفي عاطل جراء الخضات الامنية، فان النفس الاخير الذي يشكله شهر ايلول الذي هو نهاية الموسم، قضت عليه ازمة الاسرى وقطع الطرقات. وذلك فق ما يشير افرام جيفي، المدير الاداري لفندق مسابكي واحد المستثمرين فيه. ويوضح ان اولى تداعيات قطع الطرقات هو خسارة الرواد القادمين من خارج البقاع. ويضيف: “خسرنا ورش العمل والتدريب التي تقيمها الشركات لموظفيها في الفندق، فلا الشركات باتت تحجز، ولا الموظفين يرغبون بالانتقال الى البقاع”. مشيرا الى ان “شركة بقاعية اقامت مأدبة غداء في الفندق ل 300 مدعوا من انحاء لبنان، لم يحضر منهم سوى 125″. ويمضي معددا الخسائر ” حجز الغرف عاطل جدا. المطعم في حديقة الفندق، تأثر بشكل كبير، ذلك ان 80 بالمئة من رواده من خارج البقاع. فيما الاحتفالات التي يقيمها اهالي المنطقة الى تراجع، ومحصورة، لان الناس غير مطمئنة. في وقت مصاريف الفندق هي نفسها، طاقمه يعمل بدوام كامل، لا يمكن تسريح احدا منه، لانه عنصر استثمرت فيه تدريبا، ولا يمكن خفض معاشه لان الاحوال المعيشية اصلا سيئة. بل ان المصاريف الى ارتفاع، جراء تزايد ساعات التقنين بالكهرباء وبالتالي الاعتماد المتزايد على المولدات الخاصة بالفندق”.

ويقول جيفي: “نحن نعوّل على 4، 5 اشهر عمل في البقاع لتغطي لنا ارباحها الاشهر الثمانية المتبقية من السنة. ولكن بمراجعة ارقامنا لهذا الموسم فان الوضع سيء جدا”. موضحا بان “الاوضاع ساءت 80 في المئة عن العام 2012، اي بزيادة 50 في المئة عن 2013 الذي سجل تراجعا بنسبة 30 في المئة عن عام 2012”.

ويلفت الى ان “المشكلة باتت اكبر بكثير من خضات امنية، نتحمل خسائرها ونتجاوزها”. مضيفا “انا استثمرت وعلقت”. ولا يتوقع الصمود طويلا “اذا استمرت الاوضاع بالتدهور”.

رجل الاعمال ميشال ضاهر، الذي يستثمر مبالغ طائلة في بناء اكبر مصنع في الشرق الاوسط تحت مصنعه “ماستر تشيبس” في الفرزل، هو من ادى قطع الطرق الى احتجاز 15 مستوعبا لمصنعه في المرفأ، يدفع يوميا ايجارهم مئات الدولارات، وعلى الرغم من ذلك يقول: “تجاوزنا مرحلة القلق على الوضع الاقتصادي، بات قلقنا وجوديا، الناس مذعورون من الآتي”.ويضيف انه “في الاقتصاد تخطط للمدى البعيد، وتضع في حساباتك المشكلات، بخاصة في لبنان، فنحن نتعايش مع المشكلات، لكنها كانت مشكلات آنية. اليوم لا شيء يضمن بانها لن تتفاقم الى ما هو اسوأ”.

السابق
Lip Gloss لخسارة الوزن!
التالي
المفتي دريان يلتقي وفداً من حزب الله